منى ابوزيد

في أنسنة المعارك ..!


“كذب من قال إن الشر يطفئ الشر، فإن كان صادقاً فليوقد ناراً إلى جنب نار، فلينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى؟! .. لقمان الحكيم”
سئل الشيخ الدكتور سلمان العودة عن كيفية الرد على الفيلم المسيء والرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم فقال – العبارة الذهبية التالية – (يجب ألا نستعير وسيلة جاهلية للتعبير عن غضب إسلامي) ..!
في ذات الشأن كتب الشيخ الدكتور يوسف الكودة مقالاً بديعاً نشرته صحيفة السوداني، أشار فيه إلى (ما يجب أن يكون من ردود فعل عاقلة ورشيدة وغضب معتدل على أسس حضارية تجاه هذه الأحداث حتى لا نجد أنفسنا وفي نهاية المطاف نغضب لمصلحة آخرين يوظفون هذا ا لغضب لصالحهِم) ..!
انتهى كلام الشيخين “الدكتورين”، وما تزال تثقل النفوس وتعصف بالأذهان تداعيات الاعتداء على مقر الصحيفة الفرنسية بفعل فاعلين أرادوا أن يكحلوا عين دينهم – بنصرة رسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسلين – فأعموا الغير عن سماحة مبادئه وتمرحل تحقيق العدالة في شريعته ..!
الناس – كما يقول أنيس منصور – “لا تخطط للفشل بل تفشل في أن تخطط!” .. وكل مافعله ذلك الهجوم على مقر تلك الصحيفة، أنه عزز من قناعة معظم جمهورها بما كانت تلك الرسوم المسيئة تجاهد لنشره عن الإسلام والمسلمين .. فالغاية مهما سمت وعلا شأنها لا تبرر الوسيلة في دين الإسلام، الذي جعل العين بالعين والسن بالسن ..!
فأين إعلام وصحف المسلمين من الرد الموضوعي بذات الكيفية والوسيلة؟! .. أين رؤوس الأموال الإسلامية – التي يتم تسخير بعضها لتمويل العمليات الإرهابية – من استثمار المؤسسات الإعلامية الضخمة لتبييض وجه الإسلام الذي لطخه الإرهاب الأرعن؟! .. هذه الأحداث المؤسفة – بمختلف تداعياتها – هي مهرجانات أخطاء يرتكبها المكفرون وفقاً لمفاهيم طال بقاؤها واستطالت شرورها وآن لها أن تصحح ..!
والآن السؤال العاجل الذي يفرض نفسه في هذا المقام هو: من المسئول شرعاً عن تحريض المتطرفين وبالتالي استعداء المجتمع الدولي على بقية المجتمع المسلم الذي سلم الآخرون من لسانه ويده ..؟!
من المسئول الأول وفقاً لأحكام الإسلام عن تداعيات مقاطعة الحكومات ومعاناة الشعوب جراء فرض العقوبات ؟! .. من المسئول الحقيقي عن تفشي ظاهرة التكفير والإرهاب في أي مجتمع .. وأين موقع بعض أئمة المساجد المتطرفين في مجتمعاتنا المسالمة من قوائم الاتهام بالتحرييض على الإرهاب ياترى ؟! .. نحن شرعاً – وحتماً – نملك حق السؤال ..!
التحريض في القانون الجنائي السوداني هو (إغراء الشخص لغيره بارتكاب جريمة أو أمره لشخص مكلف تحت سلطانه بارتكابها) .. و(من يحرض شخصاً على ارتكاب فعل معين، يكون مسئولاً عن ارتكاب أي فعل آخر يشكل جريمة يرتكبه ذلك الشخص إذا كان الفعل الآخر نتيجة راجحة للتحريض) ..!
في تقديري أن أول حروب الإسلام – في هذا العصر – هي حربه على التحريض المفضي إلى الإرهاب .. فهل من مذكر ..؟!
هناك فرق – في أنسنة المعارك

(أرشيف الكاتبة)