سياسية

الخارجية السودانية: المتورطون في شبكة التجسس بيد العدالة والقانون


أكدت وزراة الخارجية رسمياُ، توقيف السلطات شبكة تجسس وتخابر مع جهات خارجية وأنهم الآن بيد الجهات القانونية والعدلية. وقال المتحدث باسم الوزارة، علي الصادق في تعميم صحفي، أمس الاثنين، إن أفراد الشبكة ” تم القبض عليهم بالفعل ويواجهون تهمة التجسس ونقل معلومات لجهات خارجية “وأكد الصادق أن المتهمين من الفنيين المتعاونين مع وزارة الخارجية ومؤسسات حكومية أخرى، قاطعاً بأنهم ليسو دبلوماسيين أو إداريين “لكن أُلقي القبض عليهم بوزارة الخارجية نتيجة متابعة ومراقبة دقيقتين، وهم الآن في يد العدالة والقانون.”وأطلع وكيل نيابة أمن الدولة قاضي محكمة بالخرطوم الأحد على أدلة تثبت تورط المتهمين في قضية تجسس المتهم فيها رئيس قسم البرمجيات والمصمم لبرامج السفارات والقنصليات الموحد بوزارة الخارجية ومتعاون بقنصلية السودان في دبي.وأفاد المتحري، وكيل نيابة أمن الدولة والمستشار بوزارة العدل محمود عبد الباقي خلال الإدلاء بأقواله أمام قاضي محكمة جنايات الخرطوم شمال، بشرى التوم أبوعطية، أن المتهم الأول سرب معلومات سرية عن وزارة الخارجية لشخص أجنبي يدعى “جون فوهر” بدولة الإمارات، وسلطنة عمان، وذلك عند مقابلته لأمريكي 4 مرات بتاريخ في مايو 2014.وأكد أن المتهم الأول وخلال التحريات اتضح أنه أرسل جواز سفره للأمريكي بغرض التأشيرة للإمارات، مبيناً أن المتهم الأول التقى بالأمريكي في دبي 4 مرات وفي المرة الخامسة ألقي القبض عليه.
وكشف المتحري أن المتهم الأول كان يسلم الأمريكي في كل مرة قاعدة بيانات عن وزارة الخارجية بعد أخذها من “سيرفر” الوزارة بواسطة قرص خارجي، وذكر للمحكمة أن المتهم كان يتسلم في كل مقابلة مع الأمريكي مكافأة مالية تراوحت بين 3 آلاف درهم ومبلغ 870 ألف دولار.

صحيفة الجريدة


‫4 تعليقات

  1. مرافعة أستاذ كمال الختامية في قضية اخونا المظلوم عثمان الطيب و التي نتوقع ان شاء الله يوم الخميس القادم الحكم فيها ببرأته من كل تهم التجسس التي لفقت له.
    حددت محكمة جـنايات الخرطوم شمال جلسة 23 يونيو الجاري للحكـم في دعوى جهاز الأمن ضد عثمـان الطيِّب وآخر، والمعروفة إعلامياً بقضية التجسس في وزارة الخارجـية، بعد أن أودعـت هيئة الدفاع عن المتهم الأول، برئاسـة أ/ كمال الجزولي، مرافعتها الختامية، وذلك كالآتي:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    التاريخ: 9 يونيو 2016م
    السيد/ قاضي جنايات الخرطوم شمال،
    باحترام، ونيابة عن موكلنا المتهم الأول في هذه الإجراءات، عثمان الطيِّب الرَّيَّح، نلتمس قبول مرافعة الدفاع الختامية هذه على النحو الآتي:

    I – من حيث وقائع الاتهام
    (1) جرى تحريك هذه الإجراءات من جانب نيابة أمن الدولة ضد موكلنا المذكور وآخر تحت المواد/53 ، 55 ، 21 ق ج لسنة 1991م.
    (2) تلخصت الادعاءات ضد موكلنا المذكور الذي يعمل كمتعاون ومصمم برامج ورئيس لقسم البرمجيات بوزارة الخارجية في أنه، وبحسب ما ورد ضمن خطبة الاتهام الافتتاحية وإفادات من أطلقت عليهم تسميات المتحري والشاكي وشهود الاتهام، قد قام:
    أ/ بالتجسس لصـالح أمريكا عن طريق عميل مخابراتهـا جـون فوهـر، وتمليكه، في دولتي الإمارات العربية وعُمان، معلومـات مهمة حول أمن السـودان تمثلت في أنظمة وقاعدة بيانات خاصة بالوزارة المذكورة بعد أخذها من سيرفـرها فـي قرص خارجي؛
    ب/ بإطلاع الأمريكي المذكور على تلك الأنظمـة وقاعـدة البيانات في اللابتوب خاصـته، كمـا قام باستنساخ نسخة منها له في فلاش؛
    ج/ باستلام مقابل لذلك عبارة عن 3000 درهم و870 دولاراً أمريكياً بالإضافة إلى تكاليف تذاكر السفر والتأشيرة؛

    II – الموازنة بين قضيتي الاتهام والدفاع من حـيث الإثبات
    أولاً: من ناحية الاتهام:
    (1) تعيَّن على الاتهام، كما هو معلوم لديكم قضـاءً ولا شـك، أن يتحمل عبء إثبات ادعاءاته هذه بالمستوى الذي يلزمه باستجلاب البينة عليها دون مرحلة الشك المعقول beyond a reasonable doubt ، بينما لا يلزم الدفاع سوى بإثارة القدر المعقول من الشك في ذهن المحكمة. ومعلوم قضاءً، بالطبع، أن القاعدة الأصولية والذهبية بالنسبة لعموم القضايا، في كلا الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، أن عبء إثبات الوقائع المعينة يقع، بوجه عام، على عاتق الطرف الذي يدعيها؛ فمن جهة الشريعة: “البينة على من ادعى”، ومن جهة النظامين القانونيين الإنجليزي والهندي: “he who asserts must prove”؛ وذلك مع مراعاة أن مستوى الإثبات المطلوب من الأطراف في الدعاوى المدنية هو أرجحية الأدلة preponderance of evidence ، بينما المستوى المطلوب من الاتهام في الدعاوى الجنائية، كما أشرنا، أن يكون دون مرحلة الشك المعقول beyond a reasonable doubt.
