تحقيقات وتقارير

“أكثر من لسان” الاتحاديون امام ارتباك داخلي.. الدقير بين المشاركة والمقاطعة والحسن يمضي رغم الهنات


ضربات موجعة تلقتها العملية الانتخابية، من الداخل قبلا عندما قاطعتها المعارضة وأشهرت في وجهها سيف “ارحل”، وخارجيا بضربتين متتاليتين من الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا اللذين لخصا أن العملية معيوبة وغير شرعية، ورغم صدمة الحكومة ورفضها بحجج كثيرة لرأي الأوروبيين والترويكا، لكن المعلوم أنه كان رأيها وانتهى، لكن المفاجأة كانت في الرأي السالب من حتى المشاركين في العملية، وهو استدراك من جانبهم لقضية خاضوها في البداية بتراض كبير وبذلوا فيها شتما للمعارضة، وأيقنوا في نهايتها بأنها تعرضت لتوجيه وتدليس، لكن أيضا ذات الرأي الحزبي لم يكن لذات العملية الانتخابية وكان مقصودا به رأي آخر ربما الضغط للحصول على محاصصة أكبر في الحكومة.

“تلاعب”

ظهور النتائج الأولية للانتخابات أفرح البعض فيما أغضب آخرين وأثار حفيظتهم، فمعظم الدوائر التي قال الحزب الحاكم أنه لن يترشح أو ينافس الأحزاب فيها سقطت إما لمرشحين بخلاف من يدعمهم المؤتمر الوطني أو للمستقلين الذين أظهروا براعة في هذه الانتخابات، وحققوا فيها نيلا كبيرا، ولن يصدق الناس أن حزبا مثل الاتحادي الديمقراطي بزعامة الدقير قد يهجو الانتخابات وتصل به الجرأة للتشكيك في نتائجها، وهو الحزب الأكثر عناية من جانب الحكومة والأكثر قربا من حزبها الحاكم، ولا يتوانى عضو اللجنة المركزية بالحزب ومرشحه في القائمة القومية محجوب صديق من إعلانه الصريح بعدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات، فهو يشكك في حديثه لـ(اليوم التالي) في نتيجة الانتخابات الحالية، ويهدد في ذات الوقت بالانسحاب منها وعدم قبول نتائجها بالانسحاب من العملية برمتها حال إعلانها بشكلها الحالي.. وكشف دكتور محجوب صديق، عضو اللجنة المركزية- الأمين السياسي للحزب بولاية الجزيرة، عن أخطاء ارتكبتها المفوضية العليا للانتخابات أثرت على مجمل العملية وعلى الجو العام أدت لإحجام الناخبين عن المشاركة، منوها إلى أن الأرقام المتعلقة بالنتيجة تم طمسها أثناء عملية الفرز وعده تلاعبا صريحا بأرقام النتائج أدت لتأثيرات في الموقف العام للحزب في القائمة الحزبية، واتهم جهات لم يسمها بالتلاعب لصالح قوى سياسية أخرى ووصفها بأنها استهداف للحزب وقيادته على مستوى ولاية الجزيرة والمركز، وذات الحزب الذي لم ترضه نتيجة الانتخابات تقدم خطوة أخرى بإعلانه لفض الشراكة مع حزب المؤتمر الوطني، رغم أنه رتب لأمر الانتخابات مع شريكه الوطني بمحاصصة معلومة، اقتضت فوز عدد من منسوبيه في دوائر جغرافية محددة، إلا أنه عاد وقال إنه سيفض الشراكة مع المؤتمر الوطني، ما دفع المراقبين للقول إن الاتحادي يمارس ضغطا على شريكه ملوحا بكرت الانسحاب وفض الشراكة، وهو ذات القول الذي يذهب إليه عبد الكريم علي عوض الكريم عضو اللجنة المركزية للحزب عندما يقول في حديثه لـ(اليوم التالي) إن الشراكة لا تبدو واضحة بالنسبة للقواعد الحزبية، ما يؤكد أن الحديث منطلق من قيادة الحزب نفسها، مستغلة جماهير الحزب كساتر بينها وبين حديث لا تريده أن ينطلق بلسانها، ويعزز هذا القول والارتباك في موقف الاتحاديين الديمقراطيين ما أكده الناطق الرسمي باسم الحزب محمد الشيخ محمود في حديثه للمركز السوداني للخدمات الصحفية بقبول الحزب لنتائج الانتخابات، ويعود عبد الكريم للتأكيد بأن قواعد الحزب لا تعلم شيئا عن الشراكة حتى تسعى لفضها إنما هي عملية (محلك سر) بينها وقيادات المؤتمر الوطني، ويعتبر أن الحديث هلامي أطلق في الهواء، وأشار إلى أن توجه الحزب في الأصل هو توجه وطني بحيث أنه لا يبحث أو يذهب في اتجاه تعزيز المشاركة في السلطة إنما المساهمة في القضايا الوطنية، وسخر عبد الكريم بقوله (إن الذي يحدث الآن للحزب وحديثه عن فض الشراكة يشبه المثل السوداني القائل “يا وارد البئر بلا حبال”) كناية حسبما قال عن ضعف الحزب وعدم قدرته على اتخاذ الفعل.

ولا يختلف المشهد داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وبذات الوتيرة المتناقضة لمجموع المتحدثين باسمه أو عن موقفه تزخر أروقته بأكثر من رأي حول الانتخابات، ولما أفرزت الأوضاع الجديدة القيادي أسامة حسونة على سطح الأحداث فقد جاء رأيه الذي كان على الدوام هو رأي رئيس الحزب بالأنابة السيد الحسن الميرغني جاء مغاضبا للانتخابات، وكشف حسونة في تصريحات للصحيفة غداة إعلان نتائج الانتخابات بأن لجنة التنظيم الذي يمثل أحد أعضائها قد رفعت توصيات برفضها لنتائج الانتخابات وعدم رضائها عن النتيجة التي فاز بها الحزب، البعض فسر أن الأمر مرتبط بحسونة كونه سقط في إحدى الدوائر، وتأكد التفسير بصورة أوضح عندما فند السيد الحسن حديث رجله المخلص (حسونة) بالاعتراف بنتائج الانتخابات والتأكيد أن عملية انتخابية تحدث فيها بعض الهنات لكن ذلك لا يمنع الاعتراف بها والقبول بنتائجها.

لقاء مفترض

ويقول قيادي بارز بالحزب الاتحادي الديمقراطي إن امتصاص المواجهة بين الحزب الاتحادي الديمقراطي وصنوه الاتحادي الأصل تحتاج لـ(لقاء) بين الدكتور جلال الدقير والسيد الحسن الميرغني. حيث إن الفوز في الانتخابات ليس خصما في إطار البيت الاتحادي، ويرى أن اللقاء لو تم بين الرجلين ربما يفتح مسارات بإمكانها أن تقود وحدة الاتحاديين والتنسيق بينهما في البرلمان والحكومة كما هي تطلعات الجماهير الاتحادية

اليوم التالي