مقالات متنوعة

عبدالله إبراهيم علي : لن نحل مشاكلنا بالطلاق في كل مرة


نشتهي الطعام من أجل البقاء ونرغب في الزواج لأجل العفاف والاستقرار، فالمرأة جعلها الله سكناً للزوج، فهي تكمل نصفه الآخر، فمتى حصل خطأ في اختيار الزوجة أو تباين في الطباع ساءت العلاقة الزوجية، ومن ثم الطلاق العاطفي، ثم الطلاق الأبدي وبه تنتهي العلاقة الزوجية. والأصل في الطلاق هو الكراهة لما فيه من التفرقة بين الرجل وأهله، فينبغي على المؤمن ألاَ يلجأ إلى الطلاق، فإذا وجد حيلة في ترك الطلاق يكون أفضل، خصوصاً إن كان لهم أبناء، فسيكونون هم ضحية الطلاق ولا ذنب لهم في ذلك، أما إذا دعت الحاجة إلى الطلاق لسوء العشرة، وعدم وجود المودة أو لأسباب أخرى لكونه لا يطيق العيش معها فلا حرج في ذلك.
فقد يصعب التعامل مع الزوجة خصوصاً مع الحديثين في الزواج أو الذين لا يحسنون التعامل من الرجال، فالمرأة أرق الكائنات وأصعبها تعاملا، لدرجة أن وردة أو زهرة ترضيها، وتحس بها وتعطيها مكانتها عند الرجل، بينما كلمة قاسية تقتل فيها روح الإبداع ومواصلة الحياة الزوجية، إذن اللمسة اللفظية تجعلها تنطلق في سماء الإبداع، ولكن دائماً ما نجدهنَ الأقرب للتسامح والاعتذار وطلب صفحة جديدة لتصحيح الأوضاع، فقد تنام أيها الزوج وأنت زعلان من زوجتك، ولكن في الصباح تنهض زوجتك بسرعة لتجهز لك إفطارك مع العصير والشاي وكأن شيئاً لم يحصل، ترجوك التسامح والمغفرة والتقرب إليك، وهو والله شيء يكسر الخاطر وتدمع له العين، فأين نحن معشر الرجال من هذه التنازلات؟ لنراجع عباراتنا القاسية أحياناً قبل أن نرسلها للزوجة، فربما رمينا غيرنا بسهمٍ يصعب علينا رده، فحسن المعاملة والكلمة الطيبة والابتسامة بمثابة عطر الحياة وشريان المحبة الذي يغذيها، وربما تكون أصدق وأجمل هدية.
ومعروف في مجتمعاتنا أن العلاقة تنتهي بعد الطلاق نهاية أبدية، وتحضرني هنا قصة شهيرة لإحدى النساء وهي مطلقة من رجلٍ كان يعاملها معاملةً سيئة، ثم تزوجت من رجلٍ آخر بعده، وحدث أن بلغوها بوفاة طليقها، فكان ردها أن قالت انها لا تعرف هذا الشخص ولم تسمع به.
كما تحضرني أيضاً قصة رجل حدثت بينه وبين زوجته مشاجرة فطلبت منه الطلاق، فأخرج الزوج ورقة من جيبه وكتب عليها: (نعم أنا فلان الفلاني أقرر وأنا بكامل قواي العقلية أنني متمسك بزوجتي تمام التمسك ولا أرضى بزوجةٍ غيرها)، ووضع الورقة في مظروف وسلمها للزوجة وخرج من المنزل غاضباً، كل هذا والزوجة لا تعلم ما بداخل الورقة، وعندها وقعت الزوجة في ورطة، أين تذهب وماذا تقول؟ وكيف تم الطلاق؟ كل هذه الأسئلة جعلتها في دوامة وحيرة، وفجأة دخل الزوج البيت وتوجه إلى غرفته دون أن يتحدث بكلمة واحدة، فذهبت إليه الزوجة وتحدثت معه بصوت منخفض ومنكسر تسأله أن يستفتي الشيخ، وأنها نادمة أشد الندم، لعل الذي صار غلطة، وأنها لا تقصد ما حدث، فرد الزوج: وهل أنت نادمة على ما حدث؟ فردت عليه الزوجة: نعم، والله إني ما قصدت ما قلت واني متأسفة على ما حدث، عندها قال الزوج: افتحي الورقة وانظري ما بداخلها، وفتحت الزوجة الورقة وقرأت ما بداخلها، فبكت وهى تقرأ، ولم تستطع النظر إلى وجه زوجها الذى بادرها قائلاً: (لن نحل مشاكلنا بالطلاق في كل مرة ولكن بالمودة والرحمة).. فالطلاق بأيدينا لقدرتنا على التحكم بغضبنا أكثر من الزوجة.