الطاهر ساتي

العبرة في التنفيذ ..!!


:: قبل أشهر، أراد السادة بوزارة الصحة تحويل الهيئة العامة للإمدادات الطبية إلى صندوق قومي للإمدادات الطبية عبر البرلمان، ولكن لم يسعفهم الزمن لإنتهاء فترة الدولة البرلمانية السابقة، وطالبهم البرلمان – بعد الإطلاع – بالإنتظار لحين الدورة القادمة لمناقشة وإجازة قانون الصندوق.. ولكنهم لم ينتظروا الدورة البرلمانية القادمة .. إذ بتاريخ 26 إبريل الفائت، أي قبل أسبوع ونيف من يومنا هذا، وبمرسوم مؤقت صادر عن رئيس الجمهورية، تحولت الهيئة العامة للإمدادات الطبية إلى الصندوق القومي للإمداد الطبية.. ولهذا يُمكن وصف هذا القانون بالمفاجئ و ليس ب ( السري)..!!
:: وزارة الصحة التي أعدت المسودة على علم بقانون الصندوق القومي للإمدادات الطبية، وكذلك مجلس الوزراء الذي ناقش المسودة بالحذف والإضافة ، وكذلك لجنة الصحة بالبرلمان، ثم وزارة العدل التي راجعت المسودة وصاغتها إلى نصوص قانونية..كل هذه الجهات سلطات حكومية ومسؤولة، وكلها على علم بهذا القانون.. ومن يجهلون هم فقط السادة نواب البرلمان السابق والذين لا يُرجى منهم – حسب التجارب – غير ( البصمة) ثم التهليل والتكبير و أحياناً ( التصفيق).. ولذلك لم أخض مع الخائضين في بحر وصف القانون ومساره..ويوم أمس، بقاعة كورال، عندما كان الوزير بحر أبوقردة يستعرض القانون، وكان البعض يصف القانون – بالمفاجئ والسري – كنت غارقاً في نصوص القانون بلسان حال قائل : (ليس مهماً لون القط – أسود ولا أبيض – طالما أنه يصطاد الفئران).. هكذا تقول الحكمة الصينية التي تقدس (جوهر الأشياء)..!!
:: هناك فرق بين قانون الصندوق وأمر تأسيس الهيئة، ونقارن ثم نحكم .. في أمر التأسيس كانت أموال الهيئة وإستثماراتها تعفى من ضريبة أرباح الأعمال، ولكن في قانون الصندوق تعفى كل المنتجات الطبية من الضرائب والجمارك والعوائد وأي رسوم حكومية أخرى، وهذا في صالح المواطن ..وفي أمر التأسيس كان وضع المراجع العام (مرتبكاً)، إذ يقول النص ( تراجع حسابات الهيئة بواسطة المراجع العام أو أي مراجع قانوني يوافق عليه المراجع العام)، ولكن في قانون الصندوق تم شطب هذا الإرتباك بالنص الصريح (تراجع حسابات الصندوق بواسطة المراجع العام)، ولم يستدركوا بحيث تُراجع بأي مراجع قانوني، وهذا ما يطمئن ..!!
:: كان أمر التأسيس يُقيد الهيئة ببعض القيود..وعلى سبيل المثال، يجوز للصندوق الشراء المباشر – الأدوية – في حال لا تحقق المنافسة العامة الوفرة الإقتصادية أو الجودة، وهذا النص ضد إحتكار وكلاء شركات الأدوية للأصناف وأسعارها ..وكذلك لم يعد هناك ما يمنع الصندوق تجاوز إحتكار وأسعار الوكلاء ثم الشراء المباشر من الدول ذات النظام الرقابي المعتمد لدي مجلس الأدوية أو من المؤسسات الدولية المشهودة لها بالكفاءة أو من المصانع الحائزة على الأهلية المسبقة من منظمة الصحة العالمية، وليس بالضرورة أن يكون الدواء (مسجلاً)..هذا النص بمثابة رسالة لوكلاء الشركات – ومجلس الأدوية – لتسجيل المزيد من الأصناف الدوائية ثم التنافس ب ( الجودة والسعر)..ليس هناك ما يُعيب في قانون الصندوق غير ( التنفيذ).. فالشاهد أن الوحدات الحكومية التي تتقن صياغة القوانين هي ذات الوحدات الحكومية التي تتقن (هدم القوانين)..!!