    (2) ويظل عبء الإثبات الجنائي ملقى، بهذا المستوى، على عاتق الاتهام حتى نهاية الدعوى، بحيث إن تبقى، بعد أخـذ كل البينة، محض ظـل من الشك المعقول a shadow of doubt فإنه يكون لزاماً على المحكمة تفسيره، بصرامة وحزم، لصالح المتهم، ومن ثم تقرير شطب الاتهام لعدم كفاية الأدلة.
    (3) تقترن بهذه القاعدة قاعدة أخرى واجبة الاتباع، وفق الشريعة الإسـلامية بالذات، في كل الدعاوى بوجه عام، وفي الدعاوى الجنائية على وجـه الخصوص، وهـي القاعدة التي تمنع اعتبار إفادة الخصم عموماً، والشاكي خصوصاً، في مقام البينة. مرجـعية هـذا الترتيب في الشريعة، وبالنظر إلى (قانون أصول الأحكام القضائية لسنة 1983م)، هي القاعدة الأصولية المستمدة من قوله (صلعم): “لو يعطي الناس بدعواهم لادعي رجال دماء قوم و أموالهم، ولكن البينة علي المدعي واليمين علي المدعي عليه” (أنظر: صحيح البخاري، ج 3، ص 73 ـ وصحيح مسـلم، ج 3، رقم 1711، ص 1336). وفى رواية البيهقـى: “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر” (سند البيهقى، ج 10، ص 150- 153). وفي قوله (صلعم) أيضاً: “ما أنا إلا بشر، وإنكم لتختصمون إلي، وقد يكون بعضكم ألحـن بحجـته من بعض فأقضي له ..” الخ. وفي ذم التعجل، والإعلاء من فضيلة تقصِّي البينة، قال (صلعـم): “ألا إن التبين من الله، والعجلة من الشيطان، فتبينوا”. وكذلك نصح عمر بن الخطاب أبا موسـي الأشعري (رضـي الله عنهما) حين ولاه قضاء البصرة: “البينة على من ادعـى واليمين على المدعـى عليه” (إبن قيِّـم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، ج 1، شرح رسالة عمـر في القضاء، ص 67).
    (4) أما الأساس الذى يغلظ، في الدعاوى الجنائية، من مستوى الاثبات المطلوب من الاتهام، وييسِّر من مستوى الاثبات المطلوب من الدفاع، فقائم بوضوح على القاعدة الشرعية القائلة: “لئن يخطىء الامام فى العفـو خير من أن يخطـئ فى العقـاب”؛ مثلما هو قائم، أيضاً، في مستوى القانون الوضعي على التوافق بين الفطرة والشريعة لجهة حث القاضـي على توخي الحـذر في ما يتصـل بوزن البينة، حـيث القاعدة المتبعة، أيضـاً، في الشريعة العامـة الإنجـليزيـة، هي أن: “تبرئة مائـة مجـرم أفضـل من إدانة برئ واحـد”. ولقد جاء قانون الإثبات لسنة 1983م ـ 1994م متسقاً، على نحو خاص، مع القواعد المشار إليها، كالمادة/5/ب من قانون الإثبات لسنة 1994م: “المتهم برئ حتى تثبت إدانته دون شك معقول”؛ وكذلك المادة/4/ج من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م: “المتهم برئ حتى تثبت إدانته”.
    (5) ينطرح، عند هذا الحد، السؤال عما إذا كان الاتهام أو الدفاع، في الدعوى التي بين أيديكم الآن، قد نجح في تحمل عبء الإثبات وفق القواعد المقررة لكل منهما، وبالمستوى المشار إليه. نأخذ، في البداية، قضية الاتهام، ويقيننا أن نظرة عجلى إليها تكفي عدالتكم كي تدركوا أنها جاءت ضعيفـة، مفككـة، مكتظـة بالثغرات، وعموماً أبعـد ما تكون عن الاستجابة لأيٍّ من القواعد الراسخة المشار إليها أعلاه. ولا نحتاج للإطناب فـي هذا السياق، وإنما نستميحكـم الإذن فقـط لإيراد الملاحظات الأربع الأساسية الآتية:

    الملاحظة الأولى:
    أ/ ظن الاتهام المتمثل في “جهاز الأمـن” و”نيابة الأمـن” أن حشـد أكبر قدر من منسوبيه للإفادة أمام المحكمة كاف لتأسيس قضـية ناجحـة ضـد المتهمـين؛ بل وظـن أن قيامه هو بتقسيم العمل devision of labor بين هؤلاء المذكورين يصلح لتكييف الصفة القانونية التي يمثل بها كل منهم في معرض الإثبات course of evidence. هكذا مضى الاتهام يسمي أحد منسوبيه “متحرياً”، والآخر “شاكياً”، ويوزع الباقين بين “شهود وقائع” و”شهود خبرة”، متغافلاً عن حقيقة أنهم ليسوا كذلك، وإنما شاركوا جميعاً، وبإقرارهم ضمن إفاداتهم، فـي كل العمليات الأمنية والاجرائية التي صاغـوا من خلالها ادعاءاتهم ضد المتهمين، من مراقـبة، وقبض، وتفتيش، وضبط للمعروضات، وفتحـها فـي غياب موكلنا، وادعـاء العـثور ضمنها على المواد التي يزعمون، بلا بينة، أنه قـام بتسليمهـا إلى العمـيل الأمريكـي .. الخ.
