محمود الدنعو

بالتيمور بعد فيرغسون


هي سلسلة من نثار الأحداث، ولكن عندما تتم قراءتها مجتمعة، ينتهي المراقب إلى حقيقة مؤلمة ومؤسفة في الوقت عينه، بأن الولايات المتحدة التي ودَّعت عهود العبودية والتمييز ضد السود، لا تزال تنتابها من حين إلى آخر أعراض هذا الداء الذي بدأ يضرب وحدة المجتمع الأمريكي بقوة، وتقديم صورة شائهة للجنة الديمقراطية والحريات الفردية المشتهاة في العالم، ربما يكون نثار الأحداث المتقطعة في الزمان والمكان ليس سوى البداية في مشوار التنكب للقيم الأمريكية في العصر الحديث وأهمها المساواة ومحاربة التمييز بكل أشكاله، ولكن هذه الأحداث تقرع الأجراس مجدداً وبدويٍّ أعلى للخطر القادم.

أمس في فيرغسون بولاية ميزوري واليوم في بالتيمور بولاية ماريلاند، والأحداث نفسها مقتل شاب أسود على أيدي رجال الشرطة البيض، ثم تتحول المدينة إلى ساحة كر وفر بين المحتجين من الشبان السود الذين باتوا يعبرون بعنف عن الغضب والضيم المكبوت لسنوات، بسبب ما يشعرونه بأنه تمييز ضدهم بسبب لون بشرتهم.

آخر حلقات ردة الفعل العنيفة على تصرفات الشرطة غير المبررة التي تستهدف الشبان السود ما تشهده مدينة بالتيمور التي فرضت رئيسة بلديتها ستيفاني رولينغز بليك حظراً ليلياً على التجول، بعد أن قام مئات من المحتجين الغاضبين بنهب متاجر وإشعال النار في مبان مع انتشار العنف في المدينة عقب تشييع الشاب الأسود فريدي جراي الذي توفي بعد إصابته أثناء وجوده رهن احتجاز الشرطة، وأعلن حاكم الولاية حالة الطوارئ كي يتمكن من نشر الحرس الوطني.

التصعيد في الاحتجاجات العنيفة هو السيناريو المحتمل، ولكن نشر الحرس الوطني لا يكفي وحده لنزع فتيل الأزمة التي تأتي في إطار سلسلة من الأخطاء الكارثية التي قام بها رجال الشرطة في الولايات المتحدة بسبب استهداف السود، وقصة الشاب فريدي غراي الذي توفي بعد أسبوع من اعتقاله ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، دون تدخل من الحكومة الاتحادية.