أ.د. معز عمر بخيت

البحر مدخلي إليك !


كن شاطئي يا بحر واحمني

من موج هذه المدينة ْ

كن قلعتي و زورقي

و حصني الأمين و السفينة

كن راحتي و مضجعي

و رونق الصفاء و السكينة

كن ساعدي و قوتي

على مطارق السنين و الصبابة

كن دوحتي و قدرتي

على المواقف المُهابة ْ

كن فرحة المصيف بالسحابة

مذ نامت النجوم تحت شرفتيِ

و أنبت الرخام فوق غرفتي

حدائقاً و غابة

الليل ما ونىَ ..

على جواده النهار

أو توشّحت عيونه السراب وانحنى

و عندما تكسر الشعاع و انثنى

تشبع المساء و انطلقْ

بصهوة النقاء فائتلق

المجد للفراش و السقوط للهزيمة ْ

تحية لكل من أقام للجراح قيمة ْ

وعزة لرهبة المشاعر الأليمة

فصمتنا قصيدة ْ

و حزننا بكفة الشروق موجة عنيدة

أتيت يا حبيبتي

إليك حاملاً عذوبة السماء

صفحة جديدة

لعلّه الشعور بالأمان بيننا نُعيدهْ

لعلّه الهروب من وقائع الحياة

يمنح السلام عيدهْ

و يجعل النضال دارَه الوليدة

و حلمك الهناء و الزمان في يديك

حلم عابر على الطريق نحو بلدة

تناثرت دماؤها على جحيم مقصلة ْ

فلا ولم تكن لدىّ

في اتجاهك القديم بوصلةْ

و لا الطريق دونك انجلىَ

يا شعلةً من الحنان مذهلةْ

فلتفتحي كهوف دهشتي لكل قافلة ْ

ولترمقي بريق مهجتي و لتستقي بمحفله ْ

فمدّدي عقود فرحتي

و حدّدي شواطئ الوله ْ

فما رميت إذ رميت مقتلهْ

الموج بيتنا و البحر مدخلهْ

يا ليتني اعتمرت في هواك

و احتملت صبري الطويل

و اعتصمت في دواخلهْ

كي تطلعي كما السناء في محافل العُلا

أو تخرجي كسنبلة

فها هنا توهجت جراح نشوتي

و هاهنا تفجر الحنين قنبلة

فلا أنا و لا الزمان ما روى

للشمس قصتي بما حويت أو حوى

فصدقي روايتي

و ما عليّ إثم ما حكيت يا وطنْ

فاحمل الأمانة القوام و الشجن

و طهّر الزمن

من ثورة الغياب من تعلق الرقاب

بالضياع و المحن

في بلدةٍ تداعى صمتها و صوتها اندثر

فعلم الرؤى محاسن الصور

و دغدغ القمر

كي تصبح الحياة كوكباً من العطاء و الثمر

و الفجر بيننا يظل مستقر

فالخير و البقاء و الحذر

و الهمس و الشعور والسحر

جميعها جميعها قدر.