مصطفى الآغا

لماذا أحمد عيد؟


< الخميس كانت كل العيون موجهة صوب مملكة البحرين، ليس فقط بسبب انتخابات القارة لممثليها في «فيفا»، أو تزكية رئيس الاتحاد الشيخ سلمان لأربعة أعوام مقبلة، أو لانتخاب أعضاء المكتب التنفيذي، بل أيضاً لوجود المرشحين لرئاسة «فيفا» في القاعة ذاتها، وكل منهم يحاول كسب بعض الأصوات الآسيوية، التي قيل بأن أغلب تلك الأصوات التي يبلغ مجموعها 46 مضمونة لبلاتر، لكن صوت الأردن لن يذهب له، وكنت أتمنى لو تم السماح لجميع المرشحين بمخاطبة رؤساء الاتحادات المحلية، لأنه من حقنا كشعوب أن نعرف ماذا سيعدنا كل مرشح؟ وليس أن نُعطي أصواتنا لبلاتر لأننا وعدناه. وكلّما تحدثت مع رئيس اتحاد كرة عربي يقول لي: «إننا صفقنا بالإجماع في ساوباولو، وقبلها في الكونغرس الآسيوي لهذا السويسري»، الذي «شخصياً» لم أعرف له حتى اليوم موقفاً ثابتاً، فهو يقول في فلسطين أمراً ثم يذهب إلى تل أبيب ويقول أمراً معاكساً، ويقف يوماً مع قطر ويوماً ضدها، ويوماً مع أفريقيا ويوماً ضدها، ويبدو أنه وعد بتوسيع المشاركة في نهائيات كأس العالم إلى 40 دولة بدلاً من 32، وبالتالي قد يكون من نصيب آسيا ستة مقاعد ونصف وهي الآن أربعة ونصف، وأصبحت خمسة بقوة بلاتر لأجل كسب أصوات آسيا. بلاتر يدفع للاتحادات المحلية حوالى 750 ألف دولار، ويساعد في برنامج «الهدف»، وأدخل البلايين لخزانة «فيفا»، ولكنه في الوقت نفسه ديكتاتور في عصر الحريات والديموقراطيات، ولديه ملفات شائكة استطاع التملص منها واحداً تلو الآخر، ولكنها ما زالت ملفات بانتظار إعادة فتحها. والرجل بلغ من العمر عتيا، ولا أعرف سبباً لتمسكه بالمنصب، فبات عدواً لقارته التي صدّرت للعالم شيء اسمه «ديموقراطية»، ولكن الرجل أيضاً يعرف كيف يستثمر ويستغل الديموقراطية طالما أنها تستلزم حُكم الأغلبية والرجوع لصناديق الانتخاب، والانتخابات لعبته من دون منازع. وفي البحرين شاهدنا الاهتمام الإماراتي ربما غير المسبوق بانتخاب محمد خلفان الرميثي في اللجنة التنفيذية للاتحاد الآسيوي، وخروج رئيس الاتحاد الحالي يوسف السركال منها، وتابعنا اهتمام الإعلام الإماراتي كله بهذا المنصب، وساعات البث المباشر لقنواتهم الرياضية، وأيضاً الاهتمام القطري بفوز سعود المهندي بمنصب نائب الرئيس، ولكنني لم ألمس القدر ذاته من الاهتمام الإعلامي بفوز رئيس الاتحاد السعودي أحمد عيد بالمنصب نفسه وبالعدد نفسه من الأصوات وهو 39 من أصل 46، وهي المرة الأولى التي نرى فيها رئيساً للاتحاد السعودي يتمثل في المكتب التنفيذي، لأن العادة جرت أن يتم إسناده لأحد أعضاء الاتحاد وليس لرئيسه، وإذا كان أحمد عيد يتعرّض لحملة كبيرة لإزاحته عن منصبه، إلا أن هذا لا يمنع أن الرجل كفاءة كبيرة وتاريخ طويل من العمل في الوسط الإداري، وشاهدته بأم عيني يحضر متفرجاً ومتابعاً لكل مؤتمرات الاحتراف الرياضي في دبي، ويحاول أن يتعلّم من تجارب من سبقونا، وهو لا يتعامل أبداً مع الآخرين إلا كرياضي يتمتع بالروح الرياضية وليس كمسؤول، وأنا شخصياً أرى في أحمد عيد رجل المرحلة إن ساعدناه جميعاً، على أن يكون كذلك بدلاً من تصيّد أخطاء هو ليس مسؤولاً عنها في الأساس وخسارة المنتخب الأول لكأس الخليج مثلاً لا تختصر مسيرة الرجل، لأن رئاسة اتحاد كرة القدم ليست فقط نتيجة المنتخب الأول، وسبق وشاهدنا منتخبات عربية وخليجية تخرج من الأدوار الأولى وتخسر بطولة الخليج وتخسر في آسيا، ولكن رؤساء اتحاداتها لم يتعرّضوا لما تعرّض له أحمد عيد، وإن كان البعض يقول إن هناك تجاوزات فيجب أن يتم عرض هذه التجاوزات ضمن مؤسسات الاتحاد وليس خارجها، أو التقدم بشكوى رسمية إلى القضاء إن كانت تلك التجاوزات تحتاج لقرارات قضائية. أحمد عيد قال لي قبل الانتخابات، وقالها بعد الانتخابات بأنه باقٍ حتى انتهاء مدة رئاسته، وأنا أتمنى له أن يكملها وبنجاح ليس لأنني قريب له أو أنه رشاني أو منحني مقابلات حصرية لأن هذا الأمر لم يحدث، بل لأنه كفاءة أنا شخصياً مؤمن بها وبقدراتها وآفاقها.