مقالات متنوعة

هاشم كرار : ثورة المجانين.. التفلع


السودان، قريبا جدا، مع ثورة المجانين!

لا إحصاءات.. ولو كانت، لكان السودان- هذه المرة فقط- في مقدمة الدول التي ارتفعت فيها نسبة المجانين، بصورة تجنن!

في كل يوم جديد، يجن عاقل.

في إجازتي الماضية في السودان، كان يمشي أمامي في السوق.. السوق الذي كان يطلق عليه قديما سوق الله أكبر- كان يمشي، ويده اليمين تأخذ شكل (البونية) يضرب بها على راحة يده اليسرى، وهو يردد: على الطلاق، الأسبوع دا لو ماجنيت، الأسبوع الجايي حرم جاني.. جاني.. الأسبوع دا لو ماجنيت، الجايي حرم جاني جاني!

ضحكتُ- مثلكم- في سري، وأردتُ أن استلفته، أقول له:” يازول.. على الطلاق إنت فاضلة ليك بس الإندراوة”!

أردتُ أن أقول ذلك، غير اني ترددتُ.. كيف لعاقل أن يقول لمجنون، يازول إنت جنيت.. ح يموت المجنون من الضحك، ويقول “أب سنينة ..ما أصلو دايما بضحك على أب سنينتين!

السوق، بجنن.. ولو كانت إجازتي السابقة امتدت يوما واحدا، وأنا من سوق ملجة لزنك لحم، لركشة تلوّث وتؤرر إر رررر أر أرررررر- لكنتُ قد لحقتُ صاحبنا، وزدتُ بالتالي عدد المجانين، مجنونا! لم أكن مجنونا، حين قلت لمسؤول إنقاذي كبير: ” سيبكم من من المهدي، وناس الشعبي، والشيوعيين والبعثيين، وهالة.. هالة عبدالحليم، وجبريل، وعبدالواحد، وناس ابوعيسى.. أرقدوا قفا منهم كلهم”

قاطعني بابتسامة عريضة، ونشوة ارتياح، وهو يهتف في سره” سير.. سير يا البشير” قبل أن أردف: ” لكن حرم البسقطوا حجركم الناس البفلعوا.. الناس المجانين”!

نظر إلىّ، نظرته إلى ذي جنة..

كيف لعاقل أن يقول مثل هذا الكلام-الذي لم يقله مالك في الخمر- لمسؤول إنقاذي كبير، وفي عقر مكتبه، وفي قمة ايمانه، بأن” التاريخ المستقيم” الذي كان قد تنبأ به شيخهم الترابي للسودان، ذات ابتسامة ثعلبية- وهو يشير إلى إنقلاب البشير وكان يومذاك تحت الإعداد- سيستمر مستقيما ،: لا إنقلاب على الإطلاق، ولا ديمقراطية!

حديث الترابي، كان في العام ، في 1988، مع صحيفة (الجريدة)، والسودان مقبل على تمرير اتفاقية الميرغني- قرنق للسلام. قال الترابي، وابتسامته تحمل شكل قفل الكباري بأمر من القيادة: سنمهل الصادق قليلا للإستجابة لمطالبنا.. وإذا لم يستجب سنقوم بإجراء يغيّر من تاريخ السودان الدائري مع الديمقراطية والإنقلاب، إلى طريق مستقيم!

قام الترابي بالإجراء.. ويوم ذاك، كان الجنرال ابراهيم نايل إدام يدير الإستخبارات، فيما رئيسه الجنرال الهادي بشرى في الجو، في طريقه إلى ألمانيا.. وفيما كان مبارك الفاضل وزير الداخلية يبشر في عرس آل كوباني، وفيما كان وزير شؤون الرئاسة صلاح عبد السلام يقول: ” ورب الإمام المهدي تاني مافي راجلا في الجيش بقدر يستلم تاني البلد دي.. وفيما كان الصادق يقول لنا في حوار: ” إذا فشلت فلن أشيّع باللعنة”.. وفيما كان هو- الترابي- يودع البشير رئيسا إلى القصر، ويودعه البشير حبيسا إلى كوبر!

لن أقول، ان الترابي من يوم ان قال ماقال، قد فقد عقله السياسي، ولكني أقول انه منذ يوم ان ماقال، زاد عدد المجانين في السودان، مجنونا.. وبدأ في كل يوم جديد، يزداد عدد المجانين، بصورة تجنن!

أيها الناس.. كل هذا العدد الهائل من المجانين في السودان، جنني.. وأنا من هنا، كادر مهم من كوادر ثورة المجانين، الجاية!

أيتها السلطة.. لا البمبان، ولا الرصاص.. ولا حميدتي…

كتري الكلابيش، واتركي جمع اللساتك إلى جمع كل حجر في الخرطوم، إذا ما أردتي طول سلامة، مع الناس البتمرق تفلع!