    ب/ مفهوم “الشـاهد” يُستمد، بلا شك، من مفهوم “الشهادة” التي تعرفها المادة/23 من قانون الإثبات لسنة 1994م بأنها “البينة الشفوية لشخص عن إدراكه المباشر لواقعة تثبت لغيره مسئولية مدعى بها على آخر أمام المحكمة”. وعرفها الفقهاء بأنها “إخبار الإنسان بحق على غيره لغيره” (السلطة القضائية، لجنة تأصيل القوانين؛ تأصيل قانون الإثبات، ص 87)، كما أن “الإقرار إخبار بحق على نفسه لغيره، والدعوى إخبار بحق على غيره لنفسه” (أحمـد إبراهـيم إبراهـيم؛ طرق القضاء في الشريعة الإسلامية، ص 282). ولعل المعنى هنا واضح بما لا يدع مجالاً لأي لبس، حيث:
    ب/1: لا يمكـن، حسب هذه التعريفات، أن يعتبر شـاهداً، بأية حال، من يفيد أمام المحكمة بأية واقعـة يريد بها أن يثبت لنفسه أو لمن هو منسوب إليه مسؤولية مدعـى بها على آخـر. وبالتالي فإن كل منسوب لجهاز الأمن قدمه الاتهام أمام المحكمة كشاهد إنما يقوم، في الحقيقة، مقام الشاكي، ولا يغير من صفته هذه، أو يجـعل منه شاهداً كون الشاكي أسماه شاهداً، أو أراد أن يجعل منه شاهداً!
    ب/2: مع ذلك، ولئن لم تعتبر إفادة الشـاكي بمثابة الشهادة، إلا أن ما يرد ضمنها لصالح الدفاع يُعتبر إقراراً، مثل الإقرار الذي قدمه الشـاكي بنفسـه، ضمن إفادته، بأن المتهم الأول لديه إذن بالدخول إلى السيرفر الشامل لمعلومات الوزارة.
    ب/3: إلى ذلك لم يقصـر ممثل الاتهـام أسئلته أثناء مجرى البينة course of evidence ، لجميع منسوبيه الذين أحضرهم كشهود أمام المحكمـة، على الوقائع وحدها، بل درج على سؤالهم عن رأيهم وتقديرهـم بشـان الأضـرار والآثـار القانونيـة المترتبة على الوقائع، فمضوا، من جانبهم، يوغلون في الخوض فـي هذه الآراء والتقديرات، مما استدعى اعتراضاتنا المتلاحقة، كون هذا مما يمتنع على الشاهد قانوناً، حيث يقطـع الفقـه بأنه “لا يجوز أصـلاً اسـتدعاء من يشهد بموقف الشـرع أو القانون من واقعـة معـينة لأن ذلك يختص به القاضي حصراً” (د. الصديق عبد الباقي؛ كتاب الشهادة، مطابع السودان للعملة، ط1، الخرطوم 2006م، ص 6).
    الملاحظة الثانية:
    لم يلتزم الاتهام بضوابط إجـراء التفتيش وفق نص المادة/95 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م. كما وأن الاتهـام، الذي يمثله فـي الحالة الراهنة وكيل نيابة الجـرائم الموجهة ضد الدولة، أغفل أو تغافل عن أية أهمية رصدها المشـرع، ضمـن المـادة/94 من قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م، لمسألة انتداب خبير لحضور التفتيش، رغم أن الأمر يتعلق هنا بمسألة فنية علمية تحـتاج بالفعـل إلى حضور خبير في مرحلة التفتيش.
    الملاحظة الثالثة:
    أ/ قدم الاتهام أمام المحكمة قدراً هائلاً من الأوراق الشاملة لكتابة أسماها مسـتندات دون أن تكـون كذلك، حيث لا تنطبق عليها شروط المستندات حسب الفصـل السادس من قانون الإثبات لسنة 1994م.
    ب/ قدم الاتهام، أيضاً، معروضـات عبارة عن جهاز لابتوب ماركة “توشيبا” أحمر اللون، ولابتوب آخر ماركة “آسر”، ولابتوب ثالث ماركة لايف بوك، وهاردسـك أبيض اللون، وعدد من أسطوانات سي دي، وعدد من الهواتف النقالة، وعدد من الفلاشات، وجوازي سفر، وجنسية، وبعض الكروت التعريفية.
    ج/ سوى أن الاتهام اكتفى من كل الأجـهزة بأجسـامهـا الخارجـية، علمـاً بأن الأجسام الخارجية لا قيمة لها بدون فتحها “إليكترونياً” أمـام موكلنا ومواجهته بها داخل المحكمة، كمـا كان ينبغـي، لإثبات احـتوائها على “الأوراق” التي يُدعي العثور عليها فيها؛ وذلك رغم التحدي الذي كان قد طرحه موكلنا على الاتهام في مرحلة استجوابه تحـت المادة/ 139/هـ من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، حيث طالب بفتح تلك الأجهـزة كـي ترى المحكمة بنفسها أن “الكتابة” المزعوم استخلاصها من تلك الأجهزة لا يمكن أن تظهـر إلا في أشكال علامات استفهام ورموز رياضية وخلافه، لكن الاتهام لم يستجب، كما أن المحكمة الموقرة لم تلزمه بذلك!
    د/ لقد عمد الاتهام للاستعاضـة عن فتح تلك الأجهـزة، إلكترونياً، أمام موكلنا داخل المحكمة، بالإفادة الشفوية بأنه قد تم فتحها بالمعامل الجـنائية خـلال الأيـام التي أعقـبت القبض على موكلنا بمطار الخـرطوم، واستُخلصت منها تلك الأوراق، ظاناً، وبعض الظن إثم، أن “عدم اعتراض” الدفاع على تقديم تلك الأجسام الخارجية للأجهزة أمام المحكمة يعني، بالضرورة، “القبول” و”التسليم” بالادعـاء الشـفوي باستخـلاص الأوراق منها، علمـاً بأن هاتين مسألتان مختلفتان!
