منوعات

من (الشك) ما قتل… (الشكَّاكون)؛ تفاصيل شريحة لا تعترف بـ(الثقة)!.


عندما قررت السيدة (ك،م) الخروج من عش الزوجية نهائياً دون إرادتها وحسم أمر طلاقها قضائياً، كانت هناك حُبيبات من الدمع تنحدر على خدها غصباً عنها وهي تحمل في دواخلها خاطراً مكسوراً وحباً تقطعت أواصر تقديره ومودته، كانت جالسة على رصيف ذكرياتها تدون حكايتها المؤلمة مع الشك على دفتر أحزانها بعد أن قذف بها زوجها خارج عش الزوجية بسبب شكه في أن علاقة ما تربطها بابن عمها الذي كان أكثر من أخ كبير بالنسبة لها، ولمواقفه الشجاعة معها وأشقائها، ولكن لم تتضح تلك الحقيقة إلا بعد أن وقع الفاس في الراس، وأصبح الطلاق واقعاً ليتحسر بعدها الزوج ويجلس على دكة الندم ولكن بعد فوات الأوان.
شكوك وطلاق:
القصة أعلاه نموذج لقصص حقيقية واقعية مختلفة يعيش ضحاياها بيننا في المجتمع بسبب مرض الشك القاتل الذي يهدم كل علاقة طيبة وجميلة، ليجعلها في طي النسيان لكن بشيء من المرارة والألم، ولا ينحصر أمر الشك في العلاقات الزوجية فقط إنما يصل للعلاقات العاطفية والصداقة والأخوة ليتمدد أخطبوطها فيصيب الجميع في مقتل من الفرقة والشتات وأحياناً يؤدي إلى القتل.
مرض كامن:
الموظف مصطفى أحمد حكى لـ(السوداني) قصته مع الشك الذي فقد من خلاله زوجته قائلاً: (كانت العلاقة بيننا أجمل ما يكون، قضينا خلالها ثلاثة أعوام في عش الزوجية قبل أن تسيطر الغيرة على قلبي بسبب جمال زوجتي اللافت، وتتحول إلى شك دائم فأدمنته حتى أصبحت أشك في بائع اللبن وصاحب البقالة، فطلبت منها أن تتنقب حتى يرتاح بالي ولكنها رفضت فاتسعت هوة المشاكل بيننا فضاقت من تصرفاتي وطالبتني بالطلاق فكان ما أرادت)، مضيفاً: (لكن للأمانة منذ ارتباطي بها وحتى انفصالي عنها لم تكن شكوكي حقيقة، الأمر الذي جعلني أُراجع طبيب نفسي لمعالجة ما أعاني منه، مرض اسمه الشك).
فسخ خطوبة:
ذات الأمر نجده ينطبق مع الأستاذ الجامعي (ح،ك) الذي كشف عن الأسباب الحقيقية التي جعلته ينفصل عن خطيبته في الوقت الذي كانا يرتبان فيه للزواج قائلاً: (كانت خطبيتي لديها بعض التصرفات التي كنت أكرهها وهي علاقتها الواسعة والمنفتحة مع العنصر الذكوري، وهو الشيء الذي كنت أرفضه حتى وصلت مرحلة الشكك أن العلاقة التي تجمعهم بها ليست صداقة فقط، وكنت أتخيل أنها تميل لهم عاطفياً من خلال اتصالاتها الدائمة والمتكررة بالرغم من العفوية التي كانت تتعامل بها، ولكنها كانت بالنسبة لي مرفوضة تماماً، فحدث ما كان متوقعاً بعد أن قمت بفسخ الخطوبة لأنني لم أحتمل نيران الشكوك التي بداخلي نحوها فكان الأفضل أن نبتعد عن بعضنا).
أنواع الشك:
حول الموضوع من ناحية نفسية تحدث د.الصافي ساتي قائلاً لـ(السوداني): (يعتبر الشك من الأسباب الأساسية في ارتكاب جرائم الشرف للنظرة المشوهة والسالبة التي يرمي بها الشخص المقصود، لأن الشك يتملك الإنسان فيجعله يشك حتى في نفسه، والأماكن والمواقف ما يؤدي لاضطراب المزاج، وغالباً قد يكون بدون مبررات ما يجعلنا أن نصنف الشك إلى ثلاثة مراحل؛ وهي شك طبيعي وهو ما يراه الشخص أمام عينه ويستند من خلاله على أدلة يواجه به الشخص مباشرة، أما النوع الثاني فهو الشك الملازم للشخصية بمعنى يكون في الأصل أنه إنسان (شكاك) لتصبح صفة من صفاته، أما النوع الثالث والأخير هو الشك غير الطبيعي أي بمعنى شك مرضي، وهو ما يحتاج لعلاج وتحليل نفسي بما يسمى علم النفس الإكلينكي بجانب النصح والإرشاد الاجتماعي النفسي الذي يتطلب وقفة الجميع للخروج بالشخص المراد علاجه من الأزمة التي يعاني منها).

المجهر السوداني