مقالات متنوعة

هاشم كرار : الهجرة والغرق « 1ـ2»


ليست تلك هى المرة الاولى التي يفوز فيها الرئيس البشير، ولن تكون الخامسة الأخيرة، وبعد هذه الولاية الجديدة، ليس غريبا ان تتجّدد ولاية، إذا مدّ الله في الآجال!

بلى، ليست هى المرة الأولى، فلماذا إذن كل هذا الإحتفال المرتقب.. ولماذا إذن كل هذه الدعوات للزعامات العربية، والإفريقية، للمشاركة في حفل التنصيب، وفي مثل هذه الإحتفالات والدعوات، صرف هائل، والجنيه السوداني المضروب في زمن الضرب في المليان، يشكو لطوب الأرض؟

الإحتفال المرتقب، يجيئ على خلفية حدثين مهمين: انفتاح السودان- بعد مايشبه العزلة- على دول خليجية، من خلال مشاركته في عاصفة الحزم، بكل ماتعنيه هذه المشاركة على علاقة السودان بايران.. والحدث الثاني، فوز البشير في انتخابات قاطعتها المعارضة، وأحرزت بهذه المقاطعة نقاطا مهمة، خاصة وأن الغرب إجمالا، شكك في نزاهة هذه الإنتخابات، وعموميتها، وجدواها في حلحلة أزمات السودان المعقدة أصلا، والتي إزدادت تعقيدا بالإنتخابات التي كانت المعارضة تطالب بتأجيلها ريثما يبلغ الحوار الوطني نهاياته التي يتطلع إليها، ويترجاها، أي سوداني صميم الفؤاد!

في تصوري، أن نظام البشير بهذه الإحتفالات المرتقبة- بكل دعواتها إلى الزعامات للحضور، يريد أن يرتكز على شرعية خارجية، بعد ان تآكلت بالمقاطعة لهذه الإنتخابات، شرعيته في الداخل!

النظام- أي نظام- يحاول استمداد شرعيته من الخارج، هونظام لا يقف على رجليه الإثنتين معا، في الأرض.. أرضه.. وأي نظلم في الدنيا يحاول ان يكسب الخارج، على حساب الداخل، هو نظام يحسُ إحساسا غريزيا داهما، بأنه محفوف بالمخاطر..!

ماذا يكسبُ أي نظام في الدنيا إذا ماكسب الخارج كله، وفقد شعبيته في الداخل؟

هل فقد نظام البشير، كثيرا من شعبيته، تلك في الأساس التي كانت… بظنه؟

لن أجيب.

أترك لك، أن تسأل نفسك أولا- أيها القارئ- واستطلع أي عينة عشوائية من عشرة أشخاص- رجالا ونساء- وأخرج بالنتيجة، مثل أي مركز لإستطلاعات الرأى الشفافة، والتي تتمتع بقدر هائل من المصداقية!

الخارج، لا يؤمن لأي نظام في الدنيا أمنا، ولا يجنبه مخاطر السقوط..

لا زلتُ أتذكر حسين الشافعي، ذات حوار بيني وبينه في الخرطوم، ولا أزال أتذكر جملته الوضيئة وهو يقارن بين عبدالناصر والسادات.. قال» كان من الصعب القضاء على عبد الناصر من الداخل، بعكس السادات الذي كان من الصعب القضاء عليه من الخارج، لأنه كان مؤمنا»!