فدوى موسى

نقاقون نقاقين!


آفة التنظير التي ابتلى بها البعض كثيراً ما تصبح نقمة وبال على صحابها وعلى من حوله، وهم كثر تجدهم في مواقع مختلفة يتحدثون عن أي شيء على أنه ناقص التمام، وأنه كان الأجدى والأفضل (لو.. ولو..) ولو أفسح لهم المجال لممارسة هذه (لو)، لاكتشف هؤلاء أن كثيراً من التنظير يصبح إنفاذه على أرض الواقع رغم جماله وأناقة عبارته ومنطقيته ومثاليته صعباً على الإتيان.. (صديقتي) التي لا تكف عن النقة والحديث الفاضل والمثاليات الغائبة أوكل اليها أمر المؤسسة بعد إبرازها لقدرة فائقة على النجاح.. تغرق في شبر موية تحسين ما يمكن تحسينه في المؤسسة باعتبار أن المورد البشري الخطوة الأولى، وكانت صدمتها عالية أن هؤلاء البشر رغم اجتماعهم في موقع واحد وهدف واحد، إلا أن قلوبهم شتى.. فكيف بالله إن كان مظلة لأمثالهم أكبر اتساع وقاعدة.. هم دائماً يتحدثون.. يراون أنهم دائماً على الحق والآخرين باطل وقاطع.. يبرئون أنفسهم من أوزار كثيرة وهم فيها شركاء إن كان بتنظيرهم أو بصمتهم في سلبية بليدة.. (صديقتي الأخرى) ترى أن هؤلاء النقاقون بلوى لا يمكن تجاوزها (صديقنا عبدو) يلبس ثياب الطهر والنبل، ويمارس شخيط وزعيق غريب مفاده أنه هو الملهم.. عنده كل حلول المعضلات.. وعند اختباره اختباراً حقيقياً يتبدى على أنه منظر نقاق.. أحذروا هؤلاء لأنهم كسالى لا يفعلون شيئاً ولا يتركونك تفعل شيئاً.. كثيراً ما يكون هو النقاقون هم المثبطون الحقيقيون للتغيير والأمل الكلام والتنظير في أشكال التعدد كحال هذا الآخر (عبدو) المظلوم لا يجب أن يسلم أمره لحالة الإحساس المفرط بالظلم طول الوقت، لأن الخروج من الحال يمثل أول الطريق المتعافي الصحيح مع الحياة.. منذ أن طالته أيدي الظلم في رزقه ومعاشه وأصبح بلا مصدر رزق.. كثر كلامه ونقته حتى أن أقرب الأقربين لم يعد يحتمل أول ثلاث جمل له من الحديث، والتي بلا شك لا تخرج عن تظلمه الدائم.. نعم هو محق ولكن من الكياسة أن يخرج للمرحلة الأخرى.. مرحلة التصالح مع العمل والحياة وترك كثرة الكلام.. كلما أوجدوا له فرصة عمل أو خروج للتصالح تمنع على أساس أنه أرفع من محاولات المعالجة.. والحقيقة أنه الظلم قائم بين البشرية إلى أن تقوم علامات المثالية والعالم الفاضل بينهم، وهذا مما يجري الآن في الدنيا باباً من أبواب المستحيل.. فهل سيسامح (عبدو) من ظلموه وعادوا ليوفقوا له الوضع أم أنه يحتضن المرارة والأسى حتى نهاية المطاف.. ويستمر في إكثار النقة والكلام ليل صباح..

بعد أن كان (عبدو) نقاقاً الآن يطلقون عليه «عبدو حضنة»، فهو يحتضن كل إذن تفسح له مكاناً للاستماع ليدور في فلك مظلمة قديمة كان يمكن أن تكون قصة وحكوة لجلادته وقدرته على تجاوز الماضي الصعب.

آخر الكلام.. كثرة الكلام «النقة» أحياناً هي دليل خواء قاد عملاً متكاملاً بصمت رفيع.. فكلما كنا جادين على تجاوز الصعاب قل الحديث وكثر العمل.. هي طرائق للتعامل مع الحالات المتقلبة أم انهزام وانتصار على حل الصعاب.. «بطلوا نقة واشتغلوا».

مع محبتي للجميع.