ضياء الدين بلال

يلا صفقوا كلكم


أكثر من خمسة أصدقاء، أرسلوا لي على
الواتساب، مقطع فيديو يحوي مشهداً لم أفهم محتواه أول الأمر.
بعد السؤال والاستفسار، عرفت وفهمت أن المشهد ينقل وداعاً استثنائياً عفوياً للمدير العام لبنك فيصل، من قِبَل الموظفين والعمال.
لا أعرف الرجل ولم ألتقِه من قبل، وليس لي متابعة دقيقة لما يحدث في الجهاز المصرفي، خاصة في قطاع البنوك؛ ولكن في مرات كنت أستمع لبعض المتعاملين مع المصارف أو العاملين، فيها يتحدثون عن نقلة كبيرة أحدثها المدير العام لبنك فيصل السيد علي عمر. لم أقف على التفاصيل الرقمية لهذه النقلة، وما لديّ من فضول اقتصادي للمعرفة أقل من أن يدفعني للبحث عن المزيد من معلومات.
بعد مشاهدة مقطع الفيديو، عرفت من مصادر اقتصادية موثوقة
من بعض الإخوة المقربين من الملف المصرفي، أن السيد علي عمر مدير عام بنك فيصل حقق إنجازاً مصرفياً باهراً.. قفز بالبنك من مهاوي الخسارة إلى الاستحواذ على أكثر من 40% من السوق المصرفي بأرباح قاربت الـ300 مليار للعام.. وكان محل إشادة المراسلين الأجانب، لكن نشب خلاف مع مجلس الإدارة أو مع أحد أفراد الحرس القديم في البنك، فكان القرار التخلص من المدير العام، وتعيين مدير جديد على الطريقة المصرية (ما بقلش لا)!
العمال والموظفون اصطفّوا أمام بوابة البنك بعمارة الفيحاء، وأزجوا تكريماً نادراً لمديرهم العام المُقال، أكاد أجزم أن ما حدث لم يحدث في غير هذا المكان.
كرّموه بالتصفيق وعبارات الثناء إلى داخل سياراته.
الرجل تعامل بتواضع ووقار بهي مع هذا المشهد المفاجئ، لم يزهُ أو يبطئ الخطى لتمديد زمن التصفيق.. خرج الرجل عزيزاً مكرماً بأنبل مشاعر صادقة فاضت نهارئذ على شارع علي عبد اللطيف.
لم يخطب في مودعيه، ولم يستثمر في المشهد بافتعالات درامية أو بدمع كذوب يستجدي به مزيداً من العواطف.
مضى الرجل إلى حاله دون ضجيج أو ادعاء عريض، ترك سيرته تترافع نيابة عنه.
أكثر ما أعجبني موقف عمال وموظفي البنك الذين اختاروا هذا الموقف الناصع النبيل دون دراسة جدوى تقوم على ترجيح المصالح.
علمتنا التجارب وما هو سائد في مؤسسات القطاع العام والخاص، أن أغلب المغادرين من مواقعهم يفقدون قيمتهم في مكان عملهم، أو مع المتعاملين معهم بعد فترة وجيزة جداً من صدور قرار الإقالة.
تتغير ملامح الوجوه ونبرات الصوت، وفي الغالب تطاردهم اللعنات، وعلى الأفضل من ذلك، يتم تجاهلهم وعدم الاكتراث لشأنهم كأنهم باتوا من سقط المتاع.
وسرعان ما تتسابق الخطى لمنافقة وممالقة القادم الجديد بتقديم فروض الولاء والطاعة و(تكسير الثلج).
كثير من القيم والفضائل غابت من فضاء العمل العام، وللأسف أصبحت المنفعة والمصلحة المباشرة تفرض منطقها وأسلوبها ولغتها في حياتنا.
تصفيق عمال وموظفي بنك فيصل لمديرهم العام المقال يستحق التصفيق والاحتفاء، لأن فيه إحياءً وتزكيةً لقيمة الوفاء التي سقطت من قواميس التعاملات العامة والخاصة.


تعليق واحد

  1. لا اتفق معك يا استاذ ضياء الدين هذه المرة !

    اذا نظرت الى الامر من بعد ستجد اننا اصبحنا امة مسكونة و مقرونة بالفشل و اصبح النجاح عندنا هو الشاذ, تخيل ان ما قام به السيد المدير علي عمر هو واجبه و دوره المتوقع و الذي بموجبه اختير لهذا المنصب تخيل لو ان كل مدراء البنوك في السودان قاموا بما قام به مدير بنك فيصل لكان قطاعنا المصرفي اليوم هو دافعة و بلدوزر يدفع الاقتصاد السوداني نحو افاق و اسواق و نوافذ لا نحلم بعد 20 عاما” ان نصلها !.

    صحيح ان ما قام به من تطوير لم يحدث في تاريخ بنك فيصل و لكن التغيير سنة الحياة و سيظل ما قام به نقطة مضيئة في تاريخ المصرفي في السودان و لكن المؤلم في الامر ان من قاموا بتغييره بتلك الحجة تجاوزوا الثمانين من العمر و حجتهم تغيير الدماء !!.