    إن عدم محاكمة هذه الدعوى أمام محكمة متخصصة في جرائم المعلوماتية لا يلغي وجوب الالتزام بالقواعد التي تحكم إثبات المعلومات الإلكترونية!
    الملاحظة الرابعة:
    قدم الاتهام الفريق أمن/ محمد جعفر “كشـاهد خبرة” في مجال اﻵي تي. ولعلكم، بمراجعتكم لإفاداته، تتفقون معنا في أنها لا تنم عن أية صفة تجعل له آصرة بهذه الخبرة، حيث أن سرده لتدريباته وتاريخه المهني يتضمن إقراراً صريحاً ببعده عن أي تخصص في مجال الآي تي، فضلاً عن أن إفادته جـاءت مغـرقة في المفـارقات والمغالطات التي يتعارض جلها مع علمكم القضائي، ومع ما ثبت من حقائق أمام المحكمـة الموقرة، بل ومع أبسـط معرفـة فـي هـذا المجـال يمكـن أن يختزنهـا حتى الشـخص العـادي غير الخبير. ولعل ذلك ناجم، للأسف، بسبب انتساب الشاهد، رغم تقاعده، للجهاز، وانحيازه، من ثمَّ، للاتهام، مما ينفي عنه صفة الحياد، كأول صفة ينبغي أن يتصـف بها أي شاهد، سواء كان شاهد وقائع أو شاهد خبرة، ونستأذنكـم لنورد، في ما يلي، بعض نماذج المفارقات والمغالطات فـي إفادة هذا الشاهد:
    أ/ فالمعلوم قضاءً وما ثبت من البينة، على سبيل المثال، أن لقاءات رئيس الجمهورية برصفائه الكـيني، واليوغـندي، والأثيوبـي، ومـا إلى ذلك، هي مما ينشـر في الصحف، ويُبث عبر وسـائط الإعـلام من راديو وتلفزيون، ومع ذلك يضفي عليها هذا الشاهد صفة السرية بلا مبرر مقنع؛ كما وأن أسفار وتنقلات العسكريين، وترقيات أعضاء هيئة أركان القوات المسلحة جميعهـا مما تنشـره الصحـف، ويذيعه الراديو والتلفزيون، لكـن هذا الشـاهد يضفـي، أيضـاً، على هذه الأخبار درجات من السِّـرية مبرراً ذلك بخطر وصولهـا لأيدي المتمردين!
    وحتى بافتراض استناد هذا الشـاهد على تقديرات الإداريين، حسـب ما أفاد بذلك بعضهم أمام المحكمة، في ما يتصل بإسباغ صفات “سري”، و”سري للغاية”، و”شخصي”، و”محظور” على بعض التقارير والخطابات، فإن شاهد الخبرة الأكبر في هذا المجال، البروفيسـور مدى الحياة عز الدين محمد عثمان، قد هبط بتلك التقديرات إلى درجة الصـفر، بالنظـر إلى ما بلغته تكنولوجيا المعلوماتية في عالم اليوم، كما سنرى من قضية الدفاع.
    ب/ ثبت من البينة، أيضاً، أن موكلنا قدم لوزارات أخرى، ومؤسسات سـودانية مختلفة، نفس الخـدمة الفـنية التي أسـداها لوزارة الخارجـية، كالأمانة العامـة لمجلس الوزراء، والمركز القومي للمعلومات، ووزارة العمل، وديوان شؤون الخدمة، وإدارة المخزون الاستراتيجي، وإدارة المواصفات والمقاييس، ومركز تطوير الإدارة، والهيئة الفنية المشـتركة لمياه النيـل، وبنـك المزارع، ووزارة المالية، ووزارة الداخـلية، وكان مجلس الولايات في الطريق، وغيرها من الوزارات والمؤسسـات، إضافة لسـفارات السـودان فـي كل من القاهرة، ودبي، وجدة، والرياض، ومسقط، وغيرهـا. وتلقائياً، وعـن طـريق البرمجـة التي أجـراها موكـلنا لمعلومات هذه المؤسسات، دخلت جميعها في نطاق مخزون أجهزته. لكن الشاهد، وبلا أي سبب منطقي معلوم، يخص وزارة الخارجية وحدها بالخوف من خطر انكشاف معلوماتها عن طريق موكلنا!
    ج/ ثبت من البينة، كذلك، ومن إقرار الشاكي خصوصاً، أن موكـلنا من المخولين بالاطلاع على مستندات الوزارة بغرض أرشفتها إلكـترونياً كجزء من عمله، لكن هذا الشاهد ينفي هذا التخـويل، كما لو أن بمستطاع موكلنا أرشـفة هذه البيانات دون الاطـلاع عليها! وسوف نرى، أيضاً، من إفادة شاهد الخبرة الأكبر البروفيسور مدى الحياة الوحيد في السودان/ عز الديـن محمد عثمـان ضمن قضية الدفاع لاحقاً أن الوزارة لم تلتزم بالعـرف المهني السـائد، فلم تقيِّد المتهم الأول، لا في عقد عمله ولا بموجب لوائح خاصة، بما يحق أو لا يحق له الاطلاع عليه من معلوماتها أو بياناتها، وبالتالي لا يعود من حقها أخذه باطلاعه على شئ من ذلك إن هو فعل.
    د/ ثبت من البينة، كذلك، أن من أسس الآي تي الاحتفاظ بنسخـة من البيانات بعيداً عن مصدرها في الوزارة على سبيل الباك اب إذا ما وقع عليها ضرر حريق أو ما شابه، لكن الشاهد ينفي هذا الاحتراز، ويصر على أن المعلومات إذا خرجت من مبنى الخارجـية لأي سبب فإن هذا يعني وجود اختراق للوزارة!

