محمود الدنعو

من هو السياسي إذن


من هو السياسي؟ لا تهمني الإجابة الصحيحة ولا أسعى إليها، ولكن ما فائدة السياسي إذا لم يكن يشعر بمعاناة الناس ويسعى إلى تلبية احتياجاتهم، شاهدت حلقة من برنامج (هيد توهيد) بقناة الجزيرة الإنجليزية وكانت ضيفة الحلقة النيجيرية نغوزي أكونجو أيويالا الأمينة العامة السابقة بالبنك الدولي وزيرة مالية نيجيريا السابقة، ووزير خارجيتها السابقة والمرأة الحديدية التي ناضلت من أجل إدخال الاصطلاحات الاقتصادية في بلادها مثل ترشيد الميزانية والشفافية في الحسابات العامة والحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد، وبفضل خبراتها في المؤسسات المالية الدولية حصلت من نادي باريس لصالح بلادها على إلغاء 18 ملياراً من الديون، وهو رقم قياسي، وتتصدر الآن الحملة الدولية إعادة الفتيات المخطوفات من قبل جماعة بوكو حرام في نيجيريا، ولكنها طوال الحلقة التلفزيونية كان تصر على أنها ليست سياسية؟
الشاب سيدو براهينو لاعب كرة القدم ومهاجم ويست برومويتش الإنجليزي المعروف يبلغ من العمر 21 عاماً قُتل والده في الحرب الأهلية في بورندي وهاجر مع والدته إلى إنجلترا، وهو في العاشرة، فأصبح مواطناً ويستعد للعب بعد أشهر مع منتخب إنجلترا تحت سن 21 عاما جنبا إلى جنب مع نجم توتنهام هاري كين، ولكن كل ذلك لم ينس براهينو بلده الأصلي بورندي، فعاد العام الماضي للوقوف على الأطلال والذكريات الحزينة، وألهمته تلك الرحلة ومشهد المرضى المحتجزين لدى المستشفى لحين سداد فواتير العلاج إلى فكرة تشكيل مؤسسة سيدو براهينو الخيرية التي دشنها الأسبوع الماضي لتقديم الخدمات الطبية وتوفير المياه والحياة الكريمة لأهل بلاده.
تعيش بورندي حاليا في اضطرابات بعد قرار الرئيس بيير نكورنزازا خوض الانتخابات للمرة الثالثة حيث ظل في السلطة على مدى العشر سنوات الماضية دون أن يحدث تغييرا في التنمية، أو هكذا يقول براهينو الذي يبدو مهموماً بقضايا بلاده حتى وإن لم يكن سياسياً، ولكنه يعبر عن قضايا سياسية تفوق كونه لاعباً وكونه شاباً لم يصل الثلاثين من عمره بعد، ويقول: “كل بلد لديه فساده الخاص به، بعض الناس يصبحون أكثر ثراء على حساب الآخرين، ويصبح من الصعب عليهم التطلع إلى مستقبل مشرق لا توجد فرص، أنا لا أرغب في الانخراط في السياسة، ولكنني أعيش معاناة الناس أنا لا أزال بورندياً مئة بالمئة، وسأعمل بأقصى ما يمكنني عمله من أجل أبناء بلدي”!
إذن من هو السياسي إذا لم يكن هذين النموذجين من الساسة، وما جدوى الساسة إذ لم يكونوا يشعرون بمعاناة الناس ويعملون من أجل تخفيفها، يبقى السؤال مفتوحا من هو السياسي إذن؟