عبد الجليل سليمان

كومون وبتروناس تصفية وهمية


يشير مصطلح تصفية من ناحية محاسبية إلى مجموعة العمليات التي تهدف إلى إنهاء الأعمال وتسوية واستيفاء الحقوق من الغير, وسداد الالتزامات وتحويل كافة الموجودات إلى نقود (سيولة) من أجل تحديد الصافي ثم توزيع الأموال وفق أحكام القانون. وكى تكون التصفية قانونية فلا بُد من وجود مُصفٍّ قانوني يتولى إجراءاتها من ناحية مالية وإدارية.
وفي السياق هذا، تقتضي الضرورة أن تبقى الشخصية المعنوية للشركة مستمرة في مرحلة التصفية، كما أنه لأي شريك في هذه المرحلة ممارسة الحق القانوني في ملاحقة المدينين بمقدار حصته في الشركة (تحت التصفية)، كما لدائني الشركة حق ملاحقة أي من الشركاء بمقدار حصصهم. كل ذلك لتجنب أن يصبح الأمر نوعاً من الفوضى التي ربما ترتبت عليها صعوبات في مواجهة الشركاء مع (بعضهم البعض) أو مع غيرهم. كما ترتب على التصفية – غالباً – حالة إجحاف بحقوق العاملين والدائنين وإخلال بالذمة المالية المستقلة للشركاء عن ذمة الشركة.
ولتجنب ذلك، فإن استمرار الشخصية المعنوية للشركة أثناء التصفية، يصبح أمراً ضرورياً يُمكنها من استكمال الأعمال التي كانت تباشرها قبل إقرار تصفيتها، وقد وضع القانون أحكاماً صارمة لإدارة إجراءات التصفية، ومن ضمنها القيام بكافة التصرفات القانونية والتعاقدية باسم الشركة تحت التصفية ولحسابها، والوفاء بالالتزامات التي عليها لغاية انتهاء أعمال التصفية، وتحديد صافي القيمة وتقسيم المتبقي من حصيلة التصفية على الشركاء – إن وجد -.
من ناحية أخرى يؤكد الخبراء المحاسبيون والمراجعون القانونيون والمصفون بأنه يترتب على إقرار التصفية إعلام الغير بالخطوة من خلال نشر إعلان التصفية في الجريدة الرسمية وفي الصحف اليومية.
وهذا ما لم يحدث في حالتي (كومون وبتروناس)، فالأولى (سرحت) في مطار الخرطوم ومشت في مناكبه وأكلت من فومه وبصله وعدسه سنينا عددا، ورغم أنها لم تطور كثيراً في خدماته، بل ظلت تقدم (اليسير) لأُولى الشوكة والعزم و(المكانة العالية والقوام السامق)، إلى أن تقرر تصفيتها بطريقة تخالف القوانين المرعية في هذا الصدد، فلم تسبق هذه التصفية مجموعة عمليات محاسبية ومالية، ولم يُعلن عنها في الصحف اليومية، بل فوجئ الناس كلهم بالقرار، وبالتالي فإن أمام الذين لهم حقوق لدى (كمون) – وأولهم دافعو الضرائب – طريق شائك طويل للحصول عليها، أو بالأحرى، علينا أن نقول لهم (الله معاكم).
أما الثانية (بتروناس) الماليزية، فطالما أرادت – بعض أن (برطعت) في آبار النفط السوداني، ورضعت من أثدائه حيناً من الدهر، فكان عليها أن تعلن عن عزمها تصفية أعمالها، وتنشر هذا (العزم) على الملأ حتى يتسنى لمن لديهم حقوق (عندها) أن يطالبوا بها، ثم من بعد ذلك وبطريقة (جهورة) يمكنها عقد صفقات لبيع أصولها وأعمالها. أما أن تفعل ذلك بطريقة أشبه بالسرية، فإن العين لتدمع والقلب ليحزن على حقوق الموظفين والعمال وغيرهم. ويا لها من (تصفيات فاسدة).