تحقيقات وتقارير

سواكن السودانية مدينة القطط والغربان والاساطير


تقع مدينة سواكن السودانية على الساحل الغربي للبحر الأحمر على خط عرض 19.5 درجة شمال خط الاستواء وخط طول 37.5 درجة شرق , وهي كانت في الأصل جزيرة سواكن ثم توسعت إلى ” القيف” وما جاوره فغدت مدينة سواكن التي تضم الجزيرة و”القيف” و “كاس الدور” و”الملكية” و”المشيل” و”اندارا “و”الليلي” وغيره
لا يعرف تاريخ محدد تأسست فيه سواكن , ولكن الكثير من الشواهد تدل على أن الجزيرة كانت مأهولة منذ تاريخ موغل في القدم , ولكن سواكن اشتهرت بعد ظهور الإسلام وازدادت شهرة بعد أن استطاعت أن تحل محل ” عيذاب ” كميناء أفريقيا الأول للحج , وكانت مستقلة عن السودان ولها نظامها الإداري الخاص وعلى رأسه أمير من “البلو” , ثم من ” الأرتيقة” الذين لا يزالون يتوارثون عموديتها . وفي عصر السلطنة الزرقاء زارها الشيخ عجيب المانجلك وهو في طريقه إلى الحج وصاهر زعمائها كما بنى فيها حفيرا يسمى “الفولة” لا يزال قائما.
بعد احتلال الإنجليز لمصر استولوا عليها كغيرها من الممتلكات المصرية , ولكن العلم الانجليزي لم يكن يرفع فيها بل يرفع العلم المصري فقط . و عند اندلاع الثورة المهدية أقام الإنجليز سورا حول” القيف ” لسد هجمات عثمان دقنة , وكانت للسور خمسة بوابات اشتهرت منها بوابة كتشنر ( باب شرق السودان ) , التي حاولوا حديثا ترميمها فنتج عن ذلك بوابة مختلفة اللون أسمنتية الملامح واختفى اللون الحليبي الناصع الذي تميزت به البوابة القديمة. وبعد القضاء على المهدية أحكم الإنجليز قبضتهم على كل السودان بما فيه سواكن, وبدءوا مخططهم الذي احتلوا من أجله كل الأقطار الأفريقية , وهو طمس الهوية العربية والإسلامية حيثما وجدت , وقد نجحوا في طمس هوية سواكن نجاحا لا يفوقه سوى نجاحهم في تنزانيا , بدأ المخطط بإنشاء ميناء بورتسودان ولم ينشئوا في سواكن حتى رصيفا للحجاج كما هو الحال الآن , وشجعوا سكانها على هجرها بمنحهم الامتيازات في بورتسودان , وحادوا بالسكة حديد الذي أنشئوه عنها حتى يزيدوا من عزلتها , وغضوا الطرف عن سرقة حجارة مبانيها المهجورة وآثارها , وتجاهلوا حاجات مواطنيها حتى غدت – وبسرعة قياسية- مدينة أشباح
هنالك العديد من الاجتهادات والتعريفات المرادفة لمعنى كلمة سواكن التى سميت بها المنطقة و ولكن اكثرها شيوعا بحسب معتقدات شعبية رائجة , هى التى تعنى كلمة “سواجن” ويقصد بها ان النبى والملك سليمان كان يسجن الجن فى هذه المنطقة فى احدى القصور الكبيرة, ومع مرور الزمن تحولت سواجن الى “سواكن” ويقال ان الجن مازال موجودا حتى الان ولكنه جن مسالم وتشير إحدى الروايات إلى أن أحد ملوك الحبشة أهدى سبعين جارية إلى سيدنا سليمان عليه السلام , فأبحرت بهن السفينة الشراعية من مصوع , وكانت أول المرافئ التي حطت بها طلباً للراحة والاستجمام , موقع ميناء سواكن الحالي . ثم أقلعت بهن السفينة ميممة إلى ميناء العقبة , ومن هنالك تواصلت الرحلة براً إلى بيت المقدس , وعند الوصول ألجمت الدهشة ألسن الجميع , إذ ظهرت آثار الحمل عليهن وعند سؤالهن أقررن بأنهن قد وطأهن الجن في سواكن . فأمر سيدنا سليمان بردهن إلى الموقع الذي حدثت فيه هذه الفعلة الشنعاء ؛ لتكون إقامتهن فيها أبدية كما أمر أن يكون ذلك الموقع سجناً لمردة الجن , فأصبح هذا الحدث تتناقله الألسن , وعندما يسأل السائل عن مرتكب هذه الجريمة المنكرة يأتيه الرد بقول : ( سواها الجن ) , أي: فعلها الجن . وبكثرة التكرار والترداد تحرفت العبارة وأصبحت ( سواجن ) حتى انتهت بها عملية التحريف والتزحيف إلى سواكن . ويذكر بعض المؤرخين أن قصة الجواري والجن لم تكن مع سيدنا سليمان عليه السلام , وإنما كانت مع خسرو ملك الفرس .
