مصطفى أبو العزائم

أعمال الحكومة السريّة..!


عندما منحني النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول بكري حسن صالح – مشكوراً – الفرصة للحديث داخل اجتماع مجلس الوزراء الموقر يوم الخميس الأول من أمس، أشدت بتقرير أداء المجلس القومي للدفاع المدني لخريف عام 2014م وخطة العام 2015م، لكنني أشدت بصورة أخص بمشاركة ثلاثة ولاة كبار في الجلسة، وأشدت بمداخلاتهم التي اتصفت بالشجاعة والحجة والمنطق، وهو أمر معهود في الولاة الثلاثة الدكتور عبد الرحمن أحمد الخضر والي ولاية الخرطوم والفريق الهادي عبد الله والي ولاية نهر النيل، والدكتور محمد يوسف والي ولاية الجزيرة.

مشاركة الولاة الثلاثة كانت كشافاً قوياً في طريق تفادي أي قصور محتمل في خطة العام 2015م من واقع التجربة والمتابعة الدقيقة للولاة الثلاثة، كل في ولايته، خاصة وأن الولايات الثلاث كانت الأكثر تأثراً بالأمطار والفيضانات والسيول.

الفريق الهادي كان شجاعاً إلى أبعد الحدود وهو يتحدث عن ترحيل القرى القديمة الواقعة في مجاري السيول، وتساءل عن الكيفية والطريقة التي يتم بها هذا الانتقال، من منطقة معمورة (مغمورة) إلى منطقة مهجورة، لم تصل إليها خدمات أو إمداد مائي أو كهربائي، ولا توجد بها مدرسة أو قسم شرطة أو شفخانة.

الدكتور عبد الرحمن الخضر كان شجاعاً وهو يتحدث باسم أكبر ولايات السودان حجماً سكانياً وثقلاً بشرياً، ويشير إلى أن بعض القصور قد شاب عمل مجلس الدفاع المدني، بل قال إن ولاية الخرطوم قد سبقت المجلس في الاعداد والاستعداد، وطالب بأن يكون إعداد الموازنات وتوفير المال سابقاً لهطول الأمطار، مشيراً إلى المعالجات المكلفة التي بدأتها ولايته بإنشاء السدود وتوفير الآليات والمعدات الخاصة بمعالجة وسحب المياه، مشيداً اشادة خاصة بدور وزارة الصحة في حماية المجتمع من أمراض محتملة تنتج عن عدم تصريف المياه وعند توالد البعوض والحشرات وغيرها من مخاطر.

حديث الدكتور عبد الرحمن الخضر رغم وضوحه لم يَرُق للقائمين بأمر المجلس القومي للدفاع المدني، والذي يرأسه وزير الداخلية الفريق عصمت عبد الرحمن، الذي ذهب مذهباً جديداً في نقد شركائه داخل الحكومة والسلطة، وربما – أقول ـ ربما اعتبر ان حديث الدكتور عبد الرحمن الخضر فيه انتقاص لجهد وعمل المجلس، رغم أن الدكتور الخضر نفسه ممثل في ذلك المجلس.

أما الدكتور محمد يوسف والي ولاية الجزيرة، فقد كان أيضاً على ذات القدر من الشجاعة عندما تحدث عن عدم تصريف المياه في عدد من قرى الجزيرة، مشيراً إلى أن بعضها يتم عزله عن بقية المناطق لذلك السبب، موضحاً أن ميزانيات الولاية ضعيفة في مواجهة الطواريء وهو محق..!

أشدت بالولاة الثلاثة ومداخلاتهم بعد أن شكرت النائب الأول لرئيس الجمهورية الذي ترأس جلسة الخميس، لكنني تقدمت بمقترح آمل أن تستجيب له الحكومة، وهو أن يتم فتح الباب أمام الصحفيين للمشاركة في الجلسات حتى وإن لم يسمح لهم بالمداخلات، لأن ذلك يجعلهم أقرب للتقوى وأقرب للصورة، ويقرب إليهم الفعل الحكومي، وينقل ما يدور إلى عقولهم التي تستوعب القضايا المثارة بعد أن تخضع لنقاش وافٍ مستفيض خاصة وإن الحكومة لا تقوم بعمل سري والصحافة يجب أن تقترب من مراكز اتخاذ القرار، إقتراباً يجنبها الخطأ المقصود أو غير المقصود، ويحسن صورة الفعل الحكومي ليرتبط بالوضوح والشفافية وإشراك الجميع فيه.

تقدمت بالمقترح وفي ذهني عدد من مجالس الوزراء في كثير من انحاء العالم تفرد شرفة خاصة للإعلام والصحافة لا لنقل الحدث بل لمعايشته.