تحقيقات وتقارير

العدل والمساواة وحصاد سبع سنين عجاف..من الذراع الطويل إلى قوز دنقو


في يوم 11 مايو 2008 عاد الرئيس عمر حسن أحمد البشير من المملكة العربية السعودية (حيث كان في مكة المكرمة لمدة أسبوع في رحلة العمرة)، عاد البشير وأعلن على التلفزيون القومي أن متمردي حركة العدل والمساواة قد هزموا وأن السودان قد قطع العلاقات الدبلوماسية مع تشاد بسبب الدعم الذي تلقاه متمردو حركة العدل والمساواة من حكومة تشاد.. وبالطبع كان إعلان الرئيس البشير وقتها بعد يوم واحد من العملية العسكرية المسماة (بالذراع الطويل) والتي نفذتها حركة العدل والمساواة بقيادة الراحل خليل إبراهيم في محاولة لدخول العاصمة الخرطوم عبر بوابة المدينة التاريخية أم درمان، ولكن إستطاعت القوات الحكومية أن تنجح في محاصرة العدل والمساواة في مشارف أم درمان وتمكنت من تدمير متحركاتها وهزيمتها.. ومن بعد معركة أم درمان تقطعت السبل بحركة العدل والمساواة ولم يعد بمقدور قادتها الميدانيين معانقة الأحلام والطموحات العالية بدخول الخرطوم أو أيَّة مدينة سودانية كبرى، خصوصاً بعد مقتل قائدهم الدكتور خليل في خواتيم العام 2011م.. إلا أن (الحُلم الأخير) الذي راود حركة العدل والمساواة لدخول نيالا بجنوب دارفور قدوماً من دولة جنوب السودان، إصطدم أيضاً بيقظة القوات الحكومية التي أنزلت بالعدل والمساواة أكبر هزيمة عسكرية خلال السبع سنوات الماضية، تلك الهزيمة التي دفعت القيادات العسكرية في الخرطوم لتحرير شهادة (وفاة) لحركة العدل والمساواة في كل التصريحات الرسمية التي أعقبت معركة قوز دنقو الأخيرة.

الهجوم على أم درمان
كان محمد بحر نائب رئيس حركة العدل والمساواة وأمينها في إقليم كردفان، بعد أن نجا من حكم الإعدام وأطلق سراحه وفق إتفاق الحكومة وحركة العدل والمساواة بالدوحة، كان قد صرح لصحيفة (الرأي العام) في مارس 2010 مُدلياً ببعض الإفادات والحقائق عن عملية (الذراع الطويل) التي قامت بها حركة العدل والمساواة في مايو 2008 عندما هاجمت أم درمان، وقال بحر: (قوات الحكومة كانت ترصد تحركاتنا، ويوم الأربعاء قبل وصولنا أم درمان بثلاثة أيام أصدر الناطق الرسمي للقوات المسلحة بياناً يؤكد متابعتهم لنا ورصدهم، وهم فعلاً كانوا (يحومون) حولنا بالطيران ونحن كنا نرصد تجسسهم هذا، بل أننا ونحن في طريقنا للخرطوم تعرضنا لقصف بالطائرات في منطقة جبل عيسى بولاية شمال دارفور على بُعد (1300) كيلومتر من الخرطوم وتم حرق ثلاث عربات من بينهم عربتي الخاصة، ولقد نجوت بفارق دقيقة واحدة فقط من إنفجار العربة التي أُصيبت بصاروخ بعد أن نبّهني سائق العربة التي أمامي بأن طائرة حكومية تحلِّق فوقنا مُباشرةً.. فخرجنا منها بسرعة مستخدمين الساتر.. وعملية الذراع الطويل كانت تنفيذاً لإحدى مقررات المؤتمر العام الرابع وهو أعلى سلطة في الحركة إنعقدت في نهاية العام 2007م. لكن لم يكن في مقدور الحكومة التشادية عندما نفذنا عملية الذراع الطويل لعب أي دور نسبة للظروف والوقت، فأنجمينا كانت قد تعرّضت لهجوم قبل أقل من ثلاثة أشهر، وكانوا مهتمين بترتيباتهم الداخلية، بل نحن الذين قدمنا المساعدة للحكومة التشادية حمايةً لأهلنا اللاجئين، وحتى لا نضرب من الخلف ونكون وسط نظامين متحالفين.. نحن دخلنا المدينة في الساعة الثانية ظهراً، وبقيادة د. خليل نفسه، وإنسحبنا عند التاسعة في ذات اليوم بعد أن قررت القيادة العسكرية ذلك وفق الخطة الموضوعة أصلاً، فمنهجية الحركة واضحة، نحن لا نحتفظ بأرض، وذلك يحتاج لترتيبات كثيرة، ورغم أن إنسحاب الحركة كان منظماً، إلا أن هناك بعض الأخطاء المصاحبة لعبت فيها جغرافية المكان التي كانت مجهولة للكثيرين دوراً، فذهب الجرحى لبعض الأسر ووقع عدد منهم في الأسر، وتوزع آخرون في المدينة، بينما القوة الحقيقية للحركة إنسحبت.

