الطيب مصطفى

حنانيكم بالشيخ أبو زيد محمد حمزة


شعرتُ بحزن عميق حين تلقيت رسالة من أبناء الشيخ أبو زيد الذي يرقد بالعناية المكثفة بمستشفى رويال كير يطلبون فيها مني التوسط لدى إدارة سجن كوبر حتى يسمحوا لابنه عبد الرؤوف السجين في كوبر بزيارته لدقائق معدودة (يبل) فيها الشيخ شوقه لابنه ويرى فيها الابن والده الذي تجاوز التسعين من عمره والذي لم يره طوال سنين السجن.

حين زارني الشيخ أبو زيد قبل نحو شهر ليستنجد بي حتى أُعينه في إطلاق سراح ابنه أو على الأقل تخفيف القيد المكبل به الابن لسنوات اعتصرني ألم ممض إذ تذكرت قصة سيدنا يوسف الذي بلغ الحزن بوالده أن فقد بصره وما إن تلقى الأب الحزين نبي الله يعقوب البشارة حتى ارتد بصيراً.

حيثيات قصة الابن السجين عبد الرؤوف تقطع نياط القلب ذلك أن له دفوعاً قوية في قضيته التي اتهم فيها بأنه شارك مع آخرين في قتل الأمريكي غرانفيلد ليلة رأس السنة!.

أطلب من الأخ د. عصام البشير أن يفعل شيئاً وهو الذي توسط من قبل في إطلاق سراح أسرى حديقة الدندر بعد مراجعات فكرية أجراها معهم.

ليتكم يا أهل المشروع الحضاري تولون الشيخ أبو زيد معشار ما أوليتموه من عناية واهتمام بالحوت رحمة الله عليه وتمكنوه من رؤية ابنه سيما وأن الشيخ في حالة يرثى لها.

الوطني ومحمد أبو زيد!

ضحكتُ لكنني كدتُ أبكي (مغصاً) من تصريح أدلى به المسؤول السياسي لجماعة أنصار السنة محمد أبو زيد قال فيه إن المؤتمر الوطني (فرض) على الجماعة الترشح في دائرة تعتبر مركز ثقل للصوفية هي (ود رعية) بولاية الجزيرة مما أدى إلى خسارتهم!.

بالله عليكم ألا يكفي ذلك التصريح لإصدار كتاب حول (تفرد) الديمقراطية في السودان أو قل حول انتخابات السودان؟!.

المؤتمر الوطني هو الذي يحدد للأحزاب المتحالفة معه أين يترشحون بمعنى أن الأحزاب لا تترشح في الدوائر التي لها فيها ثقل جماهيري إنما الوطني هو من يرشِّح وهو من يُفوِّز!.

لست مندهشاً مما فعل الوطني ومن (إذعان) جماعة محمد أبو زيد (للتعليمات) إنما من جرأة محمد أبو زيد وهو السياسي (الفهمان) الأول في الجماعة وهو يطلق هذا التصريح وبكل قوة عين!.

عزة السودان.. يا خسارة!

خبر فاتني التعليق عليه رغم أهميته فقد صرح الأستاذ عبد القادر محمد زين منسق الخدمة الوطنية أن دورة عزة السودان التابعة للخدمة الوطنية والتي تخضع خريجي الثانوي من الطلاب قبل دخولهم الجامعة إلى تدريب عسكري كثيف ستكون اعتباراً من هذا العام برغبة الطلاب بما يعني أنها قد ألغيت بالفعل.

كم أنا حزين والله أن يصار إلى هذا القرار الصائب بعد أكثر من عشرين عاماً أهدرنا فيها عشرات المليارات من الجنيهات وأرهقنا العباد والبلاد وكان ما أهدر من مال كفيلا بإصلاح حال التعليم الذي خرجت منه الدولة أو كادت بعد أن ألقت بثقله وأعبائه على الآباء فارضة على الناس ما هو أدنى من النافلة بل المكروه في نظري ومضحية بالفريضة المتمثلة في التعليم.

بالله عليكم من نسائل عن قرار فرض التدريب العسكري على خريجي الثانوي الذي صدر لأول مرة بدون أدنى مبررات منطقية تسنده؟ إن كان من أصدروه قد فعلوا ذلك اقتفاء لتجربة (الكديت) خلال فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي فإن (الكديت) كان البديل للخدمة الوطنية التي ما كانت وقتها قد استحدثت بقانون يلزم بها الشباب، ولكن هكذا حالنا تصدر القرارات بدون أدنى حيثيات معقولة أو دراسات تبررها فكم بربكم يصدر من قرارات هكذا بمزاج فرد أو أفراد أوتوا من السلطة ما يفعلون بها ما يشاءون بدون أن يستدرك عليهم مستدرك أو يحد من سلطانهم برلمان أو سلطة؟

لقد أرقنا مداداً كثيفًا حول هذا الأمر في حينه ذكرنا فيه ذات المبررات التي أدت إلى قرار إلغاء دورة عزة السودان اليوم، وكان أكبر وأكثر ما جعلنا نتصدى لها أنها حين استصدر قرار بفرضها على خريجي المرحلة الثانوية قد أثرت على موعد بدء العام الدراسي سيما وأنها كانت لفترة طويلة مما أضاع عاماً دراسياً كاملاً تقريباً على الطلاب في ذلك العام هذا فضلاً عن عدم وجود مبرر أصلاً لإقامتها سيما وأن (المحرش ما بكاتل) وليست النائحة (المستأجرة) كالثكلى فقد كان الطلاب المجاهدون العاشقون للشهادة في سبيل الله يغادرون جامعاتهم بمحض إرادتهم إلى ساحات القتال دون أن يساقوا بالإكراه إلى جهاد لا يرغبون فيه.

أنا حزين ليس على زمن ومال أهدر إنما على أسلوب اتخاذ القرار في بلادي فكم من (جلايط) ارتكبت وترتكب جراء عدم إخضاع الأمور للمناهج الصحيحة التي تبنى عليها السياسات والقرارات.. إنها المشكلة التي حولها ندندن.. غياب أسس الحكم الراشد الذي أزرى ببلادنا وجعلها تقبع في ذيل العالم.