عبد الباقي الظافر

المرور من غير سلام..!!


قبيل أيام حدثني صديقي أن صبيا يرتدي ملابس العقيد أوقف سيارتهم ..(الشافع ) تحدث مع السائق بلغة خشنة لا تحمل مضامين الإرشاد في مثل هذه المناسبات ويبدو أنه بحسه الفطري استوعب الدور المطلوب عبر المشاهدة..قبل ذلك كنت استغرب الاهتمام الزائد بأسبوع المرور العربي والذي من مظاهره نزول الأطفال بزي الشرطة إلى الميدان بجانب رجال المرور..قل اندهاشي حينما علمت أن مجلس وزراء الداخلية العرب مهتم بهذه التظاهرة ويدعمها معنويا وماديا.
بالتزامن مع اسبوع المرور العربي قررت ولاية الخرطوم تخفيض رسوم الترخيص بنسبة ٥٠٪..الإعلان من واقع تجربتي الشخصية كان مضللا..الحقيقة أن الجهات الأخرى، وما اكثرها، لم تمض مع ولاية الخرطوم في التخفيف على المواطنين..لاحظت ان المواطن يضطر لأن يقف في صف توريد المال في أربع نوافذ..واحدة لولاية الخرطوم ثم أخرى للمرور وثالثة للدفاع المدني والأخيرة عبارة عن ضرائب تدفع للحكومة الاتحادية ..كان من الافضل أن تدفع الرسوم في نافذة واحدة أو يكون هنالك خيار الدفع الإلكتروني ..أو في أقل تقدير إمكانية دفع الرسوم عبر البنوك ..ولكن يبدو ان الحكومة لا تثق في الحكومة وتلك قصة أخرى.
لاحظت من زيارتي لقسم الترخيص بالخرطوم بحري شدة الزحام وامتداد العمل لوقت يقارب منتصف الليل..سألت احد الضباط وافادني ان الزحام سببه فقط التخفيض في الرسوم المعلن عبر الوسائط الإعلامية..هنا مبرك الجمل كما يقولون.
في ديسمبر من العام الماضي أعلن اللواء خالد بن الوليد مدير المرور بولاية الخرطوم أن ٦٠٪ من السيارات المتحركة بالخرطوم ليست مرخصة ..وحسب اللواء ابن الوليد فإن الضحايا في ثلاثة أشهر بلغ بضعا وثمانين شخصا بمعنى موت مواطن مع كل مطلع شمس ..أول امس كان العميد الصادق علي إبراهيم يورد أرقاما جديدة وصادمة وذلك من منبر جمعية حماية المستهلك ..عدد العربات غير المرخصة ارتفع لنحو ٧٠٪..أرجوكم أربطوا الأحزمة فقد بلغ عدد الموتى بسبب حوادث السيارات في العام المنصرم نحو ٧٧٠ مواطنا..ذلك يعنى أن الزيادة في عدد الضحايا ارتفع بنسبة تجاوزت المائة بالمائة.
في تقديري أن علينا ان نطرح لولاة أمورنا سؤالا في غاية البداهة..لماذا ترخيص العربات أصلا..الإجابة السريعة والمباشرة من أجل السلامة المرورية ..ولكن الإمعان في الأمر والاقتراب من الصورة يقودنا لإجابة محرجة جداً..الحكومة تفعل ذلك لأغراض الجباية وجلب المال..رئيس شعبة البصات السفرية أكد أن البص يقف أحد عشر مرة في طريقه لمدينة كوستي بمعدل وقفة كل ثلاثين كيلو متر..أما ذات البص المتجه لبورتسودان فيقف أربعة وثلاثين مرة ..تذكروا أنني أتحدث عن البص وليس القطر..كل تلك الوقفات ليست من اجل السلام والتحية بل معظمها يستلزم (خج ) الجيوب.
بصراحة ..الآن أثبتت التجربة أن التخفيض المحدود يؤدي لزيادة الإقبال على الترخيص ..إن كانت الحكومة تهتم بقلوبنا أكثر من جيوبنا فلتمدد الاسبوع العربي بتخفيضاته الى شهر ..أبشر الجهات المستفيدة أن العائد الكلي من الإيرادات سيزيد والأهم من ذلك سنحقن الدم السوداني الذي لا يحتاج إلى جبهة استنزاف جديدة.