    ثانياً: من ناحية الدفاع:
    (2/5) جاءت قضـية الدفاع، على العكـس، تماماً، من قضـية الاتهام، قويـة، مترابطـة، متماسـكة، ومسـتجيبة لكـل القواعـد التي تحكمها. ونستميحـكم الإذن، هنا أيضاً، لإيراد الملاحظات الأساسية الآتية:
    الملاحظة الأولى:
    لم يحتج الدفاع، أصلاً، للخوض، عميقاً، في ما يتصل بالتصدي لمجابهة قضية الاتهام، حيث أن ضعف الأخيرة البائن أغناه عن هذا إلى حد كبير. وذلك على النحو الآتي:
    أ/ ينتقل عبء الإثبات من الاتهام إلى الدفاع بعد، وليس قبل، أن ينجـح الاتهـام فـي الوفاء بالمستوى المطلوب منه في الإثبات. لذا، لو كان ثمـة ما يلزم الدفاع، أساساً، بتحمـل انتقال عبء الإثبات إليه من أجل دحض قضـية الاتهام، لكان محور ذلك، من باب أولى، هو القانون الموضوعي نفسه المتمثل في المواد/53 ، 55 ، 21 ق ج لسنة 1991م، قبل تفنيد إخفاقات الاتهام على صعيدي “الإثبات” و”الاجراءات الجنائية”.
    ب/ غير أن الاتهـام لم يكن قد فعل، أصلاً، قبل ذلك، أكـثر من الاكتفاء بسـَوْق أغلظ الدعاوى ضد موكلنا، بينما فشل فشلاً ذريعاً في إثباتها؛ وحتى منسـوبيه الذين أسماهم شهـوداً لم يفعلوا، في الواقع، أكثر من تكرار نفس الدعاوى، دون أن يتمكنوا من التقدم خطوة على طريق إثبات أي منها. وهكذا جاءت قضية الدِّفاع قوية حتى من خلال استثمـار إخفاقات قضية الاتهام نفسها، والتي أعفت الدفاع، ابتداءً، من:
    ب/1: مهمة دحض أن جون فوهر جاسوس وليس مجرد رجل أعمال أمريكي يعتزم تأسيس استثمار اقتصادي في مدينة دبي، وذلك لكون الاتهـام لم يستطع أن يثبت ادعاءه هذا أصلاً؛
    ب/2: مهمة دحض أن جون فوهر يريد استخـدام موكلنا في أعمال جاسوسـية، لا الاستعانة بخبراته في البرمجة الحاسوبية بغرض تأسيس استثماره الاقتصادي، وذلك لكـون الاتهام لم يستطع أن يثبت ادعاءه هذا أصلاً؛
    ب/3: مهمة دحض أن مبلـغ الـ 3000 درهـم و870 دولاراً أمريكـياً الذي استلمه موكلنا من جون فوهر كان مقابل “تخـابره ضد السودان”، وليس مقابل خدمة حاسوبية فنية قدمـها له، وذلك لكون الاتهام لم يستطع أن يثبت ادعاءه هذا أصلاً، دَعْ المفارقة المتمثلة، عقلاً ومنطقاً وحسب طبائع الأشياء، في أن يكـون هذا المبلغ التافه هو المقابل لخدمة الجاسوسية!
    ب/4: مهمة دحض أن موكلنا “قام بتمليك جون فوهر، عبر أربع لقاءات، معلومـات وتقارير مهمة وحساسة تمس أمـن البلاد ممـثلاً في وزارة الخـارجية، بما في ذلك نظام الحقيبة الدبلوماسية، وعناوين السفارات والدبلوماسيين، وقاعدة بيانات الموارد البشـرية، والمـرتبات، والتكافـل، والنقليات، والمراجعة، وإدارة المكاتب، والمركبات بالوزارة”، وذلك لكون الاتهام لم يستطع أن يثبت ادعاءه هذا أصلاً، ناهيك عما أفاد به شاهد الخبرة الأكـبر في هذا المجال البروفيسور مدى الحياة الوحـيد في السودان/ عز الدين محمد عثمان من أن الحصول على مثل هذه المعلومات لم يعُـد يقتضـي شيئاً من أعمال الجاسوسـية التقليدية، إذ أضحـت تغني عن ذلك محركات البحث الإلكتروني المتطورة في عصر ما بعد 11 سبتمبر 2000م؛
    ب/5: مهمة دحض أن “موكلنا استنسخ نسخة من هذه المعلومات سلمها لجون فوهـر في فلاش”، وذلك لكون الاتهام لم يستطع أن يثبت ادعاءه هذا أصلاً، إضافة إلى إفادة الخبير عز الديـن محمـد عثمان أعـلاه حول تطور محركات البحث الإلكتروني؛
    الملاحظة الثانية:
    ج/ لم يكتف الدفاع بذلك وحده، بل قدم فوقه عدداً من شهود الوقائع والخـبرة، يتميَّز اثنان منهم، نوعياً، بأنهما لا يمكن التشكيك في انتسابهما إلى المتهمين، بقـدر ما يمكـن حسـاب انتسابهـما، على العكـس من ذلك، وبالمعنى الواسـع، إلى ذات “مؤسسـة الدولة” التي يمثلها الاتهام، متمثلة في “وزارة الخارجية”؛ حـيث سلخ كلاهمـا عمـراً بأكـمله فـي خدمتهـا حـتى بلغ مرتبة “السفير”، وتلقى تأهيلاً متخصصـاً في ما يشهد به، بل وتبوَّأ، قبل أن يحال إلى التقاعد، منصب مديـر نفس “إدارة المعلومات” التي عمل موكلنا تحت إمرته فيها؛ وهما سعادة السفير بشير محمد الحسن، وسعادة السفير اسماعيل أبو شوك.
