أبشر الماحي الصائم

دنقلا الخرطوم وبالعكس


اسمح لنا يا صاحب الملاذات أن نستغل هذه النسخة من ملاذاتكم لتوصيل هذه الفكرة ..
التي أكتبها من على متن حافلة سياحية متجهة من دنقلا إلى الخرطوم.
أولا شكرا لاستقبالكم الجميل وتوديعكم المعبر.. شكرا، فعرباتكم مريحة بتصميمها المقنع وديكورها بديع ومقاعدها وثيرة مرتبة على أبعاد معقولة وأجواؤها نظيفة معطرة ومكيفة.. شكرا.. ولكن!
هنالك جانب مهم جدا ينسف كل تلك الجهود المقدرة ويجعلها بلا لون ولا طعم ولا رائحة وهو بصراحه الجانب الترفيهي الأشتر (معليش) الذي تصرون عليه. فهؤلاء الركاب يا إخواني – هداني الله وإياكم وفتح بصائرنا للحق ووفقنا لاتباعه – منهم المريض ومنهم القلق ومنهم الحزين المكلوم. منهم من يحتاج إلى هذه المساحة من الزمن لترتيب أموره, هنالك مكالمات ترد إليهم وتصدر منهم، ميولهم مختلفة، أمزجتهم مختلفة رغباتهم تختلف لا يمكن أن يتفقوا حتى على مدى تحمل مستوى الصوت المسلط على رؤوسهم، فلا يمكن ولا يستقيم لعاقل أن يختزل كل هؤلاء في شخص واحد ومزاج واحد هو مزاج السائق أو المضيف مع احترامي لهما.. (والماعاجبو ينط من البص) وحدث ولا حرج عن نوعية المعروض التي لا يمكن بحال أن يتفق هؤلاء على قبولها والتي في الغالب الأعم لا ترضي الله ورسوله ولا المؤمنين من موسيقى وغناء ورقص وأفلام عجيبة وتسجيلات حفلات وصالات ونكات كلها مليئة بالمخالفات الشرعية الواضحة لكل ذي بصر وبصيرة ونكون بذلك في رحلتنا الميمونة هذه قد خالفنا كل شيء وارتكبنا كل شيء ونسينا أي شيء، حتى كوننا مسافرين (والرجوع يعلمبو الله) فما بين زعيق هذا ونعيق ذلك وإيماءة هذه وضحكة تلك يتوه هؤلاء المساكين الذين لا يملكون من أمرهم شيئا وفي خضم هذا الضجيج والعجيج يكاد الواحد منهم يتقيأ ولا يجد قيئا، والمحير حقا أن كل هذا الهرج والمرج يفتتح بالقرآن الكريم سبحان الله ! اللهم ردنا إليك ردا جميلا ياااارب .
أكتب هذه السطور ورأسي لا يزال (منغوشا) أشرت من مقعدي إلى السائق على المرآة أمامه لتخفيض الصوت (عمل ما شايف)، وجاء المضيف ليقدم شيئا.. دعوته ليقترب وبكل أدب واحترام قلت له يا بني الصوت هذا.. فقاطعني: طيب.. طيب.. طيب.. حااضر ولم يفعل شيئاً.. توكلت على الله وحشوت أذني بجزء من منديل ورق، وظللت أحصي كل (ثانية) من الزمن حتى نهاية حتى نهاية الرحلة و.. لماذا لا نوظف هذا الوقت ..
* كأن نعلن عن بداية الرحلة مع بعض المعلومات عن طول الطريق والزمن المتوقع لقطعه ثم تذكير الناس بدعاء السفر والتمنيات لهم برحلة ممتعة هادئة..
* يمكن عرض بعض المعلومات بالصور المتحركة والشرح الكتابي عن الولاية الشمالية مدنها وضواحيها جغرافيتها وتاريخها، فضلا عن مكنوناتها وإمكانياتها المادية وفرصها التنموية، رموزها عبر المسيرة الوطنية وإشعارها وآدابها و.. و..
وإلا.. أقلاها.. إسكات تلك الأجهزة وذلك التهريج.. وهلا تدخلت السلطات المحلية لإنتاج مادة ترفيهية ملتزمة ومفيدة!!
هلال عوض هلال
معلم بالمعاش الولاية الشمالية