رياضية

جنود السودان يصنعون تاريخا يمتد حتي المكسيك


قليلون هم الذين يعفون من شباب اليوم عن ان الجنود السودانيون سبق وان حاربوا في المكسيك بل ان احفادهم واثارهم ماتذال موجوده هناك لتبقي صلات قديمه عمرها يتجاوز المائة وخمسون عام هي السنوات التي تفصلنا عن ذلك اليوم الذي ابحرت فية سفن الجنود السودانين متجهه الي باريس عاصمت فرنسا بعد ان استنجد بحاكم مصر والسودان والذي راي ان يرسل له كتية سودانية لتساعده في قتاله في المكسيك . ولم يكن الجنود السودانيون مقاتلون عاديون بل كانوا ابطال ادهشوا عدوهم وصديقهم علي حد السواء وقت تركوا اثار لم يمحوها الزمن حتي اليوم . والسودانيون الذين كتبت لهم الاقدار ان يزورا المكسيك كانت لبعضهم مصادفات سعيده وفاجاءت من عينه ان يكتشف ان هناك في تلك البلاد البعيده المكسيك والتي تفصنا عنها قارات وارضي وبحور من يقول له انا مكسيكي واصلي من السودان ونجد ان اكبر اثر لهولاء الجنود لم يكن في الحرب بل في الناحية الاجتماعية فهناك حياً من أحياء عاصمة الكسيك (مكسيكو سيتي) يسمى بالحي السوداني،وهذا يدلل علي مدي الاثر الذي تركه هولاء الجنود في المنطقة ولك ان تتخيل حي سوداني ليس في في عاصمه عربية او افريقية مجاوره بل في عاصمة المكسيك التي قد يكون بعضنا لم يعرفها لامن خلال كاس العالم لكره القدم
والمدهش في هذا الحي مايحوية من سر فهو يحمل اسرار سودانية وذكريات حاضره لغائبين .
فسكان هولاء الحي الذين لايعرفون العربية ولا يتحدثون سوي الاسبانية كعادت اهل هذه البلد ، يحدثنونك بكل الحب والموده الصادقه عن أنهم ينحدرون من الكتيبة السودانية وأنه قد
قد مضي علي قدوم اجدادهم الي المكسيك اكثر من مائة عام انقطعت بعدها صلاتهم
بالسودان. وهم لا يعرفون عن السودان سوي عاصمته انه قطر افريقي لكن الكل يكون شقوف بان يعرف وان يسمع الحكايات عن بلده الاصل السودان !
*حكايات وبطولات
الكتيبة السودانية التي توجهة إلى المكسيك عندما كان السودان تحت التركية كتب عنها الامير عمر طوسون كتاب يحمل عنوان ( بطولة الورطة السودانية في حرب المكسيك ) وهو بمثابة سجل لما يسميه الأمير بطولات أمكن تسجيلها وتوثيقها وشهد بها الأعداء والأصدقاء على حد سواء أنها بطولة الجندية السودانية , وعلى الرغم من أن هذه هذه الحرب التي فرضت على تلك الفرقة التي سيقت إلى المراكب وسافرت إلى ما كان يعرف ببلاد هند الغرب في ذلك الوقت دون مشاورتها ودون أي اسباب مقنعة لتخوض حربا لا تمثل سوى حلقة من منظومة الحروب الإستعمارية والتوسع الأوربي في أنحاء العالم في تلك الفترة أولئك الجنود وجميعهم من السودانيين زج بهم في أتون تلك الحرب ولم يكن يدركون مراميها ولا أهدافها وبالطبع ما كانوا يملكون مناقشة مشاركتهم في تلك الحرب فقد كانوا مجندين في الجيش الذي يملك الحق في نقلهم من مكان إلى آخر تحت الشمس ولا حق لهم في الإعتراض أو الرفض , وأي بادرة من هذا القبيل لا تفسر بسوى العصيان والذي كان يقابل بالمحاكمات الميدانية الفورية وهذه تصل أحكامها إلى حد الإعدام. كانوا جنودا ملتزمين لا يعرفون سوى الطاعة العسكرية لرؤسائهم ولا يترددون في تنفيذ كل ما يطلب منهم دون جدل لأو مناقشة وهذه واحدة من سمات العسكريين تنفيذ الأوامر .
أسباب حرب المكسيك :