    ج/1: فأما شاهد الدفاع السفير بشير محمد الحسن فقد أفاد بأن المتهم الأول رضي، من منطلق الوطنية، أن يخدم السودان بمقابل يقل كثيراً عن دخـله في سلطنة عُمان ـ وأن البرامـج التي قام بتصميمها وإعدادها قد وجه مجلس الوزراء باعتمادها لكل الوزارات ـ وأنهـم فـي قيادة الوزارة كانوا يعلمـون بأن هذه البرامج مشمولة باللابتوب خاصته، وأنه “كان بيشيل معلومات يمشي بيها البيت” ـ وأن المعلومات المتعلقة بـ “القائمة الدبلوماسية”، كعناوين السفراء وأماكن سكنهم، وأرقام هواتفهم، غير سـرية، ولو دخـلت على أي موقـع بحـث مثل قوقل يمكنك الحصول عليها ـ وأننا في الخارجية لسنا جهاز أمن، وإنما جهاز مكشوف، وأن نظام شؤون العاملين بالوزارة غير سري، وبيانات شؤون العاملين غير سرية ـ وأن البرقية المرسلة للبعثات بأسماء أجانب جرى حظرهم من دخول البلاد غير سرية ـ وأن تقرير زيارة رئيس أفريقيا الوسـطى غير سري ـ وأن برقية سـوداني لوساكا غير سرية ويمكن نشرها في الصحف ـ وأن تقرير لقاء الرئيس مع وزير الخارجية الكيني غير سري ـ وأن سفر ضابطين للتمرين في الدوحة ليس سري ـ وأن الخـطاب المتعلق بلقـاء وزير الخارجية الأوكـراني بالسفراء المعتمدين لا يعتبر محظوراً ـ وأن البرقية الخاصة بتوجيه الرئيس بإعفاء مواطني قطر من تأشيرة الدخول للسـودان ليست سرية ـ وأن المتهم اﻷول ليست لديه علاقة بوحدة اﻻتصاﻻت إﻻ اذا طلبوا منه تصميم خطابات.
    ج/2: وأما شاهد الدفاع السـفير/ اسماعـيل محمد احمد أبو شوك فقد أفاد قائلاً: في 1973م التحقت بالخارجية ـ وفي 1992م ابتعثت الي الوﻻيات المتحدة لدراسة تقنية المعلومات بالتعاون مع الأمم المتحدة ـ وبعد فترة عمل كمستشـار لسفارة قطـر بتركيا عدت إلى وزارة الخارجية السودانية في 1998م حيث عمـلت مديرا لبعض الإدارات ـ وفي سنة 2000م نقلت إلي النمسا ـ وبعد عودتي عينت مديرا لتقنية المعلومـات بالوزارة ـ وفي 2004م أصبحت مديراً للإدارة حتي تقاعـدي فـي 2008م ـ وسبب معرفـتي بالمتهم الأول أنه رُشِّـح من جانب الدبلوماسي صلاح الكندو باعتباره ذا باع كبير في مجال البرمجة وتقنية المعلومات بحكم سابق معرفة جمعته به في سلطة عُمان حيث كان يساعد السفارة كلما طلبوا منه ذلك ـ بالفعل استقدمنا المتهم الأول لرئاسة الوزارة رئيسا لقسم البرمجـة وبدأ في عمل برامج للادارات المختلفـة والمكاتب ـ فكان يقـوم ومعـه صلاح الكندو باﻻطلاع علي احتياجات كل إدارة، وبعدها يقوم بعمل البرنامج المناسب لهذه الإدارة في اللابتوب الخاص به، وبعدها يدخل هذا البرنامج في السيرفر. وكان لكل إدارة باسوورد منفصل بحيث تدخل علي البرنامج الخاص بها، ولا تدخل أي إدارة علي برنامج إدارة أخـري ـ وكان لزامـاً على المتهم الأول أن يتابع هذا البرنامج الذي يكون قد صممه هو لأجل الاطمئنان علي سير عمله ـ المتابعة بتحصـل عن طريق دخوله علي السيرفر والداتابيز (قاعدة البيانات) الخاصة بالبرنامج ـ وهذا البرنامج ملك للمتهم الأول وليس ملكا للوزارة ـ وفي حالة حدوث عطل في البرنامـج يدخل المتهم الأول عليه في السيرفر ويتابعه ويصلحه حتي يستقر في العمل ـ لا بد للمتهم الأول باعتباره المبرمج أن يدخل علي السيرفر ويتابع برامج اﻻدارات ـ هناك فريق من جهاز الأمن بالوزارة للتعامل مع المكاتبات، وحتي مرتباتهم تجئ من الجهاز وليس من الوزارة ـ عندما تجئ المكاتبات من سفاراتنا يستلمها ناس الأمن ويضعوها في مظروف محكم ويرسلوها بمعرفتهم للجهة الموجهة لها، وبنفس القدر المكاتبات الصادرة من الإدارات للسفارات يستلموها ويشفروها ويرسلوها، وبالتالي لا يعلم العاملون في تقنية اﻻتصاﻻت شيئا عنها، ولا حتي مدير الإدارة ـ سنويا تصدر إدارة المراسم “قائمة دبلوماسية” تضم عناوين سفاراتنا بالخارج، ومواقعها، وعنوان منزل السفير، ومنازل اﻻعضاء والملحـقين التابعـين للسـفارة ـ هذه القائمة توزع على الإدارات بالوزارة، وترسل منها سنوياً نسخة منقحة بسبب تغيير السفراء والإداريين وعناوينهم ـ “القائمة الدبلوماسية ” غير سرية وكل الدول تصدرها ـ من السهولة الحصـول علي معلومات “القائمة الدبلوماسية” باستخدام محـركات البحث اﻻلكترونية ـ وبواسطة اﻻنترنت واﻻيميل يمكن ارسال المعلومـات ﻷية جـهة ـ امكانيات الوزارة كلهـا موجودة في السيرفر ـ المكاتبات السـرية في الوزارة ﻻ تتعدي 8% أو 10% سنويا ـ المتهم الأول عنده باسوورد للدخـول للبرامـج التي صممها هو.
