تحقيقات وتقارير

الوفد الشعبي الاثيوبي في قلب التاريخ والجغرافيا


عكست زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية الاثيوبي لسد مروي والبركل يوم الأحد عمق العلاقات الازلية بين الشعبين السوداني والاثيوبي المرتكزة علي روابط التاريخ المشترك الممتد ما قبل مملكة اكسوم وحتي اليوم , بينما يضخ نهر النيل في سيره اليومي نبضا جديدا في شرايين هذه العلاقة وقد رضع كلا الشعبين من مياهه واشتركا في الاستفادة منها في الزراعة والري والكهرباء .
وفي مستهل زيارة الوفد الشعبي لسد مروي تم عرض فيلم وثائقي عن المشروع منذ أن كان مقترحا ومراحل تنفيذه والتغيرات التي طرأت على الوضع الاقتصادي بالمنطقة مما كان له الأثر الإيجابي على حياة المواطنين بالإضافة إلى تكلفة المشروع والشركات والصناديق التي ساهمت في تشييده والشركات المنفذة.
كما تم خلال الفيلم الوثائقي عرض الدراسات الجيولوجية التي سبقت بناء السد والتي قام بها عدد من الخبراء وكذلك العقبات التي واجهت تشييده في كل المراحل والتي من أبرزها تغيير مجرى النهر.
وابدي عدد من اعضاء الوفد خلال زيارتهم لسد مروي ولقاءاتهم بالمسئولين عن السد وزيارة البحيرة ارتياحهم للاتجاه الذي اتخذه السودان في التنمية المستدامة مما يفتح الطريق امام ربط الشعب السوداني والاثيوبي اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا واستحسن اعضاء الوفد ما يجري في السودان من نهضة تنموية وعمرانية.
وأبدى أعضاء الوفد ارتياحا كبيرا للزيارة مؤكدين أنها تهدف إلى تعزيز أواصر العلاقات الشعبية بين البلدين وأشادوا بالسد والتقنية العالية التي يعمل بها.
وقد زار وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبي برئاسة رئيس البرلمان الإثيوبي ابادولا غمدا خلال هذه الزيارة المواقع الأثرية بالولاية الشمالية في منطقة جبل البركل الأثرية يرافقه وزير الدولة بالموارد المائية دكتورة تابيتا بطرس والأستاذ عبد المنعم السني الأمين العام لمجلس الصداقة الشعبية العالمية حيث استمع الوفد إلي شرح مفصل حول تاريخ أهرامات جبل البركل وزار الوفد متحف جبل البركل الذي حوى قطعاً أثرية قيمة ورسومات تعكس تاريخ وحضارة المنطقة
ووصف أعضاء الوفد حضارة جبل البركل التي تم إدراجها في قائمة هيئة التراث العالمي بأنها زاخرة وضاربة في التاريخ ، وأشاروا الي التشابه الكبير بين الحضارات السودانية وحضارة مملكة اكسوم الحبشية .
رئيس الوفد ابادولا غمدا رئيس البرلمان الإثيوبي اكد ان الهدف الرئيسي لزيارة وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبي للسودان هو تأكيد رغبة شعب بلاده لتوطيد وتعزيز العلاقات مع السودان . وقال “نحن لم نجئ لبناء علاقات جديدة مع السودان بل جئنا لتعزيز هذه العلاقات التاريخية القوية” ، مثمنا الجهود الكبيرة التي قام بها السودان والتي تم بفضلها التوقيع على الاتفاق الإطاري حول سد النهضة الإثيوبي مؤكدا أهمية تواصل التعاون بين السودان وإثيوبيا.
وأشار رئيس البرلمان الإثيوبي إلى الروابط الثقافية والدينية المشتركة الضاربة الجذور التي تربط بين السودان وإثيوبيا مؤكدا أهمية تعزيزها ودفعها للأمام لمصلحة الأجيال القادمة.منوها الي ان مشروع سد النهضة يعتبر عاملاً مهماً لتعزيز هذه العلاقات انطلاقا من تعهد قيادتي البلدين بالتكامل الاقتصادي بين الخرطوم وأديس أبابا.
وعن رؤية الجانب الشعبي الاثيوبي في الخرطوم يقول رئيس الجالية الاثيوبية بالخرطوم هابتاما مانومو إن العلاقات بين السودان وأثيوبيا ليست علاقات جديدة وإنما علاقات تاريخية تتطور يوما بعد يوم مؤكدا ان هذه العلاقات ظلت تشهد تطوراً مستمراً في المجال الثقافي مشيرا إلى تبادل الزيارات بين الوفود الثقافية بين البلدين واهتمام الشعب الإثيوبي بالفن السوداني.
وأضاف هابتاما أن زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية الأثيوبي للسودان والذي وجد حفاوة الاستقبال من شعب وحكومة السودان يجئ تأكيدا لتطور هذه العلاقات مشيرا إلى جهود جمعيات الصداقة بين البلدين في تعزيز وتطوير الروابط بين الشعبين الشقيقين والتي تؤدي بدورها إلى تطور العلاقات في مختلف المجالات.
