منوعات

شوق السنين ارتاح: في شأن العاطفة والحنان.. يا ناس


القصة كلها كانت “مشهداً مكثّفاً”

حبسني أبو شورة كلمةً، والسني الضوي لحناً، والأستاذ (المدرس) محمد ميرغني أداءً، وفريق عفاف حسن أمين الصباحي بقناة النيل الأزرق في (بي إن إف إم) تقديماً لأستمع مستمتعاً، بل إنني أغلقت الغرفة عليّ، ووقعت ليك (جبجبة عديييل كده)..

عاطفة وحنان ياناس.. وإنسان مليح وناس

وعيون تضوّي الليل.. وقليب رقيق حسّاس

ضمّتنا جلسة ريد.. نسّتا دنيا الناس

ماشفنا فيها ملل.. ولا طاف علينا نعاس

جاد الزمان عطّر.. ليلتنا بالأفراح

وهبّ النسيم أسكر.. أرواحنا من غير راح

قصّر علينا الليل.. ليل الأحبة صباح

أدينا حق العين.. وشوق السنين ارتاح

أمضينا باقي الليل.. مشوار يفوح أنغام

وسرحنا متقاودين.. نتساقى أحلى كلام

ينثر عليّ ألحان.. مِنْ فم رقيق بسّام

بين رعشة الأنفاس.. وحلاوة الأنسام

مشاهد مختلفة

مش كده وبس، بل إن (المدرّس) يستخدم مهاراته التعليمية لتوصيل هذا المشهد الكثيف، ممكن تقول كدا زي (أم كلثوم)، مش أم كلثوم بتمشي بالأغنية قداااام، ثم تعود تاااااني للبداية؟ ذلك لأن المشهد نفسه يُغْرِي بالإعادة والتكرار.

في المبتدأ أراد أبو شورة اختصار المشهد، فاختار تكثيفه فازداد جمالاً وروعة، أنظره ينبه إلى أن الموضوع كلّه (عاطفه وجنان.. يا ناس)، ثم ينبه إلى ثالثهما في المكان:

وهب النسيم أسكر أرواحنا.. أرواحنا من غير راح

وهكذا يواصل في الوصف البديع:

ضمّتنا جلسة ريد.. نسّتنا دنيا الناس

لا شفنا فيها ملل.. ولا طاف علينا نعاس

حينها تذكرت الشاعر العربي المعروف بـ (كثيّر عزة) حين أنشد في حالة مماثلة:

ألا لَيْتَنا يا عَزَّ كُنَّا لِذِي غِنًى بعيرينِ نرعى في الخلاءِ ونعزُب

كِلانا به عَرٌّ فمَنْ يَرَنا يقُلْ على حسنِها جرباءُ تعدِي وأجربُ

هذا على الرغم من أنّ النقّاد (المطاميس) تساءلوا في وجهه: كيف تتمنى لها ولنفسك المرض والجرب؟ لأنهم تعلّقوا بـ (المبنى) ففاتهم (المعنى).. ويواصل (المدرّس) محمد ميرغني مع (ثالثهما) الذي هو النسيم، وفعائله:

وهبّ النسيم أسكر.. أرواحنا من غير راح

قصّر علينا الليل.. ليل الأحبة صباح

أدينا حق العين.. وشوق السنين ارتاح

النسيم والليل

بالله عليكم كيف لما ندّي العين حقها.. وشوق السنين لما يرتااااااح؟

خلوا بالكم.. على الرّغم أن لا ثالث لهما سوى النسيم والليل، يعود ليؤكد دائماً أنها (عاطفة وحنان ياناس)، إنها لحظة الحب في أعلى تجلياتها، (الحب يا حبيبي.. الحُبْ).

وبعدين؟

وسرحنا متقاودين.. نتساقى أحلى كلام

ينثر عليّ ألحان.. مِنْ فم رقيق بسّام

بين رعشة الأنفاس.. وحلاوة الأنسام

موسيقى مختلفة

وعفاف وفريق العمل لا ينفكّون محاولين زيادة المشهد وتكثيفه على كثافته، وهم يكتبوب بلغة (حرّة) – أقصد بدون تنميق وتذويق – على الشاشة كلمات مثل (الريدة، المحبة)، بينما (المدرّس) محمد ميرغني يشتعل في لحظات مغادرته للمشهد برمته، وهو يكرر (عاطفة وحنان يا ناس.. عاطفة وحنان يا ناس)، ولما يسكت تماما ترفض الكمنجات والبيز والجيتار مغادرة المكان، وهي تودعه على طريقتها الخاصة.. بينما أغلقت باب الغرفة بهدوء، تماماً كبشرى الفاضل الذي خرج مملوءً بها حتى خاف أن يغازله الناس في الشوارع.

اليوم التالي