أبشر الماحي الصائم

البوني “وكرفتات” البنك الزراعي


في لقاء البروف الزميل عبداللطيف البوني مع السيد صلاح حسن، المدير العام للبنك الزراعي السوداني، صباح السبت على قناة النيل الأزرق، طالب الزميل البوني موظفي البنك لنزع (البدل والقمصان) ومن ثم النزول إلى المزارع والحقول، وفي المقابل لم يكتف السيد المدير العام بالدفاع عن موظفيه الذين وصفهم بـ (الغبش) فحسب، بل حكى تجربته هو شخصيا لما كان يعمل موظفا في قطاع جنوب كردفان، كان يتجول على ظهور التروكترات، غير أن السيد المدير العام عاد وقال إن مصرفه بصدد تعيين أفندية بمواصفات أكثر خشونة، تكمنهم من أداء واجباتهم بامتياز بين الترابلة وسط الحقول و.. و..

* والحق يقال، بحيث أصلح أن أكون شاهدا في هذا المضمار، وترفدني شخصيا تجربة مصرفية تخطت عقدا من ربط العنق، بأن شغيلة البنك الزراعي قد (تتربلوا) من مصطلح الترابلة، وذلك من خلال عملهم المتواصل وسط المزارع والحقول !!

لكن يا صديقي البوني هل هذه إلا مؤشر صغير ومجرد دﻻلة وسط دهاليز الأزمة الزراعية التي تراوح مكانها، وأدرك انك تفرق مابين (التجريد من ربطة العنق) وما بين التجرد والانعتاق من البيروقراطية و.. و..

* غير أن الجديد في هذا اللقاء يتمثل في البشريات التي زفها السيد المدير العام، بأنه أخيرا قد دخل إنتاج القمح السوداني إلى أمبراطوريات مطاحن سيقا وويتا، ليس هذا فحسب، بل إن الأخ صلاح قد أكد أن إنتاجنا المحلي في نسخه الجديدة قد نافس المستورد، وإن لم نفعل في هذه المرحلة – والحديث لمؤسسة الملاذات – إلا أن نحطم تلك الأسطورة التي تقول إن قمحنا المحلي ﻻ يصلح أن يطحن في هذه (الممالك) الغلالية، فهذا لعمرى وحده يمثل نصف الطريق إلى الهدف و.. و..

* ويبقى النصف الآخر معلقاً بأمنية السيد المدير بأن خمسمائة ألف فدان قمح فقط، تزرع في الجزيرة تكفي لتمزبق فاتورة القمح، يبقى السؤال المضني كيف الطريق إلى ذلك؟!

صحيح إن البنك الزراعي هو بمثابة الذراع القوية للعملية الزراعية برمتها، إلا أنه يظل يستمد قوته من إرادة الدولة ورغبة جمهور المزارعين، فلئن توفرت له سقوفات مالية معتبرة وسياسات طموحة ومحكمة، ثم صادف ذلك رغبة إنتاجية جادة وسط جمهورية المزارعين، فنستطيع يومئذ أن نتحدث عن نهضة زراعية تذهب إلى ما فوق الاكتفاء الذاتي !!

صديقي البوني، إن الذي أفظع من الكرفتات، هو دخول الأجندة السياسة إلى مشروع الجزيرة، (والمزاج السياسي) فكثيرة من شغيلة الأمس هم نواب وساسة اليوم، حتى اليسار قد دخل (بتحالفاته إلى حقول المزارعين)، فالسياسة التي أفسدت جامعاتنا وخدمتنا المدنية قد دخلت كالسوسة إلى المشروع، وكما عكير يوم رثاء صديقه:

ما كفاها أحمد كوكب الحلفاية

للكباشي جات بعمرتها الكفاية

كايسة الجيلي عرقانة ورجولها حفاية

وللحديث بقية