الصادق الرزيقي

ما بين حديث عصام وإسحاق


> ربما اختلط على الأستاذ إسحاق أحمد فضل الله، ما دار في خطبة الجمعة الماضية بمسجد النور بكافوري، عندما كان الخطيب الدكتور عصام أحمد البشير يتحدث عن الإرهاب ومحاولة إلصاقه بالإسلام والمسلمين، وتنميط صورة المسلم في الغرب والإعلام الدولي، والدين الحنيف براء من ذلك لا لأصوله ولا لفروعه ولا اجتهادات مجتهديه من الأئمة العظام الذين لم يجوزوا قتل الأنفس وتشويه صورة الصحيح من الدين.. فالمعلوم بالضرورة أن الإسلام دين جهاد، ولا يختلف اثنان حول أن الجهاد هو ذروة سنام هذا الدين، وما أضاع المسلمون حقوقهم وفرطوا في بلادهم واسترخصوا دورهم التاريخي وبلغت منهم المذلة مبلغاً إلا بتركهم الجهاد.
> فالخطيب الدكتور عصام كان يتحدث عن هذه المعاني، وهو ينكر على التنظيمات التي اتخذت الغلو والتشدد والتطرف والتعصب منهجاً، وارتكابها القتل وما حرم الله من تقتيل الأبرياء، ولم تخرج الخطبة من سياقها المعلوم والدعوات التي ينادي بها جل علماء المسلمين وغالب الجمهور من الفقهاء المعاصرين، للوسطية والاعتدال والدعوة بالحسنى ومجابهة كل فعل بما يناسبه، فإن كان قتلاً فهو جهاد وإن كان جدالاً فالمجادلة عند المسلمين لم تسقط راياتها.
> لكن إسحاق عاب على الدكتور عصام البشير قوله، ووصم المنابر بأنها غارقة في لعبة المخابرات التي تدير العقول والأدمغة وكأنها توجه منابرنا وعلماءنا وهم يدفعون عن الإسلام تهم وأباطيل الإرهاب التي صارت فرمانات تصدر من كل اتجاه، وتردد وسائل الإعلام العربية مثل هذه التهم كالببغاوات دون هدى أو كتاب منير.
> ويجدر بنا تحري الحق والحقيقة عند ملامستنا هذه القضايا الشائكة التي تحتاج إلى فقه وإلمام وتبصر وتفكر، ولا يصح الخوض فيها هكذا خبط عشواء، فمن يمارسون الإرهاب اليوم باسم الدين يجب أن توزن أفعالهم بميزان الدين وإن كان هناك ما يبرر غضبتهم وغلوهم، وما تشهده الساحة الإسلامية كلها من جاكرتا إلى طنجة كما يقال، هو امتلاء بالأمور المتشابهات التي خلطت الحلال والحرام، خاصة في مجال التعاملات والسياسة والموقف المتعلق بتفاعلاتنا الحضارية مع عالم يموج بالأفكار والمذاهب والملل والنحل، فهناك أفعال تخالف الصريح من النص والفعل وتتعارض مع أحكام شرعية، التبست على كثير من الناس في عالمنا الإسلامي وشبابه، من واجب العلماء وأهل النظر والفقه أن يبينوها للناس من على أعلى المنابر وفي وسائل الإعلام المختلفة، حتى لا يقع شبابنا في متاهة ووهاد العنف غير المبرر ويتخذوا منه وسيلة للبلاغ والدعوة، وما أعسر ذلك على كل رشيد ومبلغ وداعية.
> ثم أن إسحاق ألقى حديثاً على عواهنه بإشاراته إلى أن المخابرات هي التي توجه منابرنا وتضرب عقول أهل المنابر، وهو لم يقدم دليلاً على ذلك، وليس من الحكمة في شيء سوق مثل هذا القول والاشتطاط فيه وتعميمه، فلو انحدرت الثقة في المنابر لضاع الدين وضاعت هيبته ولقل المعروف بين المسلمين، إذا كانت المنابر متهمة ومطعوناً في نياتها وتوجهاتها، ومثل هذا القول سيغري من تطرفوا وتشددوا باستهداف العلماء وحملة مشاعل التنوير والتبصير، وعندها لن نجد لا منابر ولا دعوة ولا بلاغ.
> من واجب كل أهل المنابر ومنها حملة الأقلام والصحف، أن يرفعوا عن الإسلام ما التبس على الناس من أمر الإرهاب وعلاقته بالحنيفية السمحاء، فما شاد الدين أحد إلا غلبه، فعلينا أن نستمسك ونعتصم بعرى عقيدتنا ونثق في وعد الله غير المكذوب أنه سيورث الأرض عباده الصالحين، ولا يجرمننا شنآن قوم في أن نعدل في الرؤية والتقييم.
> وبما أننا نعرف الدكتور عصام أحمد البشير ومقاصده وكسبه وحرصه وجهاده من أجل ترسيخ قيم الدين الحق وهو صاحب نبوة وسبق، فلا يليق به أن يوصف منبره بهذا الوصف المشين.


تعليق واحد

  1. عصام البشير (( صاحب نبوة وسبق )) !!

    فلماذا اذا” الدفاع عنه , الا تعلم بأن كل الانبياء قد امتحنهم الله في الدنيا ليكونوا قدوة لمن بعدهم ؟؟.