    ج/3: وأما شاهدة الدفاع إكرام عبد القادر، المهندسة المتعاونة بالوزارة، فقد أفادت قائلة: إن المتهم الأول طلب مني إكستيرنال هاردسك وأعطيته له، وهو ملك لقسـم الصيانة ويوجـد في عهدتي لكن ليست لدي فكـرة عـن محتوياته ـ أنا أحتاج للهارديسك عندما أريد إنزال برنامج في أجهزة الوزارة، وأنا فعلاً أنزلت فيه برامج أوفيس وسوفت وير وما شابه ـ لا أستطيع أن أحدد محتويات الهاردسك لأن هناك آخرين يستخـدمونه أيضاً في الشغـل ـ المتهم الأول عادة يأخذ الهاردسك ويعيده في اليوم التالي ـ آخر مرة أخذه يوم الخميس وكان من المفترض أن يعيده يوم الأحد لكنه لم يحضره لأنه حسب علمي قبض عليه بالمطار.
    ج/4: أما شاهـد الدفاع الرابع، البروفيسير الوحـيد في السـودان مدى الحياة في مجال علوم الحاسوب/ عز الدين محمد عثمـان الأميـن، فهو شاهد خبرة وافقت محكمتكم الموقرة على سماعه بهذه الصفة. ولعلكم تتفقون معنا في أن كل سطـر، بل أن كل كلمة في سيرته الذاتية المضمَّنة في محضر المحكمة، تشير بأكثر من إصبع إلى جدارته بصفة “شاهد الخبرة” في مجال الآي تي، وربما يكفـي في هذا الإطار، حـتى لا نهـدر وقت المحكمة، أن نقتطـف من هذه السيرة الذاتية المجـيدة، والتي نلتمس الرجوع إليها بمحضر محكمـتكم الموقرة، أنه تخـرج من جامعة الخرطوم كلية الهندسة قسم الكهرباء عام 1967م، وأكمل الماجستير في علوم الحاسوب بجامعة برادفورد ببريطانيا عام 1969م، ثم عمل مبرمجاً بمركز الحاسوب بجامعة الخرطوم من 1970م إلى 1971م، ثم نال الدكتوراه من جامعة درم ببريطانيا عام 1974م، وعاد بعدها ليعمل بجامعة الخرطـوم مديراً لمركـز الحاسـوب وأستاذاً مشاركاً من 1975م إلى 1978م، ثم عمل أستاذاً مشاركاً في علوم الحاسوب بجامعة يوستن بولاية تكساس الأمريكية، ومستشاراً أكاديمياً للملحق الثقافـي السـعودي في حقل التدريب بواشنطن من 1984م إلى 1986م، كما عمل كبروفيسير في علوم الحاسوب بجامعة كليفورنيا، وعاد بعدها ليعمل منسقاً لدراسات الحاسوب بمدرسة العلوم الرياضية بجامعـة الخـرطوم من 1986م إلى 1991م، ثم عمل من 1991م إلى 1994م نائباً لمدير جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، ثم من 1994م إلى 2002م مديراً لجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا لدورتين، ثم من 2004م حتى الآن أستاذ كرسي علوم الحاسوب بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا. وفي الأثناء عمل رئيساً للجنة دراسات الحاسوب بالتعليم العالي بالسـودان منذ تأسيسهـا فـي 2000م وإلى 2014م، كما عمل ممثلاً للسودان في برنامج المعلومات التابع لليونسكو، وهو حالياً رئيس مجلس مهن نظم الحاسوب، كما شغل مقعد الأسـتاذية المتميِّز مدى الحـياة Emeritus Professor باعتباره الأكاديمي الوحيد في السودان في هذا المجال.