ينحدر معظم السكان من قبيلة الهدندوة بجانب بقية قبائل الشرق المعروفة واثنيات سودانية اخرى. لكن الباحث التأريخى والمهتم بشئون سواكن محمد نور هداب يقول ان سواكن هى خليط لكلمة هندية وبجاوية وتعنى “المدينة البيضاء”لأنها كانت مبنية من الشعب المرجانية البيضاء والجير الابيض. ويقول انها مدينة موغلة فى القدم وكانت مرفأ السودان الوحيد على ساحل البحر الاحمر , وكان القادمون اليها من طوكر وبورتسودان وسنكات يرونها شاهقة بيضاء بوجود بيوت مكونة من طابقين , وتشتهر بتجارة الجمال والسمسم والصمغ العربى. وحينما حاول المستعمر الانجليزى بقيادة كتشنر الدخول الى السودان عبرها فشل , لذا قرر اقامة ميناء جديد للدخول وتم اختيار ميناء بورتسودان الحالى!).
من المعالم الاثرية التى تمتاز بها مدينة سواكن هو مايسمى “بقصر الشناوى” وهو قصر ضخم ومبنى ايضا من الشعب المرجانية وطين ورمل البحر ومكون من اكثر من 360 غرفة. ويقول الاهالى ان عدد الغرف بالقصر هو 365 غرفة تماما وهو عدد ايام السنة الميلادية وهنالك اعتقاد شائع ان الشناوى وهو ملك من بلاد المغرب كان يحكم فى تلك الاثناء متزوج من 365 امرأة , ويضع كل امرأة فى احدى الغرف , وينام مع كل واحدة كل يوم حتى تنتهى ايام السنة , بمعنى اخر ان المرأة التى ينام معها لايعود اليها الا فى العام المقبل! ويعتبر هذا الحديث نوع من الخرافة والاساطير, لأنه لايستند على اساس علمى او تأريخى. ويعتقد ان هذه الغرف هى مجرد مخازن لتخزين السمسم والصمغ العربى وغيرها من المواد التى يراد ترحيلها ( فى ستينيات القرن الماضى )).
وتعتبر مدينة سواكن اشتهرت منذ القدم، وهي أول مدينة سودانية عمرت بالمباني العالية الثابتة، وسميت قديماً بمدينة التجارة والمال.
وقدمت الباحثة البريطانية، كاثرين ايفوميلي، خلال ورشة قدمت مؤخرا عروضاً مصورة لتاريخ سواكن القديم، والنظام المعماري الذي قامت عليه المدينة والحياة الاجتماعية، وذلك بهدف إدخال مدينة سواكن في منظومة المناطق الأثرية العالمية.وأوضح معتمد محلية سواكن، الطاهر إبراهيم، أن جهود الباحثة البريطانية تصب في مصلحة سواكن لتكون ضمن المناطق الأثرية في العالم، أسوة بمناطق البجراوية والبركل اللتين دخلتا المنظومة مؤخرا
عن (كدآيس) بورتسودان وما يُثار عنها يقول بروفيسور محمد عبد الله الريح تشتهر مدينة سواكن بكثرة القطط فيها وتسمى بالعامية السودانية (كديسة ) ويقول بروف محمد عبدالله الريح : بالنسبة لـ (كدآيس بورتسودان) هي (كدآيس سواكن لأن سواكن إرتبطت بالجن والقصص التى تروى عن أن سيدنا سليمان كان يحبس الجن هناك و(كدآيس) سوآكن على غير (الكدآيس) الموجودة في كل أنحاء السودان ، حجمُها كبير وتعيشُ في (الخرآبات) والأنقاض، وجزء منها جاءت مع المرآكب والسفن ، ونجدها دائمًا تعيشُ بالقرب من البحر ، وفي حركة المد والجزر تأتي الحيوانات البحرية من أبو جلمبو وخيار البحر والمحار وهي تأكل هذه الحيوانات البحريَّة ، لذلك جسمها مليء بالفسفور والمُغذِّيات البحرية ، وأقدر على المعيشة في هذه المناطق من القطط الأخرى، والأحجام الكبيرة خاصةً في منطقة سواكن التي ليست بها الناس ، والحقيقة هذا الحجم الكبير له إرتباط بالخيال أكثر من الواقع ، فالناس بقدر الإمكان يحاولون ألا يدخلوا مع هذه القطط في مشكلة

الخرطوم 12-5-2015 (سونا) كتب- سعيد الطيب