أ.د. معز عمر بخيت

أحزان غاضبة


فلتجرعوا ما شئتموا

من جذوة الغليان نبع شقائكم

و جعاً دفين ..

و لترشفوا ماء الصبابة

لوعة الضجر الحزين

و لتستظلوا بالحريق

و تستفيقوا بالأنين

الجمر بين صدوركم

عصب العيون عن الحقيقة

فاستدار الحلم عنكم

و اشتراكم مارد الكذب اللعين

فبقيتموا في لجة اللهب السعير

مواقداً للنار ظلت تصطليكم

كلما ضاءت بروقي في السماء

و كلما لمعت نجومي في الجبين

إني بنار جحيمكم و بغلكم

كالماس أبقى ساطعاً

متوهجاً في كل حين

إني أحس بقدرة الإيمان تسكن عزّتي

و تدغدغ الأنفاس عندي بالحنين

إني أحس بقوة تسري عميقاً في دمائي

كلما أزف العناق

و كلما وجفت قلوب الحاسدين

الطالعين من الجراح

إلى الجراح

ذوي الوجوه الكثر

و الضعف المهين

ما حاجتي

لمثيل من سقط الفراغ بجوفه

ما حاجتي لحقول صلصال و طين

و هواجسِ لا ترتقي صرح اليقين

إني تقمصت الهوى و الصدق

و اخترت السماح طريقتي

فدواخلي بالحب صارت لا تلين

و لقد تبينت الطريق فويلكم

بالحقد تسقيكم لظى زقومها

ألماً سخين

أبقى أنا جيل العطاء

السمح و الوعد الأمين

قمر الزمان المستمد نقاءه

من غفوة الإيماء ترجع بالسناء

تشد أعصاب السنين

أحيا على مر العصور و قامتي

فوق السماء نطل بالصحو المبين

***

كم كان بيني و الخواطر

في عيون النجم حلم

ظل يطرق باب بيتي في اندهاشِ

يحتويني في رباه

أنا قد سكنت البحر قبلك يا مياه

برقت عيون الموج في شط الجزيرة

أدركت جوف النواة الطفل

أعشاب الرجاء

كم هزني عصب البراءة

جددت تلك التلال حريقها

و تجمدت سحب الخواء

النار و الزبد المشتت في جروف النهر

دغدغ صمته لحن الصبابة

و اكتسى بالصبر و الرمل المسافر

في عيون الشوق يحلم

بالرغيف و بالكساء

جاع النهار فجف حلق العصر

و انتحب المساء

و الليل يبحث في الدجى

عن فجره المنثور في كل المدى

و بكل زاوية تحلق في الفضاء

إن صدكم خوف الذئاب من الذهاب

إلى عرين فراستي

فالخير زان مسافتي

و أنا الطريق إلى دروب الإنتماء

العز بيني و الحياة تظل بدراً

في عيون تطلعي

تاجاً أنيقاً و احتفاء

و وجوهكم تبقى تراباً عالقاً بستائري

و حديثكم محض افتراء

كل الثعالب و الضباع تعيش مثل حياتكم

أبداً و تحيا في الخفاء

و بجرةٍ ملأى سموماً و ابتلاء

زمنُ مريبْ

ماذا لعمرك يا طبيب؟

تشفي عليلاُ واحدا

و تصيب ألفاُ منً تصيب

بالغيبة الكبرى و أسرار النميمة

و الترصد و العداء لمن خسرت نزاله

في ساحة البحث الرهيب

فظللت تصرخ في الطريق و لا مجيب

ثكلتك أنفاس الضياع

و ضمك السقم الغريب

حُمى تصيب الخاسرين بجوفهم

و تؤكد الداء العجيب

رصدتك أوجاع الملاريا و الشقاء

بكل ميقات عصيب

هذا زمان لم تعد فيه الصحافة

و الحضارة قمتان

و لم يعد فيه الحسيب و لا الرقيب

حتى التماثيل الحوائط و الدمىَ

تحكي قساوة من رمىَ

إحساسه بالهمز و اللمز الكئيب

ها إنني وحدي خرجت

من الظلام إلى الضحى

عبر الرجاء المستطيب

فارقت جمع الخوف

ودعت المهالك و النحيب

و هززت جذع الشمس

حتى تساقط ضوؤها

فوق الدروب

من الصباح إلى المغيب

و صرخت ملء الكون صرخة ثائرٍ

ملك الزمان بعشقه ولهاً مهيب

أحببتها و أحبها

و أكون في كل المحافل قربها

حبل الوريد لقاءه بعدُ قريب

في لحظة صار الزمان قصيدة

و بلحظة صار الهوى انشودة

و الأرض عندي كلها

صارت حبيب.