صلاح حبيب

زحام المستشفيات (الوالدين) أنموذجاً..!


هل بالضرورة يرافق المريض عشرات من المواطنين إلى المستشفى؟! وهل بالضرورة أن يذهب هذا الكم الهائل من الناس مع المريض وهم ليسوا بأطباء ولا ممرضين ولا سسترات لحضور عملية صغيرة أو كبيرة، وهذا الكم الهائل من الناس لن يستطيع تخفيف آلام المريض إذا أجريت له العملية أو كان في غرفة الإنعاش.
ما دعاني إلى كتابة هذا العمود ما شاهدته بالأمس بمستشفى (الوالدين) بأم درمان وهو أحد المستشفيات المتخصصة في إجراء عمليات العيون بأنواعها المختلفة، بعد أن تخطيت البوابة الرئيسية ودلفت إلى داخل المستشفى وجدت كماً هائلاً من البشر رجالاً ونساءً وأطفااًل، سألت نفسي وقلت هل معقول كل هؤلاء الناس في حاجة لإجراء عمليات عيون أم إن هذا الكم الهائل من بينه مريض والباقون مرافقون، لن يصدق أحد أن هذه المستشفى تستقبل يومياً هذا العدد الهائل من البشر، حتى الممرضين أو المشرفين على استقبال المرضى في حالة يرسى لهم من الضغط الكبير داخل المستشفى، ولا أعتقد أن القوانين سوف تمنع من دخول المستشفى للمرافقين أو الزائرين، فهذه طبيعة الشعب السوداني لن يتخلى عنها ولن تستطيع قوى في الأرض منعه أو وقف زيارة المريض، ولكن يفترض تنظيم العمل بالمستشفيات خاصة في حالة العمليات التي تجرى يومياً، فليس من العقل ولا المنطق أن تكون المستشفى أشبه بالسوق (هيصة) و(جوطة) و(مدافرة) حتى الصفوف التي اتخذت لتنظيم أولئك البشر لم يلتزم بها المرضى ولا المرافقون، فمستشفى (الوالدين) من حيث البيئة إن كانت داخل الغرف أو خارجها فهي مهيأة تماماً ولا يوجد بها أي تلوث، ولكن طالما هناك زحمة بهذا المستوى ينبغي على الأطباء الذين يقومون بإجراء العمليات أن يأتوا مبكراً لأن عمليات العيون بيضاء أو سوداء لا تستغرق وقتاً طويلاً ولا ينتظر المريض بالمستشفى بعد إجراء العملية أكثر من ساعتين، ولذلك ينبغي أن تجرى العمليات ابتداء من الساعة السادسة صباحاً وحتى الثانية عشرة فقط راحة للمريض ولمرافقيه وراحة للطبيب الذي يمكنه أن يذهب إلى منزله بعد إجراء تلك العمليات، خاصة وأن عمليات العيون تحتاج إلى الجو البارد فلا يعقل أن تجرى العملية بعد منتصف النهار ودرجة الحرارة تتجاوز الأربعين درجة، ففي هذا الجو الساخن يصعب على مريض العيون احتمال تلك الحرارة خاصة وأن معظم المرضى الذين يقصدون مستشفى (الوالدين) أو أي مستشفى حكومي آخر من البسطاء والفقراء والمحتاجين، بمعنى أن أجهزة التكييف لن تكون متوفرة بمنازلهم، ولذلك كلما أجريت العمليات في الوقت البارد أفضل من الإجراء وقت القيلولة أو الظهيرة.
إن ازدحام المستشفيات بالمرافقين والزوار يحتاج إلى وقفة خاصة الذين يفترشون الأرض ويجعلون من مقر المستشفيات أشبه بالاستراحات أو أماكن للتسلية أو النزهة وتناول وجبات الطعام وشرب الشاي والقهوة.