مقالات متنوعة

محمد لطيف : إباحية المواقع.. وإباحة الجهل


(كذبت الهيئة القومية للاتصالات المعلومات التي رشحت في الأسافير وسربت من جهات أجنبية خلال الأيام الماضية اعتبرت السودان من الدول التي تصدرت قائمة التصفح للمواقع الإباحية. ووصفت الهيئة في تصريح صادر عنها لـ(التيار) المعلومات بغير الدقيقة باعتبار أن السودان مفروض عليه حظر تقني من قبل الولايات المتحدة الأمريكية منذ العام 1997م ولم يتم رفعه إلا جزئيا في إبريل الماضي وقالت إن الهيئة مسؤولة عن حجب وترشيح مواقع الإنترنت الإباحية حماية للمجتمع والأسرة والطفل، وأكدت أنها تبذل جهودا كبيرة في متابعة وترقية وتحديث أنظمة الحجب والفلترة العامة).
هذا نص الخبر الذي نشرته الزميلة التيار في صدر صفحتها الأولى الأحد المنصرم.. وهو شارح لنفسه.. ولا شك أن كل من اطلع على المعلومات الأساسية والخاصة بتصدر السودان لقائمة الدول المتصفحة.. أو بالأحرى الشعوب المتصفحة للمواقع الإباحية.. ونقول الشعوب لأن هذا الموضوع تحديدا يمس الشعب السوداني ويخصه.. ولا يخص الحكومة وأجهزتها بأي حال.. فالسلوك هنا فردي يقوم به مواطن.. ومجموع هؤلاء المواطنين هم جزء من الشعب السوداني.. إذن، كل من اطلع على هكذا معلومة ولا شك قد انزعج غاية الانزعاج.. وبات أمام واحد من احتمالين.. إما أن المعلومات غير صحيحة.. وفي هذه الحالة تتولى الجهة المختصة تفنيد هذه المعلومات المكذوبة ودحضها بما يحفظ كرامة الشعب السوداني.. وإما أن هذه المعلومات صحيحة وهو ينتظر.. أيضا.. من أجهزته المختصة أن تقدم له الحقيقة مهما كانت مرة.. ليتولى ذوو الشأن في كل موقع.. سواء أكان رسميا أو شعبيا للبحث في ما أصاب هذا الشعب في أخلاقه وقيمه وسلوكه.. ثم الشروع فورا في تقديم العلاج المطلوب.. ولأننا لا نرى سببا واحدا يدفعنا للذهاب تجاه تجريم أمة بحالها دون سند ودون بينة.. فلنذهب تجاه أن المعلومات ليست صحيحة.. ولكن من المسؤول عن حماية هذا الشعب..؟ ومن المعني بإثبات براءته أمام الرأي العام العالمي من هذه التهمة الخطيرة..؟ وفقا لاختصاصات الأجهزة المختلفة.. ووفقا لمهامها فهذه الجهة هي الهيئة القومية للاتصالات.. فهل قامت هذه الهيئة بهذا الدور..؟ للأسف الإفادات التي قدمتها الهيئة.. هزت قناعة الموقنين في براءة السودانيين.. ودفعت الشاكين لليقين.. لماذا..؟ لأنها ببساطة لم تقدم ما يقنع حتى ذوي الإلمام المتواضع بتقنية الاتصالات.. وجريا على عادة الحكومة هرولت الهيئة للاتكاء على الحظر الأمريكي لتقول إنه يحول دون تصفح السودانيين للمواقع الإباحية.. والهيئة تعلم قبل غيرها أن العقوبات الأمريكية لم يكن لها دخل لا في تصفح المواقع الإباحية.. ولا في زيارة مواقع تفسير الحديث والسيرة.. فهذه كذبة بلقاء.. ثم تتكرم الهيئة بالإعلان عن أن جهدها في حظر المواقع الإباحية قد حقق أهدافه بالكامل.. والهيئة إن كانت تعلم أنها تكذب.. فهذه مصيبة.. أما إن كانت لا تعلم أن حظرها هذا بات مخترقا حتى لطلاب الثانويات.. فالمصيبة أعظم.. منسوب الهيئة القومية للاتصالات الذي تحدث لـ (التيار) أبسط ما يقال عنه.. إنه قدم معلومات كاذبة.. أسوأ ما فيها أنها أثارت غبارا كثيفا حول أخلاق الشعب السوداني.. فلم يصرف الشعب على عاجز عن الدفاع عنه..؟؟؟!!!
ونختم بإفادة من خبير اتصالات نحجب اسمه الآن ونعلن إفادته.. إذ يقول: (الحظر الأمريكي “يمنع” الاستفادة من التقنيات ومن ضمنها الاستفادة من المعلومات أو الخدمات التي تقدمها “بعض” المواقع.. فالمواقع الإباحية لا أعتقد أن الحظر يمنعها مثلها ومثل كثير من المواقع الأخرى فالحظر يشمل المواقع التي يمكن الاستفادة منها ولا أعتقد أن المواقع الإباحية يمكن الاستفادة منها).