وأكد أن الجالية الاثيوبية في الخرطوم تجد كل الدعم والتقدير من السودانيين مشيرا الى أن السودان وإثيوبيا مكملان لبعضهما البعض.
اما الصحفية الإثيوبية بإذاعة شقر أف.أم الإثيوبية الأستاذة معزة بيمي فقد أشارت الي اشتراك السودان واثيوبيا في التاريخ والجغرافيا وتشابه السحنات بين مواطني البلدين وقالت ان السودان يمتلك إرث تاريخي عريق وقديم ، مبينة ان السودان وإثيوبيا أسسا معاً أقوى الممالك مما كان له الأثر الإيجابي على الأجيال.وأشادت بالتنوع الثقافي والتطور الإعلامي الكبير بالسودان ،معربة عن سعادتها لزيارة السودان للمرة الأولى.
وقالت إنها لم تجد اختلافا عما سمعته وقرأته عن السودان ، مضيفة أن السودان ظل دوما الملاذ الآمن للإثيوبيين مشيرة للعلاقات التاريخية بين السودان وإثيوبيا والتي تشهد تطورا ملحوظا ،.
وأضافت أن السودان به العديد من المؤسسات الإعلامية المتطورة التي يجب الاستفادة من خبراتها. وقالت ” اتمنى ان يكون هناك جسم للإعلام الأفريقي لمزيد من التعاون بين المؤسسات الأفريقية الإعلامية ” ، معربة عن أملها في مواصلة التعاون الثقافي والإعلامي بين السودان وإثيوبيا.
من جهتها رحبت الدكتورة تابيتا بطرس وزير الدولة بوزارة الموارد المائية والكهرباء التي رافقت الوفد الزائر خلال هذه الجولة ، رحبت بزيارة الوفد الاثيوبى لسد مروي وقالت انها تصب في تعزيز العلاقات الشعبية بين البلدين مؤكدة ان شعبي البلدين يتطلعان إلى مستقبل زاهر في علاقاتهما.
اما الجانب الشعبي السوداني علي مستوي المجتمع المدني بمختلف مكوناته من احزاب سياسية ومنظمات وروابط ومواطنين فإنه يعول كثيرا علي خلق علاقة شعبية بين السودان واثيوبيا اساسها الروابط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتوفرة لدى شعبي البلدين.
وفي هذا الخصوص يرى نائب الأمين العام لمجلس الصداقة الشعبية العالمية الأستاذ عبد الباسط عبد الماجد ان استقبال الخرطوم لاكبر وفد رسمي شعبي إفريقي إثيوبي تأتي في ظل علاقات دبلوماسية شعبية متطورة بهدف التعرف علي مناحي الحياة المختلفة للشعبين بما يدعم العلاقات ويحقق ما تم من اتفاق في إطار القمة السودانية الإثيوبية المصرية بالخرطوم التي شهدت توقيع اتفاق المبادئ لسد النهضة الإثيوبي .وقال ” ان علاقة الشعبين السوداني الإثيوبي شهدت تعاونا كبيرا في الآونة الأخيرة اقتصاديا وسياسيا من خلال الاتحاد الإفريقي لذا كان لابد من علاقات شعبية تحقق التلاقي المنشود الذي يعزز من التعاون والتنسيق في القضايا الإستراتيجية للبلدين” .
وفي ذات السياق تعول الدكتورة آمنة ضرار رئيس حزب الشرق الديمقراطي علي قدرة الشعوب الإفريقية عبر حضاراتها المتشابهة علي العمل السياسي والشعبي الذي يحفظ حقوقها ومصالحها وقالت ان السودان وإثيوبيا تجمعهما عوامل مشتركة تاريخية وثقافية وجغرافية تفتح المجال وتعزز كافة فرص التواصل والتعاون السياسي والشعبي بين البلدين .
اما المحامي والناشط السياسي محمدعبد الله ادم ( ود ابوك ) فاعتبر زيارة الوفد الشعبي الإثيوبي للسودان بأنها تشكل مفتاح لنقل علاقات البلدين إلى إطارها الثقافي والاجتماعي بما يضع أساسا متينا للعلاقات السياسية ذات الأبعاد الحقيقية التي لا تضعف أمام الخلافات .
ووصف زيارة الوفد الشعبي الإثيوبي عال المستوي بالمهمة وتتطلب الرد من جانب الشعب السوداني . ورأي ان أية علاقة لم تقم علي المصالح العليا للشعوب وتستند ابتداءا علي مصلحة الشعب السوداني والإثيوبي في تواصل من غير انقطاع غير مجدية. وقال ” السياسة في المنطقة تقود كل الأشياء بينما المطلوب هو ان تقود الشعوب الأنظمة والحكومات” . وأكد ” ان الأساس المتين للعلاقات بين الشعوب يجعل الأطراف الخارجية تعمل ألف حساب لها مما يصعب مسألة الوقيعة بينها” .
وقد عسكت الزيارة التي قام بها اكبر وفد شعبي افريقي الي سد مروي ضمن زيارته للسودان مدى حاجة الشعبين الي تعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لخلق نموذج لعلاقة بين شعوب المنطقة للاستفادة من العوامل والتاريخ المشترك في الاستقرار وتنمية ورفاهية الشعوب الامر الذي يشكل تحديا جديدا لرغبة الشعوب في الحياة والاستقرار وتبادل المنافع .

مروي 10-5-2015-سونا