تحقيقات وتقارير

السكوت والإنكار حيال العنف ضد المرأة يمثل مصدر قلق


(أشعر بعدم الارتياح لعدم حصولي على المعلومات الكافية حول قضايا العنف ضد المرأة، وهذا ما يدفعني للقلق عند تقييمي للأوضاع بالسودان)، بهذه العبارة كانت  المقررة الخاصة لقضايا العنف ضد المرأة بالأمم المتحدة، السيدة “رشيدة مانجو” (الجنوب أفريقية) تحاول بقدر الإمكان التمهيد للرد على أسئلة الصحفيين والإعلاميين، ومراسلي الوكالات الأجنبية، حول أوضاع  المرأة بالسودان، وحجم الانتهاكات التي تتعرض لها. وأشارت “مانجو” خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته أمس (الاثنين) بمقر الأمم المتحدة الانمائي بالخرطوم، في ختام زيارتها للسودان والتي تعد الزيارة الأولى منذ عشر سنوات، حيث استغرقت (12) يوماً، أشارت إلي إجرائها زيارات ميدانية  لولايتي شمال وغرب دارفور،  إضافة إلى ولاية الخرطوم.  وقيامها بلقاءات مع مسؤولين حكوميين وغير حكوميين، مختصين في مجال حقوق المرأة والطفل بالسودان. وعبرت “مانجو” عن قلقها إزاء قضايا العنف ضد المرأة في السودان، وشكت من مواجهتها صعوبات في التحقيق من انتشار بعض ظواهر العنف ضد النساء، سواء في المجال العام أو الخاص، لقلة البيانات المفصلة والوصم الاجتماعي والسكوت أو الإنكار من قبل الضحايا، خوفاً من الانتقام. كما حملت المقررة الخاصة الدولة كامل المسؤولية في حماية النساء من كافة أشكال العنف ضد المرأة والفتيات. وشددت على مساءلة مرتكبي الجرائم ومحاسبتهم قانونياً بمن فيهم سلطات الدولة المختصة التي تعجز عن منع الانتهاكات، سواء بسبب عدم الاستجابة أو الاستجابة بشكل غير فعال .
مطالبة بالتحقيق
وطالبت المقررة الخاصة  بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة  تتألف من شخصيات وطنية  ودولية للنظر في بلاغات الادعاءات الخاصة بالاغتصاب في مناطق مختلفة، بما في ذلك الادعاءات المتعلقة باغتصاب نساء بقرية (تابت) بدارفور.  وأكدت بأن عدم التبليغ أو التبليغ المنقوص عن القضايا وللحالات في بيئة لا تستجيب عند إثارة قضايا العنف ضد المرأة،  كالتذرع بالتقاليد الذي يحول دون طلب المساعدة من خارج الأسرة،  والتركيز على المصالحة على حساب المساءلة القانونية،  فيما يتعلق بقضايا العنف ضد المرأة والفتيات. وقالت: زرت منطقة تابت مع الأمم المتحدة ومجموعة حكومية ووجدتهم في احتفال اجتماعي، لكن لم ألتق بواحدة من الضحايا. فالكل في حالة إنكار وصمت وقد قدموا لي التماساً باللغة العربية وسأعمل على ترجمته للانجليزية. لكن أقول (نساء تابت يشعرن بالقلق). وأشارت إلى الاستهداف العنصري والعرقي ضد طالبات دارفور،  الذي قالت  بأنه ينطوي على ممارسات مذلة، مثل حلق رؤوسهن بسبب هويتهن العرقية، والتشكك بهويتهم العربية.
العنف الأسري
ونبهت “مانجو” إلى أن التقارير واللقاءات  عكست وجود عنف داخل الأسرة والمجتمع السوداني، بما في ذلك العنف ضد المرأة والفتيات والأطفال سواء كان جسمانياً أو نفسياً أو جنسياً أو اقتصادياً. وقالت إن غالبية من التقيت بهم ركزوا على قضيتين ترتبطان بالطفلة وهما ختان الإناث والزواج المبكر. وقالت السكوت والإنكار من قبل سلطات الدولة أو المجتمع المدني حول العنف ضد المرأة يمثل مصدر قلق، وأقرت بأن المعلومات التي وصلتها من المقابلات أو التقارير أشارت إلى تعدد مظاهر العنف سواء في مناطق النزاعات أو خارجها .
ارتفاع نسبة الاتجار
وأشارت “مانجو” إلى ارتفاع نسب الاتجار في النساء والفتيات طالبي اللجوء واللاجئات وما يتعرضن له من عنف، سواء في بلد المصدر أو مناطق العبور ممثلاً في العنف الجنسي والعنف القائم على النوع مع استمرار بلاغات التحرش والاغتصاب والإذلال، بجانب الاستهداف العنصري. ولفتت إلى أن انعدام الأمن في معسكرات النازحين وتعرض النساء إلى العنف سواء على أبدي مجموعات إجرامية أو على يد السلطات والذي  أشار له المقرر الخاص في تقريره 2005م حول المخاطر التي تتعرض لها النساء عند جلب الحطب والماء.
قانون النظام العام
