عثمان ميرغني

حفل غريب جداً..


تلقيت دعوة (عجيبة!) للحضور والمشاركة غداً الأحد بقاعة الصداقة.. بطاقة الدعوة مكتوب عليها أن المدعوين هم (قيادات الدولة، والسفراء، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وقيادات ورموز المجتمع، والخبراء، وأساتذة الجامعات، والوسط العلمي، وقيادات الأجهزة الإعلامية والصحفية)..
كل هذا الحضور الرفيع لماذا؟؟ الإجابة في بطاقة الدعوة (للحضور والمشاركة في حفل تدشين دليل مؤشرات قياس الأداء).
أعلم أن غالبية القراء لم يفهموا ماهو (دليل مؤشرات قياس الأداء) .. هذا الذي تطلب دعوة كل هذا الطيف الرفيع للاحتفال بتدشينه.
الدليل هو كتيب صغير.. مطبوع طباعة فاخرة للغاية.. يحوي (مؤشرات قياس الأداء).. وماهي (مؤشرات قياس الأداء)؟
حسناً.. هي مقاييس صممها بعض المختصين حتى تتمكن الحكومة من حساب جودة الأداء.. بالأرقام.. تصوروا!! كل هذا الحفل لأن كتيب (المؤشرات) اكتمل وطُبع طباعة فاخرة..
يا سادتي.. مثل هذا الحفل بمثل هذا الشكل هو أبلغ (مؤشر) على سوء أداء التخطيط الاستراتيجي ..
تصميم (مؤشرات قياس الأداء) هو عمل أكثر من عادي.. ليست الحكومة وحدها من يفعله.. حتى الشركات من مختلف الدرجات لديها مثل هذه المؤشرات.. تصممها بكل يسر وسهولة .. وتعمل بها دون الحاجة لحفل يدعى إليه سفراء الدول الأجنبية.. وكبار قيادات الدولة.
الحفل الذي يجدر أن يدعى له مثل هذا الحضور.. هو عندما تطبق هذه المؤشرات ويتضح أن مستوى الأداء بدرجة (ممتاز)!! .. عندها يجب أن نفرح جميعاً وندعو ضيوفنا السفراء الأجانب ليفرحوا معنا أيضاً.. لكن يبدو غريباً لحد الدهشة أن نحتفل بكل هذه الحفاوة والبهجة لأننا أنجزنا (كتيب!!) فيه مؤشرات قياس الأداء.
هذا فضلاً عن أن (الكتيب) نفسه تحتشد فيه الأخطاء.. فهو نفسه مؤشر على قياس درجة (سوء) الأداء..
بصراحة الأخطاء التي نقبلها في العمل التنفيذي المباشر.. لا يمكن أن نقبلها على مستوى التخطيط الاستراتيجي.. فخطأ التنفيذ محدود بنطاق التنفيذ.. لكن خطأ التخطيط يزلزل منظومة كاملة ويهدها هداً.. ويمتد على مدى أطول مسافة وعمراً.
لأني مهتم جداً بقضايا التخطيط الاستراتيجي فقد بذلت جهداً كبيراً وزمناً لقراءة كتيب (دليل مؤشرات قياس الأداء) سطراً سطراً كل المؤشرات التي سجلت فيه.. وهالني حجم الأخطاء فيها.. ودون انتقاص للجهد المبذول لكن مستوى (الأداء) في تجويدها كان محدوداً لدرجة تخل بمعنى التخطيط الاستراتيجي نفسه.
الميل الكبير لـ(الاحتفاليات) في الجهاز التنفيذي مضر جداً بالعمل.. علاوة على هدر المال والوقت والجهد؛ فهو يمنح (مؤشرات وهمية) على الأداء.. فمثلاً الاحتفال (الضخم!!) غداً بكتيب دليل مؤشرات القياس يمنح (نجمة إنجاز) وهمية.. للمجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي.. فالدليل عمل (عادي جداً) ومقبول في سياقه (العادي) لكن ليس بكل هذه الطبول والمباهج الاحتفائية.
كررت كثيراً هنا وما زلت مصراً.. أن الدولة في حاجة ماسة لتصحيح (مفاهيم) العمل العام.. واستنباط أسلوب حديث يتسق مع العصر.
لو كنت في مكان والي الخرطوم لأمرت فوراً بإلغاء هذا الحفل (الوهمة)..


‫2 تعليقات

  1. يا حبيبي الدعوة جاءت لك عن طريق الخطاء وهي اصلا معمولة لناس من شاكلت الهندي عز الدين وكدا انت الحساس دا خليك بعيد, يلا ياهندي قوم قص الشريط اهو جاك في مكانك لا ست شاي ولا ست لقيمات
    (قرفة) علي وزن كسرا: دا الفالحين فيهو بس تدشين

  2. معتمد في منطقة بربر وكامل إصطاف ادارته يحتفلون بتركيب إشاره مرور STOP مع التغطية الأعلامية ( أخبار سابقه)