حسب ما جاء في التقرير المصري الفرنسي الذي سبق إرسال الجنود السودانيين إلى المكسيك فقد اساءت حكومة المكسيك معاملة كثير من رعايا فرنسا وانجلترا وإسبانيا ونهبت اموالهم إثر مطالبتهم لها بوفاء ما عليها من الديون فكان ذلك السبب الظاهر لهذه الحرب ويقال إن الغرض الذي كان يسره نابليون الثالث في قرارة نفسه ويرمي إليه من وراء هذه الحرب وإنما هو تأسيس حكومة ملكية كاثوليكية في المكسيك ليضمن بذلك وجود التوازن في هذه البلاد مع نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية .وقد عقدت هذه الحكومات الثلاثة النية على استخدام القوة المسلحة للحصول على مطالب رعاياها ووجهت كل منها حملة المكسيك في سنة 1861 ولكن لم يلبث الخلاف دب بين هذه الدول فسحبت انجلترا واسبانيا جنودهما من المكسيك في أبريل سنة 1862 وقامت فرنسا وحدها بأعباء هذه الحرب
*نابليون يستنجد بالسودانيون.
وفقدت فرنسا في الفترة بين نوفمبر 1861 – يونيو 1873 ما يقارب من 37000 من الرجال علي شواطئ المكسيك الموبوءة بالأمراض. مات من أولئك الرجال نتيجة الحمى نحو 1410 رجلا بينما لم يمت نتيجة القتال المباشر سوي 330 رجلا فقط. فتكت بأولئك الرجال الحمى الصفراء والدوسنتاريا. وضاقت المقابر في فيرا كرز– علي أتساعها- عن استيعاب الموتى من الفرنسيين، وأطلق بعضهم ساخرا علي المقبرة التي ضمت أجساد أولئك الجنود “حديقة التأقلم” عند ذلك طلب نابليون الثالث من سعيد باشا والي مصر مد يد العون له بفرق سودانية و لقد علم نابليون أن الجنود السودانيين قد تم “استخدامهم” من قبل و بنجاح باهر من قبل محمد علي استجاب سعيد باشا لذلك الطلب وبعث بكتيبة واحدة من فوج المشاة التاسع عشر تتكون من 453 من الضباط و الجنود. كان علي رأس تلك القوة البمباشي جبر الله محمد أفندي مع نائبه اليوزباشي محمد مياس أفندي. أبحرت السفينة من تولون في يوم 23/ 12/1862 وكان تم نقل الكتيبة السودانية سرا إلي ميناء الإسكندرية بين ليل السابع و الثامن من يناير واتجهت إلي المكسيك حيث وصلت إلي فيرا كيرز يوم 23/2/ 1863 أي بعد 47 يوم في عرض البحر. كانت الكتيبة مكونة من قائد واحد ورائد وملازم واحد وثمانية من الرقباء و15 عريفا و359 من الجنود و39 من المجندين و22 و كانوا في كامل زيهم العسكري وهم يحملون عدتهم وعتادهم. مات في عرض البحر سبعة من الرجال، ربما بسبب حمي التايفويد أو أمراض صدرية،
*الدنيا الجديدة
وبعد الوصول إلي فيرا كيرز بقليل مات 15 رجلا آخرا، و لم يتحدد إن كان هؤلاء الجنود قد ماتوا بسبب الحمى الصفراء أم بغيرها. كان الكثيرون يعتقدون بأن تلك الحمى لم تكن موجودة في منطقة فيرا كيرز بين يناير وأبريل 1863 لذا فلقد ساد الاعتقاد بأن أولئك الجنود قد ماتوا لأسباب ليست الحمى الصفراء واحدة منها. ومع حلول شهر إبريل عاودت الحمى الصفراء الظهور في فيرا كيرز بضراوة شديدة و استمرت في الانتشار حتى ديسمبر من ذات العام. قضت تلك الحمى علي قائد القوات الفرنسية في المنطقة وأحد عشر من كبار الضباط ، ولسبب ما لم تصب تلك الحمى أي من الجنود السودانيين عدا قائد الجنود السودانيين البمباشي جبر الله محمد الذي كان الوحيد من بين السودانيين الذين تسببت الحمى الصفراء – حسب السجلات الرسمية- في موته. ترك البمباشي جبر الله محمد بعد موته 5667 فرانك فرنسي. تمت ترقية نائب القائد محمد مياس أفندي إلي رتبة البمباشي و تولي القيادة مكان البمباشي