عبير زين

الخرطوم .. عاصمة البؤس والشقاء؟


إحتلت العاصمة السودانية الخرطوم رابع مرتبة لأسوأ المدن الملائمة للعيش في العالم وذلك بحسب تقرير منظمة (ميرسر) العالمي لجودة مستويات المعيشة، وقد تصدرت دبي قائمة المدن العربية التي تقدم أفضل مستوى وجودة معيشية لسكانها على مستوى الوطن العربي، بعد أن جاءت في المركز 73 على مستوى المدن العالمية ( بحسب الأرقام الصادرة عن مؤشرميرسر لجودة الحياة المعيشية للعام 2012)، بينما تذيلت العاصمة العراقية بغداد القائمة كأسوأ مكان للعيش في العالم وجاءت في المرتبة الأخيرة عربياً والمرتبة 221 عالميا، سبقتها العاصمة السودانية الخرطوم بالمركز 217 والعاصمة اليمنية صنعاء في المركز 216!

إلى هُنا إنتهي التقرير الصادر عن منظمة (ميرسر) الذي إستند على معايير عُدة تشمل الوضع السياسي والوضع الامني ومستويات الصحة والتعليم والطاقة والقطاع المصرفي ومجالات السينما والمسرح والثقافة والبيئة، وإنتاب الناس البؤس والحنق لسماعهم أن عاصمتهم الخرطوم هي من أسوأ الأماكن للعيش في العالم، إلا أنهم في قرارة أنفسهم على قناعة تامة بأنها كذلك، حيث وبالنظر إلى صحة ما جاءت به منظمة ميرسر الدولية يجد السودانيون أنفسهم إزاء واقع لا يمكنهم المُزايده فيه أو مخالفته أو المراوغة عنه، لأنهم أدرى بطبيعة حياتهم الشاقة والويلات التي يعانونها والمتطلبات المُهلكة التي تُحاصرهم من كل جانب والمرافق الصحية التي تتهالك وصروح التعليم التي تتهادى يوماً بعد يوم ويتقلص دورها في تقديم الجرعات التعليمية والثقافية المطلوبة لإخراج جيل سوي وصحي قادر على قياد أمته ومجتمعه، فقد أصبحت العاصمة الخرطوم تئن وتشكو وتحمل ملامح كئيبة وترتدي ثياب كالحة لا يعرف وجهها الابتسام، مدينةغلاء المعيشة فيها يفوق مدينة دبى (أفضل المدن عربياً) ومطارها الجوي أقل من أدنى مستويات المطارات العادية ناهيك عن الدولية!

قبل أن يعترينا الغضب تجاه ما جاء فى التقرير الأجدى بِنا أن نُمعن التفكير، كيف تُصبح الخرطوم أسوأ العواصم التي تصلح للمعيشة رغم أنها تقع في ملتقي نيلين في بلد تتوافر فيه المياه والأراضي الزراعية الصالحة للزراعة بما يقارب ثلث إجمالي مساحته مما يجعله سلة غذاء العالم بأكمله! ورغم أنها تمتلك 0.37% من إحتياطي البترول في العالم! و إحتياطي ذهب يقدر بـــ 944 ألف طن! ورغم أنها تمتلك إرثاً حضارياً وتاريخاً ناصعاً ومقومات لأفضل العواصم الحضارية والسياحية! ورغم ذلك لا زالت تُعاني من قطوعات الكهرباء وشُح المياه وأزمات الغاز ويكابد مواطنوها هموماً صغيرةً تكبر وتعظم حينما يواجهونها يومياً فتعتصرهم وتبدد راحتهم وهنأتهم.

الآن ورغم الإعتراضات ورغم التشكيك في مصداقية التقرير إلا أن عاصمتنا الخرطوم من أسوأ المُدن للعيش في العالم، وبحسب هذه المنظمة التي تختار معايير حيادية إنسانيًا وخدميًا وأمنيًا وكل ما يتعلق بتوفير أساسيات العيش الكريم في المُدن، بكل هذه المقاييس والمعايير تخرج الخرطوم الأسوأ للعيش، وهذا يدل على أننا فعلاً لا نزال متخلفين جدًا عن الوصول إلى مستوى من المعيشة يوفر أبسط المقومات للإنسان (الخرطومي) فكيف بالله في المناطق الريفية النائية!