مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : «العاصفة» حكمة الرئيس اليمني والحكمة يمانية


قرار انتهاء عاصفة الحزم في اليمن التي أملتها ضرورة التعاون العربي والجوار وقبلهما أخوة الاسلام، قد جاء في وقت مبكر بعد إطلاق العملية، وقد انهتها المملكة السعودية بناءً على طلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.. كما كانت قد قادتها مع دول الجوار وبينها السودان كذلك بناءً على طلب من الرئيس اليمني نفسه.
إذن المشكلة اليمنية قد عولجت بواسطة الحكومة اليمنية.. فهي إذا لم تكن تملك القدرات العسكرية التي تستطيع ان تحمي بها أمن واستقرارالبلاد من المجموعة المتمردة على الشرعية هناك بإمكانيات إيرانية لإشعال فتنة طائفية، فإن أمن واستقرار اليمن وغيرها من الدول العربية والإسلامية كلها يهم كل الحكومات في هذه الدول.. وإلا فسوف يجد الأعداء من خلال عملائهم في أعماق هذه الدول الطريق مفتوحاً للعبث بأمنها واستقرارها.
إذن في ذاك الوقت كان أهم قرار اتخذته الحكومة اليمنية لحماية المواطنين من نيران الأجندة الإيرانية المفضوحة هو طلب المساعدة العسكرية من دول الاقليم. وبهذا الدور السياسي العظيم الذي لعبه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته تكون اليمن قد تخلصت من هواجس ووساوس قادت المواطن هناك الى التفكير في أن بلاده تمضي نحو مصير الصومال في بداية التسعينيات من القرن الماضي والسنوات التالية. ثم إن تمرد القوات الموالية للرئيس الدكتاتور المخلوع علي عبد الله صالح قد رسم في اليمن صورة أوضاع أمنية تشبه الأوضاع الأمنية الآن وقبل الآن في جنوب السودان. والحوثيون من قبل كان يمكن أن يتمردوا على حكومة علي عبد الله صالح في السابق.. لكن الجيش في عهده كان اقوى من ان يتمردوا عليه لأنه كان يستخدمه لممارسة دكتاتورية وإقصاء الآخر .. وبعد أن ثار الشعب على علي عبد الله صالح وتضرر بذلك الكثير من اتباعه من القوات العسكرية، كان من الطبيعي أن يكون التفكير الإيراني هو ضم الآليات العسكرية التي في أيدي هذه القوات مع آليات الحوثيين التي تأتي بأموال إيرانية. وهنا تعرضت «الشرعية» في اليمن لاعتداءات قوية جداً وضربات رهيبة من حلف علي عبد الله صالح وعملاء إيران.
إذن كيف يكون المخرج في هذه الحالة لصالح الأمن والاستقرار قبل أن تذهب اليمن الى مصير الصومال دون أن تفكر حكومة عدن في استدعاء القوة الإسلامية العربية وغير العربية في المنطقة؟! وبعد أن طلب عبد ربه هادي العون العسكري من جيرانه وأصدقائه لكي يحمي مواطنيه ويحقن دماءهم بصفته الحاكم الراعي لهم، فإن واجب هذه الدول ان تلبي النداء طبعا.. ولا يمكن أن يسعها ان تستعصم بالرفض لكي يشاهد العالم أوضاعاً إنسانية اخرى كما شاهد من قبل أسوأ الأوضاع في الصومال وبورندي وغيرهما. لكن بعد أن تكللت عملية «عاصفة الحزم» بالنجاح كما ذكر المتحدث باسم تحالف العاصفة الضابط السعودي العميد أحمد عسيري.. وبعد ان طلب الرئيس اليمني إنهاءها ووجد ما طلب، فإن عملية أخرى تخلف عملية العاصفة هي «إعادة الأمل». وهي مشروع آخر لليمن يلتقي مع «العاصفة» في مسألة حماية المدنيين. وهي ايضا تعتبر تفكيراً سياسياً جيداً من الحكومة اليمنية. فعملية «إعادة الأمل».. تبقى هي الوقاية من أي تحرك مستقبلي أو القيام بعمليات بواسطة الحوثيين. فقد كانت العاصفة هي «العلاج» وقد نجحت بالفعل.. لكن لا بد من الوقاية مما يضمره الحوثيون ومن وراءهم في الخراج. والوقاية خير من العلاج.. ولو كان الرئيس عبده ربه منصور هادي قد فطن لما يمكن أن يقوم به الحوثيون كان يمكن أن يقوم بإجراءات وقائية من البداية.. لكنه ظن ان شرعيته ستجد الاحترام من هؤلاء المتمردين باعتبار نجاح الربيع العربي وإقامة دولة المؤسسات، لكن يبدو أن هناك من يريد في اليمن «الربيع الفارسي»، لذلك كان تمرد الحوثيين على الشرعية المنبثقة من رحم الربيع العربي. الحوثيون كانوا أيضاً سيحاربون حكومة علي عبد الله صالح لو مازال في السلطة.. فهم قبل عاصفة الحزم كانوا يريدون الاستفادة من الآليات العسكرية التي بأيدي القوات الموالية له وغيرها التي استولت عليها من أسلحة ثقيلة وصواريخ بالستية. اما علي عبد الله صالح فهو قد سعد جداً بهذا التمرد الحوثي على خلفه «عبد ربه هادي» لأنه رئيس مخلوع بطريقة لم ترضه.. فهو يريد أن ينتقم ويثأر. وقد أراد الحوثيون استثمار غضبه الشديد وكذلك غضب الموالين له.. وهكذا دائماً يستفيد الشيعة من أهل السنة الغاضبين.. وهذا طبعاً يعكس ضعف إيمان علي عبد الله صالح وتأثره على حساب عقيدته..
العاصفة كانت حكمة الرئيس اليمني و«الحكمة يمانية».
غداً نلتقي بإذن الله.