وعبرت “مانجو” عن قلقها إزاء التطبيق التمييزي لأحكام بعض القوانين كقانون النظام العام. وقالت إن شرطة النظام العام مازالت تجوب الشوارع مستهدفة النساء وبائعات الشاي والطعام،  مشيرة إلى أن عدداً كبيراً من النساء والفتيات  يعشن في سياق عدم مساواة حاد وتخلف وفقر ونزاع. وأوضحت أن التطبيق التمييزي لإحكام بعض القوانين يشكل مصدر قلق لاسيما قوانين (الجنائي-الأحوال الشخصية-النظام العام) وقالت إن المادة (152) من القانون الجنائي الخاصة بالسلوك الفاحش لها أثر سلبي كبير على حياة النساء والفتيات. وأضافت: أما قانون النظام العام فهو يتضمن أحكاماً تفسر على أنها تنظم حرية الملبس وحرية الارتباط وحرية العمل والتي تستهدف وتجرم سلوك النساء. وزادت: بالرغم من المرسوم الرئاسي لسنة 2006م الذي ألغى العديد من فئات جرائم النظام العام، إلا أن شرطة النظام العام مازالت تجوب الشوارع وتقوم بالمسوحات مستهدفة النساء بصفة خاصة، لاسيما اللاتي يعملن في القطاع الاقتصادي غير الرسمي، بما في ذلك بائعات  الشاي والطعام وعاملات المنازل.
وأوضحت “مانجو” أنها قابلت العديد من النساء السجينات في زيارتها لسجن بالخرطوم تم سجنهن في جرائم بسيطة لفشلهن في سداد قروض التمويل الأصغر، أو لقيامهن بأنشطة اقتصادية غير رسمية، للوفاء باحتياجاتهن المعيشية. وتابعت(تسجن المرأة الحامل بشكل اعتيادي، كما يعيش عدد كبير من الأطفال مع الأمهات في السجون،  بما في ذلك اللاتي أنهين فترة العقوبة ولكنهن غير قادرات على مغادرة السجن، لعدم قدرتهن على دفع التعويض). وأكدت بأنها ستعمل على مقابلة المسئولين لإيجاد طريقة أخرى يقضين بها فترة العقوبة.
تحديات وفجوة
وأشارت المقررة الخاصة  إلى أن هيئات الأمم المتحدة واليوناميد تواجه تحديات بدرجات متفاوتة تتضمن شواغل أمنية وقيودا على الوصول، وإجراءات سياسية وإدارية تؤثر سلباً على شراكتها وأنشطتها. وتابعت:(هذا الوضع غير الصحي لا يبشر بخير للذين يعيشون في السودان ويعتمدون على الحكومة والمجتمع الدولي، من أجل التعزيز والحماية الفعالة لحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية  والثقافية والتنموية).
ودعت “مانجو” الحكومة السودانية وأصحاب المصلحة لإيجاد الأرضية المشتركة للمشاركة الفعالة من أجل معالجة التوترات القائمة، وذلك لصالح الذين يعيشون في السودان. وقالت “مانجو”: لقد لاحظت خلال زيارتي شواغل في هذا الصدد، كما لاحظت وجود فجوة ما بين النوايا المعلنة والممارسة الفعلية في مجال قضايا المرأة، وسوف أناقش هذه القضايا مع السلطات المعنية، مبدية تقديرها لحكومة السودان على دعوتها  للقيام بهذه الزيارة القطرية الرسمية،  وكافة الشركاء الذين التقت بهم بما في ذلك مسؤولو الدولة، وممثلو منظمات المجتمع المدني.
ودعت الدولة إلى تحقيق العدالة فيما يتعلق بالجرائم ضد النساء ومعالجة القصور في المساءلة والذي قالت بأنه يعد قاعدة في جرائم النوع بالسودان، ولفتت إلى ضرورة مراجعة الآليات المختلفة المؤسسية للقيام بأدوارها في هذا الجانب، وعدم التضييق على المنظمات الخاصة بحقوق المرأة والإقصاء الانتقائي الممارس ضدها والتي تواجه مضايقات تتعلق بإلغاء التسجيل، وطعن السلطات المعنية في طلبات التسجيل وإقامة العوائق أمامها وذلك بحسب ما تلقته من تقارير تفيد بذلك.

 

المجهر السياسي


‫2 تعليقات

  1. مانجو واللاموز … العنف ضد المرأة أعنف وأشد في امريكا وكل دول أوروبا … أما القارة الإفريقية فحدث ولا حرج .. لماذا الإهتمام بالسودان بالذات … إنها مؤامرة كبيرة بقيادة الأمم المتحدة ضد البلد لتشويه سمعتها .. السودان بلد مسلم والإسلام يحترم ويعظم المرأة وتعاملنا مع المرأة وفق منهجنا “الإسلام” .. كل السودانيين يحترمون المرأة ويقدرونها أيما تقدير … يهرعون لمساعدتها ويقفون لها لتجلس في البص أو الحافلة ويسرعون لنجدتها …. نحن نخاف على أمهاتنا حتى من لفحة النسيم البارد ….

  2. تم سجنهن في جرائم بسيطة لفشلهن في سداد قروض التمويل الأصغر، خلاص تعلو ادفعوا ليهن و مروقهن نحن عارفين فهمكم شنو مختارين واحدة اسمها رشيدة و من جنوب افريقيا مرسلنها الخواجات