عبد الباقي الظافر

وما قتلوه ..!!


قبيل أيام أعلن وزير التعليم العالي في مصر قرارا يقضي بفصل الرئيس المنتخب محمد مرسي، من عمله كأستاذ في جامعة الزقازيق.. الوزير السيد عبدالخالق برر القرار بسبب انقطاع الدكتور محمد مرسي عن العمل في الجامعة لفترة طويلة.
أول أمس تمت إحالة أوراق الرئيس المنتخب محمد مرسي إلى مفتي مصر للمصادقة بإعدامه مع نحو مائة آخرين من قادة حزب الحرية والعدالة في مصر.. منتصف شهر مارس يتوافق مع الخطاب الشهير الذي ألقاه الرئيس السادات في العام ١٩٧١ متوعدا بفرم خصومه السياسيين.. ولكن السادات الذي ابتدر حملة العنف كان يصرخ بعد عشر سنوات على خطابه العنيف “مش معقول.. مش معقول”.. ففي أكتوبر من العام ١٩٨١ قتل الرئيس السادات برصاصات من ضباط متطرفين يوم احتفاله بنصر أكتوبر المجيد،
الغريب أن القضية المثارة استندت على الاتهام بالهروب من السجن غداة الثورة المصرية بجانب التخابر مع حركة حماس.. القائمة شملت الشيخ يوسف القرضاوي غير المتواجد في مصر منذ سنوات طويلة.. بل الحكم شمل اثنين من الفلسطينيين تيسير أوسنيمة وحسام الصائغ وكلاهما قتل قبل تفجر الثورة الشعبية في مصر.. أما ثالثهما حسن سلامة فهو أسير في السجون الإسرائيلية منذ تسعة عشر عاما.
كل الأحرار والمبدئين أدانوا العقاب الجماعي لأركان حكومة منتخبة أصابت السلطة بشكل ديمقراطي.. الرئيس التركي أوردغان أوضح أن الحكم القضائي يرد مصر إلى عهود سابقة.. وزير خارجية ألمانيا وصف الحكم بأنه تم وفقا لمعايير سياسية.. وزارة الخارجية الأمريكية أبدت قلقها من الحكم القضائي، وقالت إنه لا يتسق مع دولة القانون.. منظمة العفو الدولية وصفت الحكم بأنه مجرد تمثيلية.
الموقف الجديد سجله إمام الحرم النبوي وذلك قبل يوم من صدور الأحكام.. الشيخ عبد الباري الثبيتي انتقد الرئيس السيسي دون أن يشير إليه صراحة في خطبة الجمعة الماضية حين قال: “ابتليت الأمة الإسلامية بمن يتحالف مع عدو أمته ويشهر سيف الغدر على بني جِلْدته ويزرع الفتنة ويمكّن للانقلاب والفوضى؛ طمعاً في منصبٍ رئاسي، يعلق أوسمة الخزي والعار ولو على جماجم الأبرياء وأشلاء الأطفال”.. كل المراقبين اجمعوا أن الخطبة تعني المشير السيسي وتمثل تغييرا كبيرا لنظرة السعودية في عهد الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز .
في تقديري أن الحكومة السودانية عاجزة عن التعبير المبديء في هذه القضية.. بداية لإحساسها أنها أصابت السلطة عبر انقلاب عسكري.. وكذلك لاستشعارها أن المصالح مقدمة على المباديء.. وقد عبر عن هذا الموقف مصطفى عثمان إسماعيل في برنامج تلفزيوني حين قال “نكتفي بالدعاء الصالح لإخوتنا في مصر”.. ولكن هذا لا يمنع الأحزاب الأخرى ومنظمات المجتمع المدني من إدانة المجزرة القضائية التي تحدث في مصر.
بصراحة.. مطلوب وقفة شعبية من كافة ألوان الطيف السياسي لتقول لا لحكم العسكر.. لا للأحكام السياسية.. مطلوب من جميع الصادقين أن يقولوا لا لإعدام رئيس منتخب بواسطة حكم انقلابي.. مرسي لن يموت حتى لو أعدموه.. المباديء ستظل شامخة والدماء ستمنحها مزيدا من الحياة.. أصدحوا بكلمة حق في جمعتكم القادمة.