داليا الياس

ابدأ بنفسك.. كن ملتزماً


لم أجد أبلغ من نص الشعار الرسمي للحديث عن أسبوع المرور العربي في نسخته المحلية لهذا العام.. فقد كان الخيار موفقاً ومعبراً وعميق المضمون ونبيل الأبعاد والأهداف والمقاصد.

والشاهد أن حركة المرور على الطريق تظل علاقة شراكة تكاملية بين كل المستخدمين، الراكبون منهم والراجلون.. الذين وراء المقود.. والذين على مفارق الطرقات وعند الإشارات، فرجل المرور أيضاً يعد واحداً من شركاء الطريق والمعنى بتوجيه تلك الشراكة، بحيث تتحول لشراكة ذكية ومحترمة.

وفي كل عام يتم اختيار شعار أسبوع المرور العربي بعناية فائقة، بحيث يأتي رسالة إرشادية قصيرة ومقتضبة، ولكن الوعي لها وإنفاذها يحقق مكاسب إنسانية كبيرة، ويكفل لنا المزيد من الحماية للأرواح والممتلكات.

وفي كل عام أيضاً يحرص القائمون على أمر شرطة مرور السودان على العداد المبكر لهذا الأسبوع الهام بالعديد من برامج المسؤولية الاجتماعية والإرشاد والتوعية والترغيب من أجل تفعيل دور المواطن في خدمة القانون والمجتمع ومساهمته في بسط الالتزام المروري والسلامة المرورية على الطريق العام.. لذا وجب علينا جميعاً أن نستغل هذه السانحة ونبدأ بمراقبة سلوكنا المروري على الطريق وتقويمه، بحيث يكون سلوكاً مستنيراً وواعياً ملتزماً بالقانون وخاضعاً لسلطة العقل والضمير والإحساس الذاتي بالمسؤولية.

فإن تبدأ بنفسك يعني أن تقلص عدد الضحايا الذين يتعرضون لمواجهة الموت راكباً كل يوم، عندما يأتي الخطر متهادياً على عجلات أربع خرجت عن السيطرة بسبب رعونة السائق أو تهالك المركبة أو الجهل بالمحاذير أو تعمد اختراق القانون والاستهتار به!!

لقد أصبحت القيادة في طرقاتنا المكتظة بالسيارات من جميع الأنواع والأشكال والألوان ضرباً من المخاطرة اليومية التي تحتاج للتركيز والهدوء والتعاون!!

لم يعد ثمة مجال للتهور واللامبالاة والتسلط.. فجميعنا في غنى عن تكبد أي خسائر مادية أو معنوية، ومثلما تقوم شرطة المرور بأداء واجبها على الوجه الأمثل في ما يليها من مهام والتزامات وتوجيه وإرشاد وتنظيم.. يجب على بقية الشركاء القيام بواجباتهم كما يجب، حتى تتعاون كل الأيدي في التصفيق احتفاءً بالإنجاز الكبير الذي يمكن أن يتحقق كلما نجحنا في خفض معدل وفيات الحوادث المرورية.

فتعالوا جميعاً نبدأ بأنفسنا بكل قناعة وحماس.. ليس خوفاً من عقوبة ولا تجنباً لجباية.. بل بدافع الإيمان الداخلي المطلق بأن علينا واجباً مقدساً تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين على الطريق، وعلينا أن نكف عن القيادة الرعناء فوراً، ونحاول أن نراقب سلوكنا المروري ونعيد تقييم علاقتنا بشرطي المرور ونظرتنا له، وهل نحن حقاً نستحق الرخص التي نحملها أم أننا لا نزال من البربرية بمكان؟!

نعم.. لقد أصبح تطور البلدان والشعوب يقاس بتطور حركة السير والتزام المستخدمين على الطريق، والعقوبات التي تفرض على الأخطاء المرورية التي يرتكبها قادة المركبات العامة والخاصة في كل المدن العربية الشهيرة تفوق تلك التي لدينا كثيراً، لذا تجدنا كسودانيين ملتزمين تماماً بقوانين العالم من حولنا، ولكننا حالما وطئنا أرض الوطن تحولنا لكائنات همجية تسيئ استخدام الطريق!! وهذا يفند الإدعاء الذي يشير إلى أن نزوعنا للتحدي واختراق القوانين فطرة سودانية تتعلق بالجينات الوراثية! فالتزامنا في الخارج يؤكد أننا قابلون للانصياع.. فما هو السبب الذي يمنعنا من الالتزام هنا؟! ولماذا لا نبدأ بأنفسنا منذ الآن ولا نستهين بتأثير التزامنا على كامل المنظومة.. فمهما كنت ترى أن أخطاءك صغيرة أو عربتك متواضعة أو مدة وجودك على الطريق قصيرة أو كنت ترى من ناحية أخرى أنك أكبر وأهم من أن تلتزم كالآخرين.. فستظل جزءاً لا يتجزأ من سلسلة متصلة تعرف بحركة السير.. والتزامك خلالها يشير لمدى وعيك واتساع أفقك ويقظة ضميرك وحرصك على حياتك وحياة الآخرين.. هذه الحياه التي لا بديل لها ولا تعوض بمال التأمين.. الحياة الواحدة التي يجب أن نحياها كما يجب.. وفق قانون الضمير والزهور والعطور.. والمرور.

تلويح:

كل عام واللون الأبيض يزهو برجاله الرائعين القابضين على جمر تأمين حياتنا في أحلك الظروف وبأقل الإمكانيات.. والذين يستحقون أن نلتزم لأجلهم ولأجل أرواحنا.. ولأجل غد أفضل لهذا البلد الحبيب.


تعليق واحد

  1. ما شاء الله شباب يا داليا .. لكن مش ملاحظة إنك ” تترتي التريم سوية ” … تحياتي