عبد الباقي الظافر

التدويخ بالصدمة..!!


ينظّم مجمع الفقه الإسلامي ندوة كبرى عن أحكام تدويخ الدواجن بالصدمة قبل عملية الذبح.. المنشط يعقد صباح يوم غد الثلاثاء، ويتحدث فيه نخبة من شيوخ وعلماء السودان.. كل هؤلاء الشيوخ سيناقشون هذا الأمر الجلل، وبعدها يسأل كل مواطن نفسه إن كان ما أكله من دجاج خلال الأسبوع الماضي حلالاً.. وسيتمدد النقاش من أروقة الصحف إلى البقالات، ويمتد سؤال (يا أخوي جدادكم دا دايخ ولا ما دايخ؟).
بالطبع لا اعتراض على أهمية الموضوع سوى من ناحية التوقيت.. في ذات الناحية كان البروفيسور مختار الأصم رئيس مفوضية الانتخابات يمارس ذات الأسلوب مع الشعب السوداني.. الأصم يحاول تدويخ الشعب السوداني بفتحه تحقيقا عن تأخر فتح مراكز ولاية الجزيرة.. وفي حديث له مع الزميلة المجهر أكد أن نسبة المشاركة في الانتخابات تماثل الديمقراطيات الغربية.
بداية قبل أن أدلف إلى مجادلة الشيخ الأصم لدينا وقائع في غاية الغرابة في انتخابات هذا العام.. نحو ستة مرشحين في ولاية الجزيرة وجدوا أنفسهم مرشحين بشكل قسري.. المواطنون أتت بهم قوائم المفوضية دون رضائهم.. وحينما احتجوا لم يجدوا آذانا مصغية.. هل هذه الممارسة القهرية تشبه الانتخابات الغربية؟.. ذات الأمر الغريب تكرر.. أمس نشرت الزميلة الصيحة أن المواطن عثمان فتح الرحمن وجد نفسه مرشحا مرتين.. الأولى في دائرة الحوش بالجزيرة، والثانية ضمن القائمة النسبية للحزب الاتحادي الأصل في النيل الأبيض.. لم يكتشف الأصم ومفوضيته الأمر إلا بعد انتهاء التصويت.. الكارثة ستكون إن فاز هذا النائب بالمقعدين.. هل هذه ممارسة تشبه الديمقراطيات الغربية يا أيها الخبير الأصم؟.
في انتخابات العام ٢٠١٠ وصلت نسبة المشاركة في الانتخابات نحو (٦٣٪).. الآن كل التوقعات تشير إلى نسبة المشاركة في عامنا هذا هي نصف تلك المشاركة.. بالطبع ستقولون إن السودان كان دولة واحدة.. لكن الحديث هنا عن نسبة المشاركة منسوبة إلى عدد المسجلين في الانتخابات.. هذا يعني أن نصف المشاركين في الانتخابات الماضية لزموا دورهم هذه المرة.. هنا يقفز السؤال المحرج لماذا هذا التثاقل رغم التمديد في فترة الاقتراع، واستخدام وسائل لا يمكن ضبطها في ظل انعدام الرقابة مثل ظاهرة الشهادة السكنية التي تصدرها اللجان الشعبية؟.
نعم هنالك ظاهرة عالمية بدأت تظهر حول تقاعس المواطنين وانصرافهم عن المشاركة في الانتخابات مقارنة بعهود مضت.. بعض المراقبين يردون هذا الزهد إلى أن القضايا الخلافية في عالم اليوم لم تعد كما كانت في عهد القطبية الثنائية.. الاختلافات بين المرشحين مثلاً في أمريكا باتت في قضايا مثل الهجرة أو الضرائب.. بينما كانت في الماضي تتعلق بأمن الناس واحتمالات نشوب حرب كونية.
رغم هذا الإقرار إلا أن نتائج الانتخابات في الدول المتقدمة تعبِّر بشكل عام عن الإرادة الشعبية- بمعنى أن النتيجة تمثل عينة عشوائية عن المجتمع.. في حالتنا السودانية الأمر مختلف.. الذين شاركوا في الانتخابات ليسوا عينة عشوائية.. الحزب الحاكم أقرّ أن سبعين في المئة من عضويته شاركوا في هذه الانتخابات.. هذا يعني أن الذين قاطعوا الانتخابات هم خصوم الوطني.
بصراحة.. نتيجة الانتخابات هذه أولى بالتدراس من حكاية تدويخ الدجاج.