منوعات

مُتلازمة القلب المكسور المعروفة علميًا بـ«تاكوتسوبو»: كيف يمكن أن يموت شخص بسبب الحُب؟


في سفر الأناشيد من الكتاب المقدّس، ترِدُ هذه الكلمات في الإصحاح الثامن «اجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك؛ لأن المحبة قوية كالموت»، وبالرغم من أنها تقر للمحبة بالقوة المضاهية لقوة الموت، إلا أن أحدًا لا يعتقد أن المحبة قد تقتل أحدًا.

كشف علمي متأخر أنصف الأشخاص الموجوعة قلوبهم من المحبة، وأثبت أن أحدًا قد يموت من الفراق، وأن جسم الإنسان قد يتضامن مع مشاعره في إضراب عن الحياة إثر صدمة عاطفية، فيم يُعرَف بـ«مُتلازمة القلب المكسور»، والتي تستعرضُها «المصري لايت» في التقرير التالي.

أزمة قلبية أم صدمة عاطفية؟

اسمه العلمي «تاكوتسوبو كارديوميوباثي»، غير أن المجتمع الطبيّ قبل عام 1990 لم يكُن أليفًا بهذا الاسم بالمرّة، وعلى الأرجح فإن أي مُصاب بأعراض هذه المُتلازمة كانت تشخّص حالته على أنها أزمة قلبية؛ لسبب أن الأعراض تتشابه وأعراض انسداد الشرايين التاجيّة وتُشخّص على هذه النحو، إلا أن لُغزًا يظل مُحيرًا وهو عدم وجود شكوى سابقة للمريض فيما يتعلق بالشُريان التاجي، حسب موقع جمعية القلب الأمريكية.

في الساعات الأولى، تتشابه تمامًا أعراض مُتلازمة «تاكوتسوبو»، والأزمة القلبية الحادة، ألم في الصدر، وضيق في التنفُس، بالإضافة إلى اضطرابات واضحة في رسم القلب، وخلل في وظائف الدم تظهر في تحليل صورة الدم، ما قد يجعل أطباء مهرة لا يستطيعون تشخيص متلازمة «تاكوتسوبو» أو القلب المكسور قبل إجراء إشاعة سينيّة تقطع شك انسداد الشُريان التاجيّ بيقين سريانه، وتُظهر البُطين الأيسر للقلب في صورة غير معتادة.

البُطين الحزين

من اليابان، حيث بدأت أول الإحصاءات والتشخيصات لمُتلازمة القلب المكسور عام 1990، اشتق «تاكوتسوبو» اسمه من وعاء فُخاري معروف في الثقافة اليابانية يُستخدم في صيد الأخطبوط ويُشبه شكل القلب في خلال تأثره بالمتلازمة. غير أن الولايات المُتحدة تابعت البحث في الأعراض، وصدر منها أول تسجيل لدراسة طبية تُقر بظهور المُتلازمة عام 1998 التي يُتعارف عليها الآن في جميع قارات العالم.

أسباب غير معروفة

بسبب كون الكشف العلميّ عن متلازمة القلب المكسور كشف مُتأخر نوعًا، فإنه لا توجد بما لا يدع مجال للشك أسباب واضحة للمُتلازمة التي تسبب اعتلالاً مفاجئًا في عضلة القلب، والذي قد يؤدي بنسبة 3 % إلى حالات وفاة ناجمة عنها.

من ناحية أخرى، ترتبط هذه المُتلازمة على الأغلب بحالات توترٍ وضغط نفسيّ وعصبيّ مفرط، لذلك يذهب العديد من الأطباء لتفسير الأمر على أن إفرازات الجهاز العصبي اللا إرادي هي المسؤولة عنه، فوفرة في إفراز هرمون «الأدرينالين» الناجمة عن توتر وضغط عصبي شديد من شأنها أن تتلف عضلة القلب، وتضعفها تمامًا.

كما يعتقد البعض كذلك في تسبب حدوث انقباض مؤقت للشرايين الصغيرة أو الكبيرة للقلب قد يؤدي إلى حدوث أعراض «تاكوتسوبو».

وعلى كُل الأحوال، فإن حالات المُتلازمة التي سُجّلت أغلبها تدور في فلك وفاة شخصٍ عزيز، أو مفارقة الحبيب بالطلاق مثلاً، أو اتخاذ قرار بالانفصال، أو التعرُض لإهانة شديدة، أو تشخيص مرضٍ خطير، أو فقدان ثروة، الأمر الذي يرشحها بامتياز لأن تكون مُتلازمة مُنكسري القلوب.

السيدات الأكثر عُرضة

وتسجّل حالات الإصابة بالمُتلازمة من قبل السيدات نسبة 90 % مُقابل معدلات الإصابة لدى الرجال التي تشكل العشرة بالمائة فقط المتبقيّة، ويرجع الطبيب الألماني «راينر شوبمان» اختصاصي علاج مُتلازمة القلب المنكسر، إلى حدوث انفجار هرموني في هرمونات التوتر، الأمر الذي لا تستطيع السيدات المُسنّات، أو بالأحرى المُتعديّات لسن اليأس تدارُكه، بسبب نقصٍ خاص تُعانينه بعد سن اليأس في هرمون «الأستروجين» الذي من شأنه أن يُعادِل الأمر، ويضطلع بمُهمة حماية القلب.

علاج «تاكوتسوبو»

لا يوجَد علاج بعينه للتداوي من مُتلازمة «تاكوتسوبو»، فالمصابون بها رُبما يحتاجون الراحة التامة، ويتم التعامُل معهم معاملة المصابون بالأزمات القلبية المُعتادة بالوضع تحت مُلاحظة الأطباء في العناية المُركزة لأغراض التعامل مع أعراض المُتلازمة. هذا بالإضافة إلى استخدام بعض العقارات التي تحتوي على جرعاتٍ من «حاصرات البيتا»، وهو عقار يستخدم لحماية قلوب المصابين بعدم انتظام في ضربات القلب أو الأزمات القلبية بشكلٍ عام، وكذلك مُدرّات البول، والذين من شأنهم تخفيف العبء عن القلب لحين التعافي، والذي يستغرق عدة أسابيع.

أما عن الوقاية من مُتلازمة «تاكوتسوبو» فلا ينصح الأطباء نصائح مُحددة، غير أن علاجًا نفسيًا لتعليم المرضى كيف يتعاملن مع التوتر المُفرَط من الممكن أن يكون مُفيدًا.

العربية