مقتل القائد والمؤسس
لم تكن الهزيمة القاسية التي تعرضت لها حركة العدل والمساواة في أم درمان في مايو 2008 هي آخر الضربات الموجعة التي إعترضت مسيرتها خلال السنوات الماضية، ولكن عندما تم طرد قوات الحركة من تشاد في مايو 2010 بعدما تحسنت العلاقات السودانية التشادية، إضطر د. خليل للإقامة في ليبيا، إلا أن عدوى ثورات الربيع العربي تسربت إلى ليبيا وبدأت في تهديد نظام القذافي، ولذلك شعر د. خليل بالخطر القادم على نظام القذافي الذي كان يمثل ملاذاً آمناً لحركة العدل والمساواة، ولذا قرر خليل مغادرة ليبيا على أن يقوم بتصعيد عملياته العسكرية ضد الحكومة منطلقاً من شمال كردفان المجاورة لإقليم دارفور، لكن في صبيحة 25 ديسمبر 2011 أعلنت القوات المسلحة السودانية مقتل خليل إبراهيم في منطقة (ود بندة) في شمال كردفان لتطوى بذلك صفحة الطبيب الذي خبر ساحات الحرب مقاتلاً في صفوف الحكومة السودانية ومتمرداً عليها كذلك، ليبقى بعد ذلك السؤال عن مدى تأثير غيابه على مستقبل حركة العدل والمساواة وقدرتها على الإستمرار في ظل ظروف داخلية وإقليمية معقدة.
خروج القائد دبجو
بالطبع كان إنضمام القائد بخيت عبدالله دبجو إلى حركة العدل والمساواة بعد أن غادر صفوف حركة مناوي نتيجة لفشل إتفاقية أبوجا، كان إنضمام دبجو بمثابة علامة فارقة في تاريخ العدل والمساواة بإعتبار أن دبجو يعتبر قائداً ميدانياً من الطراز الأول، وكان معه أركو سليمان ضحية وعدد آخر من القيادات، وإنضموا إلى حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم، وهو ما عُرف بين الحركات المتمردة، وقتها، بالوحدة الإندماجية، التي حاول خليل إبراهيم تسويقها بين الحركات لتقوية مواقفه التفاوضية والميدانية.
ويرى مراقبون أن إنضمام القائد دبجو إلى العدل والمساواة كان بمثابة (رئة) لإستنشاق الأوكسجين بعدما أُنهكت حركة العدل والمساواة وكادت أن تختنق جراء هزيمتها في أم درمان في 2008م.
ونجح (دبجو) في كسب رصيد شعبي كبير داخل صفوف حركة خليل، لذا بعد الإندماج فيها طالب الجنود بتوليه منصب القائد العام، وتم تعيينه بالفعل في هذا المنصب في أكتوبر 2011م، وبعدها قتل خليل إبراهيم في ديسمبر 2011، وعُقد مؤتمر للحركة، وتم إختيار رئيس مؤقت للحركة، هو الطاهر الفكي، ثم رئيس جديد للحركة، وهو جبريل إبراهيم.. وعندما تم إختيار جبريل رئيساً للحركة لم يكن دبجو حاضراً رغم أنه القائد العام، ومنذ تلك اللحظة إستفحلت الخلافات إلى أن قرر دبجو مغادرة الحركة، وكان إنشقاق (دبجو) عن فصيل جبريل قاصمة ظهر للفصيل الذي طالما رفض كافة عروض السلام، وإختار قادته السير في طريق الحرب إلى ما لا نهاية،. وتحدث مراقبون عن أن دولة تشاد لعبت دوراً كبيراً في جلب فصيل العدل والمساواة (جناح محمد بشر)، والذي أصبح بعد مقتله دبجو رئيساً للحركة، إلى طاولة التفاوض والحلول السلمية لقضية دارفور، وهو ما توج بالتوقيع على إتفاقية سلام في إطار (وثيقة الدوحة للسلام).