الراحل جبر الله محمد. لم يسلم السودانيون تماما من الآثار الممرضة لطقس المكسيك رغم أنهم أبدوا مقاومة أشد لها من رصفائهم الفرنسيين، بل والمكسيكيين أنفسهم. فعند نهاية 1863 مات 47 من الجنود تمت عملية إعادة تنظيم للكتيبة علي النسق الفرنسي فتم تقسيمها إلي أربعة فرق و صرفت أوامر محددة تحدد واجبات كل فرقة وتمت ترقية العديد من أفراد الكتيبة. كانت أسلحة الجنود السودانيين ممتازة بيد أن بنادقهم كانت من نوع مختلف عما هو مستعمل في الجيش الفرنسي و كان ذلك يمثل عقبة في ما يتعلق بالذخيرة مما دعا الفرنسيين إلي إعطاء الجنود السودانيين بنادق فرنسية و الاحتفاظ بالبنادق التي جلبها هؤلاء الجنود لحين انتهاء الحملة. مثلت لغة الجنود السودانيين عقبة أخري، إذ لم يكن هنالك من يفهم لغتهم و لم يكن من السهل شرح كيفية استعمال هذه البنادق الفرنسية الجديدة لهم. بيد أن الفرنسيين قد اكتشفوا وجود بعض المترجمين وسط الجزائيين في الجيش الفرنسي وكانوا هؤلاء خير عون لقادة الجيش الفرنسي في معرفة احتياجات الجنود السودانيين. أشاد الجميع بانضباط هؤلاء الجنود و بالسرعة الفائقة التي تأقلموا فيها علي الأوضاع الجديدة و ذلك عقب معرفة الفرنسيين باحتياجاتهم و معالجة مشاكلهم الصحية الصغيرة و التعرف علي مواطن القدرة و القوة و التميز عندهم. سرعان ما اكتشف الفرنسيون نشاط و همة هؤلاء الجنود وأنهم أكثر إجادة من غيرهم في المراقبة والرصد وشجاعتهم تفوق الوصف عند احتدام الوغى، وأنهم يخاطرون بأرواحهم في مواضع يتوجس ويخاف منها الجنود الفرنسيين. نجح الجنود السودانيون نجاحا باهرا في تعقب العدوا ورجال العصابات المكسيكية الذين كانوا لا يكفون عن مهاجمة القوافل التي كانت تحمل والمؤن في الأراضي المنخفضة في فيرا كرز، ويعتدون علي نقاط الدفاع قليلة الحماية. أمر الجنود السودانيين بحماية خطوط الاتصالات بين تلك المدينة والساحل والتي حاول المكسيك مرارا قطعها. وكلف الجنود السودانيون أيضا بحماية خط السكة حديد الذي كان في طور التشييد مما عجل بإكماله في وقت وجيز. رافق بعض الجنود السودانيين القائد العام للجيش الفرنسي مارشال بازين عند دخوله لمدينة مكسيكو.
*انتصارات واشادات
وشاركت القوة السودانية في إثنتي عشرة معركة ضد العصابات المكسيكية وكسبتها جميعها محدثة خسائر كبيرة وسط هذه العصابات . كما دافعت القوة عن موقعين لها وللقوات الفرنسية تعرضا للهجوم مرتين من قبل العصابات، ورغم صغر حجم القوة السودانية التي كانت تدافع عن الموقعين ورغم كبر حجم القوات المهاجمة، إلا أنها تمكنت من صد الهجومين وأحدثت خسائر جسيمة في صفوف القوات المهاجمة، بجانب العمليات العسكرية قامت القوة السودانية بحراسة عمال السكة الحديد وتحصين مدينة فيراكروز المكسيكية، ولما رأي قائد القوات الفرنسية بطولة وصمود القوة السودانية كتب إلي القائد العام في فرنسا مشيداً بهم وبدورهم، وعندما علم الخديوي إسماعيل باشا، والذي خلف الخديوي محمد سعيد باشا قام بارسال خطاب لقائد الاورطة مبدياً ارتياحه وثناءه على ما قامت به الاورطة، وكان قائد الاورطة فى هذا الوقت الصاغ محمد مياس والذي قلنا في السطور السابقة انه خلف جبر الله في قيادة الكتيبة .

كتب : مصطفى سيد- الوان


‫2 تعليقات

  1. أجداد قوات الدعم السريع…الجندي السوداني مشهود له دوما بالكفاءة والإستبسال.