يوسف عبد المنان

شكراً لكم!!


تنتهي اليوم عمليات التصويت.. ومنذ مساء غدٍ (الخميس) يبدأ إعلان نتائج الدوائر الجغرافية للبرلمان القومي والمجالس التشريعية. وتنتظر دوائر المرأة وقائمة الأحزاب العمليات الحسابية التي تجريها مفوضية الانتخابات.. وهي عملية معقدة جداً خاصة بعد تأخير الاقتراع في مراكز بشمال دارفور بسبب عجز المفوضية من الوصول لكارنوي وأم برو والطينة، وهي مناطق حدودية مع دولة تشاد.. ومع إعلان النتائج تنصرف وجوه من المسرح التنفيذي وتطل أخرى.. وتعود أسماء غابت في الفترة الأخيرة عن المشهد مرة أخرى.. وأول المغادرين بعد نهاية الانتخابات الحالية أحزاب نالت من مقاعد السلطة العدد الكبير.. وعاشت سنوات الخصوبة في الحكم باعتبارها كيانات سياسية مؤثرة في الساحة، ولكن الانتخابات فضحتها وأثبتت أنها أحزاب من ورق وكيانات لا وزن جماهيري لها.. وحتى تستبين الأشياء فإن المعيار الوحيد لقياس شعبية أي حزب هي صناديق الاقتراع.. لكن بشرط خصم المقاعد الهدية التي تفضل بها المؤتمر الوطني (كعطية مزين) لحلفائه وأصدقائه جميعاً، ثم من بعد ذلك إجراء عملية حسابية كم حصل أنصار السنة المحمدية من المقاعد.. وكم دائرة اقتلعها الحزب الاتحادي الديمقراطي من غصون الشجرة.. ولماذا وكيف فازت الحركة الشعبية جناح السلام بدوائر في ولاية الخرطوم.. وهل منح النازحون في معسكرات أبو شوك وخمس دقائق أصواتهم لـ”أبو قردة” أو “التجاني سيسي”؟؟ وهل استطاعت حركة العدل والمساواة بقيادة “دبجو” الحصول على شيء في السباق الانتخابي. والمرحلة الثانية هي تحليل مضامين نتيجة الانتخابات وثم إحصاء الأصوات الكلية التي حصلت عليها الأحزاب في الانتخابات.. وعلى هدي تلك التقارير والأوزان يتم تشكيل الحكومة القادمة.. أي حزب ينال بقدر عرق جبينه وخدمة ضراعه.. ليغادر الساحة وزراء فشلوا في خوض الانتخابات لرفضهم من قبل قواعدهم وجماهيرهم.. وأول المغادرين الذين يتوجب علينا شكرهم وتكريمهم مفوضية الانتخابات نفسها.. وهذه المفوضية شاخت وهرمت.. وأصابها الوهن والضعف، وقد كان الأمين العام للمفوضية د.”جلال محمد أحمد” أميناً عاماً أو رئيساً لهيئة انتخابات عام 1986م، أي قبل (29) عاماً.. وظل الرجل منذ ذلك التاريخ في أحضان الخدمة المدنية بكفاءة وحياد مهني رفيع، والآن حان موعد مغادرته الموقع بعد انتهاء الانتخابات وشكره وتكريمه، وكذلك البروفيسور “مختار الأصم” الذي رشحه الإمام “الصادق المهدي” للموقع قبل (10) سنوات. ومن أسباب ضعف الإقبال الحالي على الانتخابات مفوضية الانتخابات نفسها التي لم تكلف نفسها عناء تثقيف الناخبين وحثهم على الصناديق.. وآثرت فقط ممارسة دورها كجهة وظيفية.
مع إعلان الحكومة الجديدة يترقب الشارع في الولايات أن يختار الرئيس ولاة جدداً لعدد من الولايات بعد تجديده الثقة في ثلاثة ولاة حتى الآن.. وأول الولاة المغادرين المهندس “أحمد عباس”.. و”محمد يوسف” في الجزيرة.. والجنرال “أحمد خميس” في الفولة.. والفريق “الهادي” في نهر النيل”.. مع أن حظوظ الولاة العسكريين في الفترة القادمة أفضل بكثير من المدنيين خاصة في المناطق المأزومة بالنزاعات.
ومع تلك التغييرات في الشخوص والأسماء يبقى الأمل والرجاء في تغيير حقيقي في السياسات الخارجية والداخلية والسلام والتفاوض والحريات العامة.. وأن يتنفس الوطن طبيعياً بعيداً عن اختناق قصبته الهوائية.