عمر الشريف

جنت على نفسها براقش


يقال أن: ( براقش): هو اسم كلبة كانت لبيت من العرب في احدى القرى الجبلية في المغرب العربي… وكانت تحرس المنازل لهم من اللصوص وقطاع الطرق، فاذا حضر أناس غرباء إلى القرية فإنها تنبح عليهم وتقوم بمهاجمتهم حتى يفروا من القرية، وكان صاحب (براقش) قد علمها أن تسمع وتطيع أمره، فإذا ما أشار إليها بأن تسمح لضيوفه بالمرور سمعت وأطاعت، وإن أمرها بمطاردة اللصوص انطلقت لفعل ما تؤمر.

وفي أحد الأيام حضر إلى القرية مجموعة من الأعداء , فبدأت (براقش) بالنباح لتنذر أهل القرية الذين سارعوا بالخروج من القرية والاختباء في إحدى المغارات القريبة، حيث أن تعداد العدو كان أكثر من تعداد أهل القرية، وفعلا خرج أهل القرية واختبأوا في المغارة، بحث الأعداء عنهم كثيرا ولكن دون جدوى ولم يتمكنوا من العثور عليهم فقرر الأعداء الخروج من القرية ، وفرح أهل القرية واطمأنوا بأن العدو لن يتمكن منهم.
عندما رأت (براقش) أن الأعداء بدأوا بالخروج بدأت بالنباح، حاول صاحبها أن يسكتها ولكن دون جدوى، عند ذلك عرف الأعداء المكان الذي كان يختبىء فيه أهل القرية ، فقتلوهم جميعا بما فيهم ( براقش) ولذلك قالوا هذا المثل : (جنت على نفسها براقش).

ضربنا هذا المثل للشعب السودانى عامة وللمعارضة خاصة حيث فيه كثير من العبر لكن أكثر العبر فى كلام الله سبحانه وتعالى . المعارضة طوال 25 عاما غير موحدين أرأهم ولا صفوفهم ولا جادين فى معارضتهم . الحكومة العسكرية التى تحولت الى وطنية ثم حزبية ثم ديمقراطية حسب تصريحاتهم انذرت المعارضة مرارا بأن الحكم يكون عن طريق الصناديق وإلا عليها أن تلحس كوعها أو الزارعها يقلعها وغيرها من التهديدات . إذا هل ما فعلته المعارضة فى كل جولاتها وإجتماعاتها السابقة داخليا وخارجيا فيما بينها او بين الحكومة أدت الى نتيجة أستفادت منها أو إستفاد منها الشعب والوطن ؟.

المقاطعة التى فعلها الشعب وتبنتها المعارضة هل هى فى صالح المعارضة ؟ هل المعارضة قادرة على أن تستفيد منها ؟ هل المعارضة قادرة على الاتفاق بينها ؟ أو مع الحكومة ؟ هل المعارضة تستطيع كسب الشارع السودانى لتفعل نشاطها ؟ هل لديها استعداد للإثبات وجودها ؟ هل هى جاده فى مصلحة الوطن والمواطن ؟ هل تستطيع تغير الحكم من الداخل سلميا ؟ أو عسكريا ؟ او بواسطة تدخل خارجى ؟

إذا نظرنا للمعارضة نجدها تفتقر الوطنية والشعبية والاهداف وهذا سبب فشلها وعدم تجميع صفوفها حتى الآن . لقد جابت المعارضة العواصم الافريقية والعربية والغربية ليس لتوحيد صفوفها وإنما لتصفية حساباتها والمتاجرة بالقضية السودانية والكسب الاعلامى وتلك الحقائق التى يجب أن نعترف بها سوى كنا معارضين أو مؤيدين .

المعارضة تنادى بالديمقراطية وتدعى مصلحة الوطن لكن اذا قسناها بأى معارضة بدولة أخرى نجدها ليس إلا مجموعات تسعى لمصلحتها اولا . كان المفترض عليها عندما أعلنت الحكومة الانتخابات أن تقيس حجمها وتعمل استفتاء للشعب ثم تتفق على مرشح واحد يمثلها وتخوض به الانتخابات وبدل المقاطعة تطلب من الشعب أن ينتخب هذا الشخص . عندها يكون الأقبال كبير والنتيجة لصالحها بنسبة كبيرة وتكون طبقت ثلاثة اشياء وهى الوطنية والديمقراطية والمعارضة النزيهة ويعترف العالم بها . وتشكل الحكومة من جميع الاحزاب التى تحت لواءها . لكن المقاطعة ثم التقرب للحكومة للفوز بالرضاء او منصب على حساب الشعب والوطن هذا مرفوض وهى ليست بمعارضة تستحق الدعم والوقوف معها .

الآن أنتهت الانتخابات وظهرت النتيجة وعرفت الحكومة كيف تستفيد لتأمين الجبهة الخارجية وتفرق الجبهة الداخلية وتظل المعارضة تنادى بالتغيير وعدم الاعتراف بالحكومة وتستمر الحركات فى ترويع الأمنين وتشريدهم وقتلهم وتظل الهيئات والمنظمات الدولية تدعوا للإجتماع بين أطراف التنازع فى عواصم افريقيا وأوربا والسُحب تتشكل وتنجلى بالرياح من غير أمطار ويظل المواطن بين السلطة والأمل ويكافح من أجل أمنه ومعيشته وصحته وتعليم أسرته وتتعطل التنمية وتمتلىء جيوب وتبنى عمائر وتستثمر أموال خارجيا وتمر السنين ونظل نطالب بأرحل وقاطع ويفنى جيل ويولد جيل والامام والسيد هم القيادة لا تغيير ولا تبديل ولا تطوير وحاملى السلاح لايستطيعون أن يحكموا ولاية حتى لو كان بدعم فرنسى المانى امريكى جنوبى ونظل ندعوهم لمخافة الله فى هذا الشعب المسالم وندعوا لنتعلم الوطنية والديمقراطية قبل أن نطالب بها .