    هذا الخبير المتميز أدلى بجملة إفادات من شأنها أن تقلب حسابات الاتهام رأساً على عقب. فعلى حين راهن الاتهام، مثلاً، على أن عبارة “سري”، أو “سري للغاية”، أو “سري وشخصـي” التي درج الديوانيون على وضعهـا في رأس صفحات بعض مستنداتهم، معتمدين على أن فيهـا ما يكفي من الحماية للمستند من تلصص الأعين الغريبة، سخر هذا الخبير من مثل هذه الخطة في عالم اليـوم الذي قال إنه أضحى مكشوفاً تماماً لمن يملكون تكنولوجيا المعلوماتية الحديثة التي تكاد لا تنجو من خطورتها حتي الدول العظمى نفسها! وقال: عند البرمجـة فإن المعلومات والبيانات الأساسية لا بد أن يقدمها الراغب في البرمجة للمبرمـج ـ وإن الموظفين المكتبيين كانوا قد درجوا، قبل الحاسوب، على حمل الملفات الورقية معهم للعمـل عليها في بيوتهم، كلما كانت هنالك زحمـة في العمل، ويعيدونها فـي اليوم التالي. ثم جاءت هذه الوسائط الحديثة فصار المبرمجون يحملون برامجهم وبعض المعلومـات والبيانات في أجهزتهم، كأجهـزة اللابتوب مثلاً ـ ثم جاء الإنترنت فبدأ المبرمجون يعملون من منازلهم، وأخذت الشركات توظفهم على هذا الأساس ـ لكن هذه الوسائط الحديثة تتميز بالديمومة، بحيث لو حملت ملفاً في جهاز اللابتوب خاصتي، ثم نقلته إلى مكان آخر، فإن الملف يبقى في جـهازي ما لم أمسحه. لذلك نجد عند العاملين وغيرهم ملفات متراكمة سبق أن عملوا عليها قبل سنوات مضت، ولتفادي مثل هذه الأشياء يجب أن يكون لدى المؤسسة ما يعرف بسياسات التأمين التي تحدد ما يُسـمح وما لا يُسـمح للموظف بإدخاله إلى مكان العمـل كأن تقول مثلاً ممنوع استخدام الفلاشات، أو ممنوع استخدام الانترنت، وقد انتبهت لهذه المسألة مؤسسات في السودان منذ أمد بعيد، حيث أن قسم الآي تي في بنك السـودان مثلاً لديه نظام تأمين منذ العام 2000م. ويمكن ايضا تلافي هذا الموضوع بطريقة معروفة مثل الخبير الذي يتعامل مع مؤسسة بموجب اتفاق يوضح هموم المؤسسة وما ينبغي عمله وما ﻻ ينبغي عمله، وهـذا يتوقف علي مدي أهمية المعلومات المتداولة، وعلي مدي اعتماد المؤسسة علي وﻻء الموظف لمخدمه، وثقة المخدم في هذا الموظف ـ ألخص فأقول اذا لم يكن هناك اتفاق مكتوب أو نظام تأمين فلا يمكن أن يؤاخذ الموظف علي ملفات أو معلومات تسربت عبر التعامل الطويل، وخاصة أن هناك مؤسسات تستخدم اللابتوب المملوك للموظفـين أو الخـبراء لنقل البيانات والبرامج من فرع ﻵخر في المؤسسسة ـ تصنيف البيانات يحدده صاحبها وهو الذي يحدد ما هـو، في تقديره، سري أو غير ذلك من المعلومات. لكن في ما يتعلق بالمعلومات والحصول عليها فاﻻستخبارات أضحت متطورة تطوراً عظيماً مع التطور التكنولوجـي، وقد حدثت طفرة هائلة في هذا المجال بعد أحداث 11 سبتمبر2001م، علماً بأن الدول الكبري تملك تقنيات متقدمة في هـذا المجال، ومع اﻻنترنت الذي يغطي العالم الآن لم تعد هنالك جهة تأمن من تسرب معلوماتها أو تجسس الآخرين عليها ـ بعد دخول اﻻنترنت السودان في التسعينات أصبح ارسال المعلومات والحصول عليها في مكان أخر من العالم أمراً يسيراً جداً مثل إرسال الإيميل لحساب شخصي، فقد أصبحت هذه المسألة متاحة تماماً ـ المعلومات السرية يمكن ارسالها في اﻻنترنت وتكون مشفرة ولكن أي شفرة في الدنيا يمكن أن تُفك ـ الشبكات الداخلية أيضا ﻻ تسلم من التجسس عليها، ﻻ أستطيع تحـديد ما إن كانت المعلومـة المرفوعة علي الإنترنت أكثر قابلية للاختراق أم المعلومة المرفوعة في الشبكة الداخلية ما لم أعرف نوعية الشبكة
    الداخلية ـ يجب أن يكون هناك شئ مكتوب يحـدد ضوابط ومحاذير صاحـب البرنامـج للمبرمج قبل أن يطالبه بمراعاة هذه الضوابط والمحاذير ـ بصفتي مبرمجاً أجلس مع الجهة التي أعمل معها وتحدد لي هي الضوابط والمحاذير كي التزم بها ـ المستند (39) المتعلق بسفر وفد عسكري ووزير دولة بالدفاع الي ساحل العاج ﻻ أعتبره سري ـ وكذلك البرقية المتعلقة بحظر أجانب من دخول السودان ـ اذا سمحت الجهة المعينة ﻵي شخص بالدخول الي السيرفر وأعطته الباسوورد فهذا يعني ضمنياً أنها سمحت له باﻻطلاع علي المعلومات الموجودة فيه ـ اذا كتبت الجهة المعنية للتقني أنه غير مسموح له بالنسخ ، ووقَّع التقني علي هذا، فإنه يرتكب خطأ إذا قام بالنسخ ـ إذا منحت الجهة المعينة التقني الباسـوورد فيعـني هذا أنها سمحت له بكل شي ـ اذا تحصل التقني أو المبرمج علي معلومات غير متاحـة لـه يكون مخطئ ـ اتفاقيات عدم اﻻفشاء تحددها الجهات المعينة حتي يعرف التقني أو المبرمـج حـدوده بالتفصيل ـ الكتابة لمعرفة حدود التقني أو المبرمج متعارف عليها، وهي الشئ الماشي عليه العرف المهني ـ كسر الشفرة يتوقف علي درجة تعقيدها، لكن شفرات الباسوورد لدخول الإيميل بسيطة، والتشفير يمكن كسره ببرامج وتكنولوجيا عالية.

    III ـ أخيراً
    لقد حاولنا، جهد طاقتنا، ألا نسهب فتنطمس معالم الحقائق التي نود إبرازها، أو تضيع جوانب القضايا التي نرغب في التركيز عليهـا. إن موكلنا ورفيقـه المتهـم الثاني الذي يريد الاتهام أخذه، بهتاناً، بالإشتراك معه في ارتكاب جرم ضد الدولة، ينتظران، وننتظر معهما حكم العدالة على أيديكم بالبراءة التي ينتظرانها، وننتظرها معهما، ومع أهلهما، وعشيرتهما، وأصدقائهمـا، وزملائهمـا، بل والرأي العـام الذي تابع هذه الاجراءات بكل العشم في قراركم العادل.
    وفقكم الله، وتفضلوا بقبول وافر التقدير والإجلال
    كمال الجزولي
    عن هيئة الدفاع