عبد الباقي الظافر

البحث عن المليون مواطن..!!


بعيد انتهاء الانتخابات اكتمال الفرز أعلنت لجنة الانتخابات بولاية الخرطوم، فوز المرشح المستقل حسن طه بدائرة بحري.. لجنة الخرطوم زفت الخبر السعيد لوكالة سونا الرسمية.. أنصار المرشح المستقل نحروا الذبائح ابتهاجا بالفوز المستحق.. المرشح اعد نفسه للبرلمان القادم.. يوم الأحد الماضي اتصل الفريق إبراهيم الكافي، رئيس لجنة الانتخابات معتذرا للمواطن الفائز بحجة أن تضريبات اللجنة لم تكن صحيحة، وإن الفائز في الدائرة هو أحمد علي أبوبكر، ممثل الحزب الاتحادي المسجل والمدعوم من المؤتمر الوطني.. أمس الأول كانت صحيفة الرأي العام العريقة تبرز (منشيتا) يفيد بأن أحكاما قضائيا قد وقعت على رؤوس المزورين في إحدى دوائر النيل الأبيض.. الأحكام تراوحت ما بين السجن والغرامة.
لا أريد التشكيك في الأرقام الرسمية التي صدرت أمس عن مفوضية الانتخابات.. ولكن ثمة سؤال ما الذي يجعل إعلان عدد المشاركين في الانتخابات يأخذ نحو أسبوعين؟.. لدينا أحد عشر ألف مركز موزعة على ثمان عشرة ولاية.. بنهاية كل يوم ستكون في حوزة رئيس المركز إحصائية بعدد الذين ولجوا مركزه ثم وقفوا من وراء الستار.. التأخير جعل بعض المراقبين يعتقد أن النتيجة دخلت إلى الفرن.. الشفافية وتوافر المعلومات على رأس الساعة من أهم مؤشرات الانتخابات النزيهة والمعبرة عن الإرادة الشعبية.
دراسة نتيجة انتخابات هذا العام مهمة جداً لنخلص إلى أي حد تعبر عن إرادة كل أهل السودان.. سأقوم بجبر الكسور في الأرقام حتى يسهل الحساب.. هذه الانتخابات شارك فيها نحو خمسة ملايين وخمسمائة ألف مواطن من جملة ثمانية عشر مليون مواطن يحق لهم التصويت.. رقم الثمانية عشر مليون منسوب إلى البروفيسور عوض حاج علي العضو القيادي في المؤتمر الوطني.. بهذا الحساب .. هذا يعني اقل من ثلث المواطنين هم من مضوا إلى مراكز الاقتراع.. إحجام الأغلبية الصامتة هنا يعبر عن موقف سياسي.
في يونيو من العام الماضي كان البروفيسور إبراهيم غندور يخاطب حشدا من مناصري حزبه بمحلية كرري بولاية الخرطوم.. غندور أستاذ جامعي وباحث علمي يدرك أهمية الأرقام.. نائب رئيس الحزب أكد أن عضوية المؤتمر الوطني أكثر من عشرة ملايين مواطن.. وإن أكثر من ستة ملايين من العشرة شاركوا في مؤتمرات الحزب القاعدية.. الآن عدد الذين أدلوا بأصواتهم مضافا لهم مؤيدي أربعة وأربعين حزبا بلغ خمسة ملايين ونصف.. إذا منحت مجموعة الأحزاب الأخرى وزنا انتخابيا يبلغ حجم مليون ناخب فإن ثلثي الموالين للمؤتمر الوطني لم يغبروا أقدامهم في هذا المعترك.. أو أن الحزب الحاكم فقد في بحر عام اثنين مليون مؤيد.. هؤلاء المفقودون شاركوا في الانتخابات القاعدية وغابوا يوم المولد.
بعد انجلاء هذه الانتخابات وفي التاسعة عشر من الشهر الجاري خرج الدكتور مصطفى عثمان رئيس القطاع السياسي بمعلومة تفيد أن ثلثي أنصار حزبه أدلوا بأصواتهم.. هذا يعني أن عضوية الحزب تبلغ ستة ملايين وهذا بتصادم مع أرقام الرجل الثاني في الحزب البروفيسور إبراهيم غندور التي أعلنها عشرة كاملة تزيد ولا تنقص.
الثابت أن مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية نال في انتخابات العام ٢٠١٠ ذات الصديقة العالية نحو سبعة ملايين مؤيد.. بعد أربع سنوات انخفض عدد الأنصار إلى تخوم الخمسة ملايين مواطن.. هنا يكمن التحدي.. مع العلم أن مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية لم يحقق كسبا كبيرا يذكر في دوائر جنوب السودان قبل الانفصال.