قاصمة الظهر الأخيرة
بعد كل المتغيرات التي لازمت مسيرة حركة العدل والمساواة، إتجهت الحركة أخيراً إلى دولة جنوب السودان بحكم علاقة العدل والمساواة مع قوات الجيش الشعبي شمال تحت مظلة الجبهة الثورية وبعدما فقدت الحركة أراضيها في تشاد وليبيا.. وبعد فشل العملية التفاوضية بين الحكومة والحركات الدارفورية في أديس أبابا مؤخراً، فضلاً عن إمتناع الحزب الحاكم من حضور المؤتمر التحضيري في أديس وإصراره على قيام الإنتخابات في موعدها، تحركت قوات العدل والمساواة من جنوب السودان متجهة إلى جنوب دارفور، إلا أنها إصطدمت بالقوات الحكومية عند منطقة قوز دنقو وتم القضاء كلياً على متحرك العدل والمساواة كأكبر هزيمة في تاريخ الحركة.
قال المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول محمد عطا المولى، إن المعركة الأخيرة في منطقة (قوز دنقو) بولاية جنوب دارفور أنهت حركة العدل والمساواة المتمردة وشلت حركتها وأفشلت ما كانت تخطط له.. وقال عطا، خلال مخاطبته إحتفالية أقامها الجهاز بالخرطوم بمناسبة النصر الذي تحقق، إن الحركة المتمردة كانت تخطط لتدمير مناطق النفط لإعتقادها أن تغيير النظام لابد أن يقوم على تحطيم إقتصاد البلاد.. وكانت قوات الدعم السريع بالتعاون مع الجيش قد حققت نصراً كاسحاً على قوات كبيرة ومجهزة تابعة لحركة العدل والمساواة قادمة من دولة جنوب السودان.. ووقع الإشتباك في منطقة (النخارة) جنوب محلية (تلس) في ولاية جنوب دارفور.
وفي السياق نفسه، كشف وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين أن قوات العدل والمساواة المتسللة من دولة جنوب السودان، تم تدريبها خلال عام ونصف العام تدريباً مكثفاً من قبل خبراء وشركات أجنبية، تحت رعاية دولة جنوب السودان ودول أخرى كثيرة معادية، بهدف إحداث خلل أمني كبير وإفساد العملية الإنتخابية.. وبعث الوزير بالتهاني للشعب السوداني، بالإنتصار الذي وصفه بـ(الساحق) الذي قضى على حركة العدل والمساواة، وقال إن أبطال القوات المسلحة بالمرصاد لكل معتدٍ، وأنها أغلقت المنافذ كافة مع دولة الجنوب وتتابع حركة فلولهم .

عبد الناصر الحاج- السياسي


‫5 تعليقات

  1. كلامك مجموع اخبار لازمة الفائدة لانها عبارة عن لملمة لاخبار قديمة مرت علي كل القراء لكن مايؤسفني حقا هو التحول الكبير الذي ساد الناس بان اصبحوا تجار حرب مافرقت موالي لي اي طرف لكن لماذا لا ننشئ موقعا الكترونيا يبدا بحساب فاتورة الحرب من الارواح والاموال والاثر الكلي علي الانسان والوطن المكلوم الذي يشكي لابواب السماء
    هدم الكعبة وزوال السماوات والارض اهون عند الله من قتل النفس المسلمة
    لماذا لاتكون الدعوة يلعن ابو الحرب
    لماذا لانملا جراحنا قرض ونتفاوض تفاوض حقيقي حكومة ومعارضة مسلحة ولا انتهي امر بلدنا وركبت الصف في اتجاه الصومال
    اللهم لانسالك رد القضاء اللهم نسالك اللطف فيه

  2. اذن فلنبدأ بلعن الحرب التى اثخنت جراخها كل الوطن اكلت افتصاده وقبله شبابه وما زالت لا تلوى على شيء فكل يوم تجد الحرب في اسعار السوق حيث يذهب دخل الدوله كله او جله في شراء عتاد واسلحة الحرب المدمرة لذا فلندعو الجهات حاملة السلاح لنبذ العنف والدخول في الحوار وتقديم التنازلات من كل الاطراف حكومة وجماعات مسلحة ومعارضة لخدمة السلام ورفع راياته .

  3. الحكومة سعت للسلام ولكن الحرب مفروضة عليها من جهات معادية إستخدمت المتمرديين لتنفيذ أجندتها العلمانية الصهيونية لتدمير الشعب السودان ولكن الله نصر الحق وأهلك المجرميين وخابت امالهم الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد والعزة لأهل السودان الشرفاء والموت والدمار لأعداء السودان في الداخل والخارج.

  4. ولكن الله نصر الحق وأهلك المجرميين وخابت امالهم الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد والعزة لأهل السودان الشرفاء والموت والدمار لأعداء السودان في الداخل والخارج.