الصادق الرزيقي

الاستغلال البشع!!


> صارت قضية طلاب دارفور، منصة ولوحة إعلانات، الكل يريد تعليق صورته وإعلانه ودعايته السياسية البائسة عليها. قبل أيام ادعت مجموعة سياسية معارضة، أنها كونت لجنة لحماية طلاب دارفور، بعد حوادث العنف التي شهدتها جامعة شرق النيل أخيراً وراح ضحيتها أمين الطلاب الإسلاميين بالجامعة، وخشيت هذه الثُّلة السياسية المعارضة، من ردود الأفعال وما ستجره هذه القضية من مضاعفات في جوانبها السياسية والقانونية، باعتبارها جناية كبرى لن تمر ولن يضيع فيها دم الشهيد هدراً، فهرعت وجلة وراعشة إلى تأسيس هذه اللجنة تحت هذا المسمى الخادع، لتغطية أعمال التحريض والاستغلال المستنكر لطلاب دارفور، وزجهم في معترك ليس هو معتركهم، ومعارضة السلطة الحاكمة.
> ولو أردت أن تعرف ما الذي يجري في هذه القضية وتداعياتها، فانظر أين يقف اليسار بكل تياراته وأحزابه، وحركات دارفور المتمردة والحركة الشعبية قطاع الشمال..؟ فهؤلاء جميعاً هم أُس الحية في كل ما يجري في الجامعات من عنف وتشنُّج واستقطاب حاد، يكون ضحيته هم الطلاب وخاصة طلاب دارفور الذين يُلقى بهم في غالب الأحوال إلى أُتون الصراع، تارة بالتحريض والتأليب، وتارة بافتعال أحداث تقود إلى الصدامات والمواجهات، ثم يخرج إليك هؤلاء السماسرة في سوق السياسة من شخصيات حزبية معارضة، لا هم لها إلا التكسُّب الرخيص من العنف الطالبي، وتسخيره في اتجاه محاربة الحكومة، حتى ولو سالت الدماء في الجامعات السودانية حتى الرُّكب!!
> يعمي العداء السياسي شراذم اليسار والطائفية السياسية التي تمثلها قيادات من حزب الأمة وبيت زعيم حزب الأمة القومي، ورموز ما تسمى قوى الإجماع الوطني، عن رؤية الحقيقة والحذر من اللعب بالنار، ولا تنظر هذه المجموعة للهدف النبيل من وقف للعنف في الجامعات، كما قالت في اجتماعها الأول في دار الحزب الشيوعي، وأحاديث بعض من هم في الاجتماع عن رغبة حقيقية لوضع حد لما يجري، لكن المجموعة الأكبر من هؤلاء ضربت بعرض الحائط المسعى الحميد الذي ظهر أول مرة في عمل هذه اللجنة ودعت لها، لكن عملية الاستغلال البشع لطلاب دارفور وقضاياهم وجعلها منصة للمعارضة وتمرير الأجندة السياسية.. لو كانت هذه المجموعات من السياسيين الفاشلين وهي تتدثر بقضية طلاب دارفور وهي قضية متوهمة في الأساس، تعلم ما ستجره على هؤلاء الطلاب المساكين، لكفَّت أذاها عنهم، لأن السياسة تزيد النار حطباً وتصب عليها المزيد من الزيت، حتى يشتعل الأوار ويعلو اللهب وتلتهم ألسنة النار الأخضر واليابس!!
> نحن نعلم إن طلاب دارفور يعاني الكثير منهم ظروفاً صعبة وأوضاعاً قاهرة تعيق تحصيلهم الأكاديمي، ولكن استغلال الحركات المسلحة لبعض هؤلاء الطلبة، ثم دخول المعارضة السياسية على الخط، سيجلب المزيد من العنف ولن يقلل منه، لأن النوايا الخبيثة وراء هذه اللجان والتجمعات الحزبية هدفها تسييس هذه القضية وجرها إلى دائرة أخرى، بصرف الأنظار عن المعاناة الحقيقية للطلاب إلى مجال آخر، والدليل على ذلك أن بعض أعضاء اللجنة التي تدعي حماية طلاب دارفور، بدأت توزع التهم في كل اتجاه، وتنحرف بأصل القضية الطالبية، ولا تنفك تدعي حججاً واهية لإقناع الطلاب وشحن عقولهم بأن ما يجري في الساحة الخاصة بهم هو عمل عنصري يستهدفهم جهوياً!!
> هذه البذرة التي تحاول قوى الإجماع الوطني من يساريين وبقايا أحزاب تعيش خريف العمر وتقفز خارج التاريخ، ستكون هي نبتة الشيطان الحرام في تربة العمل الطالبي، ولن ينتفع بها أحد. فطلاب دارفور أوعى من أن يُستغلوا بهذه الكيفية السمجة، بوضعهم في الواجهة عند فوهة البركان، ودفعهم للصدام ليكونوا هم الضحايا وغيرهم يقطف الثمار..
> إن حماية طلاب دارفور ووقف العنف، هي مسؤولية الدولة وقوى المجتمع الحقيقية المخلصة والحادبة على الاستقرار والسلام، وليس المجموعات القانطة الغارقة في سأمها ويأسها، فشلت في كل شيء ولم تحقق شيئاً وتريد أن تركب المركب وتجدِّف بقضايا طلاب دارفور، حتى تصل بها لمبتغاها السياسي، ثم تلفظهم كنواة تمرة.