عثمان ميرغني

ابحثوا عن السبب التافه.. أولاً..!!


زميلان عزيزان هما الأستاذان عادل الباز والطاهر ساتي.. اشتركا – أمس- في رسم صورة كاراكتورية ممعنة في السخرية الناقدة لتصريحات السيد محمد الحسن الميرغني.. التي أعلن فيها عن (خطة 181 يوماً) لحل جميع مشاكل السودان.. الباز.. لخص الموضوع كله في جملة طريفة قائلاً لمولانا (181 يوماً!! ما عصرت علينا يا سيدي؟).. وقال الباز إنه يحفظ للسادة المراغنة صلاحهم الموجب للكرامات ثم استدرك قائلاً (لكن كمان ما قدر دا يا سيدي!!).. أما ساتي فشبه حديث مولانا الحسن بقصة كتاب (تعلم الكاراتيه في سبعة أيام دون معلم).. التي انتهت بمن حاولها في المستشفى وأرجله معلقة في (الجبص).. ووصف ساتي خطة مولانا بأنها خالية من أية تفاصيل سوى الموعد الزمني (181) يوماً.. بلا (كتالوج) يوضح كيف يمكن تحقيق الإنجاز في الفترة المحددة.. وفي تقديري الصورة الكاراكتورية التي رسمها الزميلان صحيحة في حالة واحدة.. في حالة النظر تلقاء تصريح مولانا الحسن وميقاته الزمني فقط لا غير.. أما إذا نظرنا تلقاء (المشكلة!!) التي يحاول مولانا حلها.. فإن هذا الميقات يبدو جلباباً فضفاضاً فوق جسم هزيل.. نحتاج إلى أقل من رقم مولانا.. مئة يوم فقط.. وحتى المئة كثيرة..!! صحيح السيد الحسن لم يذكر تفاصيل الخطة.. وربما لا يملك هذه التفاصيل.. لكن الأصح أن التفاصيل ليست وحدها الغائبة.. فالمشكلة أيضاً غير موجودة. في المفاهيم الهندسية.. دائماً يبدأ حل المشكلة بسؤال محوري حتمي هو (هل من الأصل هناك مشكلة؟).. إثبات وجود المشكلة هو أول خطوة لحلها.. والواقع أن أكبر مشاكل السودان هو غياب هذا السؤال الحتمي.. (هل من الأصل هناك مشكلة؟).. سردت عليكم قبل هذه المرة قصة الامتحان الذي تعرضتُ له في نهاية الأسبوع الأول لي في مونتريال بكندا عندما كنا في دورة تدريبية في هندسة الكمبيوتر.. أدخلني المدرب إلى معمل متقدم للغاية، ووضع أمامي لوحة كمبيوتر متعطلة، وطلب مني إصلاحها في ربع ساعة فقط.. لم أضع الوقت بدأت في توصيل أجهزة الكشف المتقدمة بلوحة الكمبيوتر وأنا أدقق النظر في الشاشة أمامي لأتتبع شكل الموجات الصادرة عنها.. في الحال أمسك المدرب بيدي وهو يقول لي (القاعدة رقم واحد.. لحل أية مشكلة.. ابحث دائماً عن السبب التافه أولاً).. وفعلاً كانت إحدى أرجل الشريحة الإلكترونية متروكة عمداً خارج اللوحة ولم تكن لتحتاج إلى أكثر من نظرة سريعة قبل التورط في استخدام أجهزة الجس المتقدمة. هذا هو حالنا السوداني.. نحن في حاجة ماسة إلى استخدام نفس القاعدة.. (البحث عن السبب التافه أولاً).. وسنكتشف أنه من فرط (تفاهة) الأسباب لا مشكلة ولا يحزنون.. فنحن مشكلتنا!!. أما إذا استمر بحثنا عن المشكلة بالمنهج الذي نعتمده الآن.. فيصبح ساتي والباز على حق.. ولا (181) عاماً تكفي.!! ابحثوا عن السبب التافه.. أولاً..!! مجاهد


تعليق واحد