الصادق الرزيقي

كسبنا الرهان


> انتهت الانتخابات بسلام وأمان.. مرت مرَّ السحاب، بلا صعوبات وعوائق أو مشكلات، وأجمع كل المراقبين الدوليين على أنها كانت سليمة ومعافاة، وتمت بسلاسة وتتوافق مع المعايير الدولية، ونسبة الإقبال عليها هي النسبة المقبولة دولياً، بل فاقت نسب المشاركة في الديمقراطيات العريقة في العالم.
> وتنفس الشعب السوداني الصعداء لنجاح تجربته وتحقق أهدافه منها، وكسب هذا الشعب رهانه على وعيه وتفوقه في إدراك مصالحه الحقيقية. فلم يعكِّر صفو الانتخابات، إلا أحداث قليلة ومحاولات يائسة قامت بها القوى التخريبية المندحرة في جنوب كردفان لتعطيل عملية الاقتراع وتعويقها.
> تبخرت أوهام وأحلام المعارضة والأحزاب التي قاطعت الانتخابات، وكرعت كؤوس الفشل، ولم تستطع هذه الأحزاب الخائرة وضجيجها الذي ملأ الآفاق وقف خروج الشعب لممارسة حقه الدستوري لاختيار رئيسه ونوابه في المجلس الوطني والمجالس التشريعية الولائية، وارتد كيد الأحزاب إلى نحورها، وطاش سهمها وخاب فألها، وانقضت أيام الاقتراع وبات السودان على أعتاب مرحلة سياسية جديدة، بعد إعلان النتائج..
> يحق لنا كسودانيين أن نفخر بهذه التجربة رغم الشد النفسي والذهني طوال أيامها، فقد شهدها عدد كبير من المراقبين الدوليين وبعثات تمثل المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، مثل الاتحاد الإفريقي، والجامعة العربية، والكوميسا، والبرلمان الأفريقي، والإيقاد، والمنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية، واتحادات المحامين والصحافيين من أرجاء العالم المختلفة، وهيئات رقابة دولية وممثلي دول صديقة ذات تجارب راسخة في مراقبة الانتخابات.
> وبشهادة هؤلاء جميعاً، ومن واقع التقارير الأولية للمراقبين خاصة الاتحاد الإفريقي الذي قدم تقريره النيجيري السابق أوباسانجو الذي قاد بعثته.. وتوالت العديد من التقارير والمؤتمرات من فرق المراقبين الدوليين تتحدث كلها في شبه إجماع على أن الانتخابات متوائمة مع المتفق عليه دولياً من معايير، وأنها تمت في أجواء جدية وبإجراءات سلمية، ولم تشُبها شائبة تطعن في نزاهتها وشفافيتها، ولم تكن هناك إلا بعض الملاحظات في المسائل اللوجستية أو التقصير المحدود في مسائل ليست رئيسة تتعلق بالعملية نفسها.
> كل الذين تمنوا أن تفشل هذه الانتخابات، أو توقعوا ألا تنجح وأن تكون تقارير للمراقبين الدوليين تشكك في نزاهتها، قد خانهم هذا الرجاء، فليس هناك أحسن مما حدث من ناحية الإقبال ونسبة التصويت، لكن الأحسن والأفضل دائماً، وتفوق فيه الشعب السوداني أنه بكل أزماته وقضاياه وأوضاعه الضاغطة استطاع خوض الانتخابات بسلاسة وسلام دون أن تُراق نقطة دم واحدة أو تُطلق رصاصة أو تُسجل مشاجرة أو بلاغات، ولولا ما أقدمت عليه قوات قطاع الشمال بالحركة الشعبية وما يسمى الجبهة الثورية في جنوب كردفان، وهو كان متوقعاً، لسجلت بأنها الانتخابات الأنظف في المنطقة والأكثر هدوءاً وأماناً وأطمئناناً.
> ونحن نعلم أن هناك جهات كثيرة في الداخل والخارج كانت تنتظر نهاية غير سعيدة، وتتوقع أن تخيم أجواء الفشل والصدامات والمواجهات والدمار والتخريب على المشهد السوداني كله أثناء الانتخابات وعمليات الاقتراع، وفاجأ الشعب السوداني الجميع بصبره ودقة وعيه ورجاحة تفكيره في اختياره للصواب وحصر خلافاته السياسية عبر صناديق الاقتراع لا غيرها.
> ومن الواجب أن ننظر بعمق في هذه التجربة الانتخابية، وعناصر الشباب التي شاركت فيها كمقترعين وناخبين، والشباب الذين أداروها من موظفين ومشرفين وعاملين في المفوضية القومية للانتخابات في كل أرجاء السودان في «7020» مركزاً انتخابياً، يوجهون الناس ويرشدونهم دون التدخل في اختياراتهم، وآلاف الشباب الذين عملوا في منظمات المراقبة الوطنية أو المتعاونين مع المنظمات الدولية، وشباب الأحزاب السياسية ووكلاء المرشحين، فئة الشباب كانت هي السمة الأبرز في هذه الانتخابات واكتسبت في كل المجالات والمحاور التي عملت فيها خبرات لا يستهان بها تجعل السودان في مصاف الديمقراطيات التي ستصمد مع الزمن وتقوى.


تعليق واحد

  1. كلمة حق عند سلطان جائر, و كأنها كتبت عن الصحفيين !!

    خسر البيع يا الرزيقي فلا استطيع ان اقول يا الصادق , و بالتأكيد لا انقص من ابناء القبيلة فهم أعلم بعزتهم .