زاهر بخيت الفكي

أنا تُبت..الله يغفر لى…(2)


جل جلاله يُمهل ولا يُهمل..
وما كُلُ مرة بتسلم الجرة..
احترفنا السرقة وما عادت لنا صنعة سواها ولم يعُد يهمُنا أحد ، كل ما يهُمنا أن نجد ما نسرقُه ، كثُرت زياراتنا للحراسات والسجون ما إن نخرُج منها حتى نعود إليها بجُرم ربما أكبر ، تقطعت صلاتنا مع الأهل الذين لم يسلموا من زياراتنا الليلية لهم أو حتى النهارية عندما نسطو على محاصيلهم بعد حصادها تحت تهديدهم بأسلحتنا البيضاء وكذلك أخذ حيواناتهم عُنوة نهاراً جهارا وهم يعلمون بطشنا وقسوتنا فى حال المقاومة ، غالباً ما نكون فى حالة من اللاوعى وزجاجات الخمور لا تُفارقنا أبدا والحشيش أيضا..
انقطعت تماماً علاقتنا بالعبادة لا صلاة ولا صوم لقد اتبعنا الشيطان وعبدناهوا ، ما عادت تربُطنا بالعبادة أى صلة حتى الصلاة التى كنا نؤديها من أجل الناس تركناها ، صارت المعصية بكل أشكالها هى ما تعنينا ، انتهكنا كل الحُرمات وتشابهت علينا الأيام والأشهر حتى رمضان كغيره من الشهور صيرناهوا ..وانتهكنا حرمته..
فى نهار رمضان سطونا على محصول أحدهم بعد أن تمت تعبئته فى جوالات ، للأسف صاحبه من قرية مجاورة وتربطنا به علاقة كانت طيبة ، جئناهو مُلثمين فى منتصف النهار الحار وهو صائم ، لم تشفع له توسلاته لنا بأخذ نصف المحصول وهو يشكوا فقره وكثرة عياله ولا صيامه ، أخذنا كل المحصول وعندما حاول المقاومة رمينا به فى دكة الفول وأشعلنا فيها النار وهو فيها وذهبنا ..
فى طريقنا بعد أن نهبنا مزرعة الرجل وجدنا عربة تحمل مريضة فى طريقها للمستشفى وقد غاصت فى الطين، استجاروا بنا لنحمل معهم المرأة المريضة إلى ظل شجرة ، هددنا السائق ومن هم معه ثم نهبنا أموالهم وذهبنا وتركناهم بلا مال والمرأة تُعانى تحت الشجرة..
كانت حادثة حريق الرجل وسرقة محصوله (فظيعة) هزت كل أهل المنطقة ولم تُحرك فينا ساكنا ، ماتت المرأة تحت الشجرة التى تركناها فيها قبل أن تخرج سيارتهم من وحلها ، ربما كل الناس يعلمون من الفاعل ولكن من خوفهم والرعب لم يجرؤ أحدهم على اتهامنا ، حتى المُزارع صاحب المحصول ربما تأكد منا ولكنه لم يتحدث أو يتهم أحدنا بعد أن خرج من المستشفى وتعافى من الحريق الذى أصابه وقد تشوه تماماً بسببنا..
توفت الوالدة وهى تعلم علم اليقين أن أبنها هو الفاعل…
ذهبت للقرية بعد يوم كامل من دفن جثمان الوالدة التى فارقت دُنيانا حزينة على حال ولدها ، وجدتُ الكثير من الناس فى مكان العزاء بالطبع جاءوا لعزاء الوالد وأخوانى ، جئتهم مخموراً وبعضاً من رفاق السوء ، لم يهتم بى أحد من الناس ، تبرأ منى والدى أمام الناس وطردنى من القرية ..لم أعُد إليها ثانية إلا لسرقة شئ..
نواصل …