عبد الجليل سليمان

ما “مُحتاجة” للجنة عُليا


وللأخبار التي مصدرها (الوزارات) روح النكتة لما تختزن من مفارقات وغرائب، وعلى وجه الخصوص تلك الصادرة من وزارات الخارجية، الصحة، والتربية والتعليم.

والأخيرة، لها باع وذراع وخبرة طويلة وتجربة مديدة في إنتاج الأخبار المذهلة التي تجعل قراءها (أكرمهم الله) يتقلبون على أقفيتهم فرط الضحك، إذ دأبت على ارتجال كل شيء، منهج، سلم تعليمي، رسوم دراسية، زي مدرسي، وما لا نهاية لها من المتاعب الكبيرة والصغيرة.

أما المتاعب الصغيرة فدعها، فهي لا تحصى ولا تعد. ثم ما لنا وصغائر الأمور؟ ونحن أهل (عظائم)، لذا فلنتجه مُباشرة إلى (كبائر) أمور وزارة التربية، ومنها الخبر المبذول في يوميات خرطومية عديدة، عن أن الوزارة شكلت لجنة عليا ولجاناً فرعية على مستوى المحليات للطواف على المدارس الخاصة واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي مدرسة مخالفة للقوانين واللوائح، ومعالجة أي أشكاليات قبل بدء العام الدراسي.

في البدء، لا بُد أن نحمد الله حمداً كثيراً أن أحيانا إلى أن شهدنا عصراً تُسيِّر فيه الوزارات دولايب أعمالها بخطط كلامية وتصريحات مجانية، فتدأب دأباً شديداً في استنفاد وقتها وتبديده في تشكيل لجان طوّافه، لن تثمر (بالتجربة وكدا) عن نتائج مفيدة، تنخرط بالتقادم – كما عهدناها دائماً – في حالتي (انعقاد وانفضاض) دائمتين، دون أن نجز أموراً مهمة.

تلك اللجان (متعودة دايماً) – هذا إن طافت طبعاً – على كتابة التقارير وإرسالها إلى متخذ القرار، ثم وهناك (لن يُتخذ أي قرار). لذلك فإنني لا أستبشر خيراً بلجان التربية والتعليم الطوّافة، وإنما أرى خلف رمادها وميض نار من صرف على حلها وترحالها وإقامتها وإعاشتها ومائها ووقود سياراتها، وما إلى ذلك من معينات (عمل)، أدوات كتابية (أرواق، دبابيس، خرامات، ملفات).. والقائمة تطول والشهور تمضي والسنوات تسير والفصول تتعاقب.. ولن تنجز اللجنة (نبتة واحدة).

لا تحتاج الوزارة الموقرة إلى تلك اللجان، عليها أن تسند أمر التفتيش وتكله إلى موظفيها في دائرة أو قسم (التفتيش التربوي) إن لديها قسماً بهذا الاسم، وإن لم يكن، فلتنشئه، فيضطلع هذا القسم أو تلك الدائرة – سمه ما شئت – بمهام هذه اللجنة العجيبة.

ميزة وجود قسم خاص بمهمة (تفتيش المدارس) كلها حكومية وخاصة، ومنحه مهمة اتخاذ القرار، لا إزجاء النصح والتوصيات وكتابة التقارير، ثم تنتهي مهمتها بانتهاء (مراسم دفن) تقارير في مثوى خزانات الوزارة، إنها تقلل التكلفة وتجعل العمل أكثر فعالية واتخاذ القرار أكثر يسراً ومتابعة تنفيذه سهلة.

نناشدكم بحق السماء وحق أبنائنا في تلقي تعليم جيد، أن توقفوا هذه اللجنة فوراً، فلا المدارس الخاصة ولا الحكومية تحتاج لجاناً للطواف عليها، لأن ظاهرها كباطنها لا يتخفى شيئاً، فوفروا أموالكم واتخذوا قراركم من فوركم يرحمكم الله، وارحمونا من لجانكم العليا والسفلى هذه.