تحقيقات وتقارير

الصفقات الثنائية بين الحكومة والمعارضة.. بريق الكراسي يتجاوز المآسي


مع اقتراب موعد التشكيل الوزاري القادم يكثر الحديث عن عقد الوطني لصفقات ثنائية مع الأحزاب لإشراكها في الحكومة القادمة وهو ما نفاه أمين الأمانة العدلية بالمؤتمر الوطني الفاضل حاج سليمان في تصريح صحفي بعدم وجود صفقات ثنائية بين الوطني وأي حزب سياسي فيما يتعلق بتولي مواقع تنفيذية في التشكيل الوزاري الجديد والهيئة التشريعية القومية والمجلس التشريعية بالولايات.

عموماً تعيش الخرطوم مناخ سياسي غير مسبوق من الحيرة والترقب والحذر فلا شئ يبعث على الاطمئنان أو الثبات والاستقرار، ركود سياسي يسود الأحزاب المعارضة والمشاركة في الحكومة في مرحلة مفصلية من تاريخ السودان السياسي فرضتها نتائج الانتخابات الأخيرة والتي فاز بها المؤتمر الوطني بعد مقاطعة لأحزاب كبيرة للمشاركة فيها ومع اقتراب تشكيل الحكومة القادمة تتسارع الخطى بين الأحزاب لمعرفة موقعها في الحكومة المقبلة. خاصة في ظل فراغ عريض وخلو الساحة السياسية السودانية من مبادرات خلاقة وفعال وتكرر الحديث عن عدم جدوى الحوار الوطني الذي دعت إليه الحكومة لوضع حل جذري لمشاكل السودان حسب ما ورد في خطاب الوثبة الشهير وبالرغم ما يعتري الساحة السياسية من ضبابية في مواقف الأحزاب حول مشاركتها في الحكومة من عدمها، إلا أن ثمة ضوء دائما في آخر النفق إلا وهو قدرة الحزب الحاكم على استقطاب الأحزاب فرادا وعقد صفقات سياسية معها لمزيد من إطفاء الشرعية علي حكمها ويبرز ذلك في حرص الوطني على عودة الصادق المهدي والسعي لإشراكه في الحكومة عبر إرسال عدد من الوفود إليه لإقناعه بالمشاركة في الحوار وربما تفرز هذه الوفود في الأيام القادمة مشاركة الصادق في الحكومة عبر صفقة سياسية. ويري المراقبون أن السبب في ضبابية المواقف السياسية للأحزاب المعارضة حتي التي ترفع شعار إسقاط النظام، إلا أن اغلبها يحتفظ بخطوط خلفية مستعدة للتفاوض مع الحكومة، وهذا ما عده المراقبون ورقة ضغط تمتلكها تظهرها الحكومة عند جلوسها مع اى حزب معارض وتقود في النهاية عقد صفقة سياسية. خروج من مأزق الحديث عن الصفقات السياسية تتعدد في تعامل الحكومة مع القوي المعارضة فكل ما يقترب غرق سفينة نوح كما تقول المعارضة تخرج الحكومة بمبادرات قل أن توصف أنها صفقات سياسية فكان التراضي الوطني بين الأمة والوطني ونيفاشا بين الوطني والحركة الشعبية وغيرها الكثير .

من جرب المجرب ورغم تحذير المعارضة لأحزابها من الوقوع في فخ المشاركة الثنائية أن معظم هذه الأحزاب قد لدغ من جحر الحكومة وتقل المعارضة تردد في كل مناسباتها أن الحلول الثنائية لن تحل مشاكل السودان بل سوف تزيدها تعقيداً. مساوي الصفقات غالباً ما تكون الصفقة السياسية مبنية على أن يكون (الكل كسبان) وقد تؤتي هذه الصفقات بثمر كثير، ولكنه ضرره أكثر من نفعه ومن ذلك كان اتفاقية نيفاشا التي وقعت بين شريكي الحكم آنذاك الوطني والشعبية ورغم أنها أوقفت أطول حرب في أفريقيا، إلا أن نهايتها أدت الى انفصال الجنوب. صفقة الحوار ما أن أعلن عن الحوار الوطني في 27 يناير 2014م حتي تداعت القوى السياسية للمشاركة فيه خاصة بعد حديث الحكومة بأنه سوف يكون حوار حقيقي وكل مخرجاته سوف تجد نصيبها من التنفيذ وما أن سارت مركب الحوار، إلا وتعالت أصوات المعارضة بعدم الجدية فيه فخرج منه من خرج كحزب الأمة القومي وواصلت الأخرى رغما عن تصريحاتها التي تطل بين كل وقت وآخر بأن الحوار (دفن في احمد شرفي) .
بدأ الحوار بعد استئناف الحوار الذي وقفه لظروف الانتخابات بدأ هناك تململ واضح للأحزاب التي مازالت مشاركة فيه فقد رفض رئيس حركة الإصلاح الآن د. غازي صلاح الدين في مؤتمر صحفي رفض حزبه العودة لطاولة الحوار الذي وصفه بأنه (حوار غير حقيقي وفاقد للمصداقية) مضيفا انه لن يفضي الى نتائج تهم الشعب السوداني قائلا : (ما يسمي بالحوار لا علاقة له بالحوار الوطني بل هو اختلاس للاسم فقط) وأكد العتباني أن الحوار سيقضي الى صفقات ثنائية لم يحدد أطرافها. الوطني مع الأصل يرى المراقبون أن الحزب الديمقراطي الأصل من أكثر الأحزاب دخولا مع الحكومة في صفقات ثنائية لضمان وجوده في الساحة واسترداد ما يدعي انه نصيب لحزبه من السلطة والثروة وقد عصفت مشاركة الحزب في الانتخابات الأخيرة بالكثير من قيادات الحزب المعارضة للمشاركة فيها مما حدا بالحزب الى إعلان فصلهم في سبيل البقاء في السلطة.

خلق حساسيات عقد اتفاقيات ثنائية بين المعارضة والحكومة كان سبب كثير من إطلاق عبارات التخوين للأحزاب المعارضة فيما بينها ويقول المراقبين في ذلك أن مشاركة بعض أحزاب المعارضة للحكومة خلق عدم ثقة فيما بينها خاصة بعد رجوع هذه الأحزاب عن مشاركتها للحكومة. من جانبه أوضح المحلل السياسي بروفيسور صلاح الدين الدومة في حديثه لـ (ألوان) أمس أن الصفقات الثنائية لن تحل مشاكل السودان ، مضيفا أن اى تجزئة لهذه المشاكل هو اختزال مخل ولن يؤدي الى حلها بل سوف يعقدها قائلا : لن تحل مشاكل السودان إلا عبر مؤتمر دستوري وقومي جامع. وفي ذات المنحي أشار المحلل السياسي بروفيسور حسن الساعوري في حديثه لـ (ألوان) أمس الحل الثنائي أو الجزئي لن يحل مشاكل البلاد مضيفا أن اى حوار لم يشمل كل المعارضة والحكومة فهو حوار فاشل.

عايدة سعد
صحيفة ألوان