عبد الجليل سليمان

أمين .. أشجان المتوحد


قل بربك ما الذي يشغلك؟
و(أمين حسن عمر) حين يجيب عن أسئلة (عزمي)، فإنه لا يُجيب، لأنه ليس منشغلاً بها، وتدريجياً تحول (الحوار) معه إلى (ونسة) تسيطر عليها أدوات النفي والنهي والتعجب والاستنكار، وربما هذا ما أراده (أمين)، الذي بدا كما جاء في مُقدمة (عزمي) وكأنه زاهد في الحديث، وأن ما يُطرح عليه لا يعنيه في شيء.
حتى ولو اعترفت الحكومة بوجود مشكلة ما، أنت تنفيها؟ يجيب أمين: أنا بقول الحقيقة التي أراها، الآخر الذي يرى حقيقة أخرى يقدم الدليل! كثيراً ممن كانوا يدافعون عن النظام ما عادوا يفعلون ذلك يا أمين؟ يرد: أنا لا يعنيني الآخرون، وهذا ليس صحيحاً، هذا كلام مجاني! هنالك رأي يقول بأن ما جرى بين الإسلاميين من مفاصلة محض مسرحية؟ يعد أمين أن هذا الرأي غاية في السذاجة.
أكثر من أربعين سؤالاً مما يشغل الناس (عامتهم وخاصتهم) طرحها الزميل عزمي في الحلقة الثانية من حواره مع القيادي في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية (أمين حسن عمر)، لكن اتضح لنا أن الرجل لا يشغل بها نفسه.
هو قال ذلك بعظمة لسانه، قال: إنه لا يشغل نفسه كثيراً بما ينشغل بع الناس، فبدا لي وكأنه يعيش متوحداً في أشجانه، وهنا لا أعني بالتأكيد مرض (التوحد) الذي يعرفه الأطباء تعريفاً رائعاً إذ يصفونه بأنه (اضطرابات في الطيف الذاتوي)، وإنما أشير إلى ديوانه الشعري الشهير (أشجان المتوحد).
لكن ذلك (اللبس) لا يمنعني من (مُهابشة) تلك المقاربة اللطيفة بين الطيف الذاتوي المضطرب وأشجان المتوحدين، وبين إنكار (أمين) للواقع ونأيه عنه وتبريره، والقفز عليه، كما لن تحجب عني هذه المتوالية (الوصفية) بعض التعسف الذي يختبئ في تضاعيفها، وهو تعسف ناجم عن طبيعة الحوار ذاته (ذاتوية وكده),
بلغت اضطرابات الطيف الذاتوي في حوار عزمي مع أمين أوجها عندما قال الرجل: أنا لست قيادياً بالمؤتمر الوطني. وبلغ الشجن بالرجل المتوحد تخوماً ذات تضاريس ناتئة حتى خُيل إليّ – وليس التخيل حكراً على أحد – أن الدماء تسيل على جوانب قوله “ليس المطلوب من المسؤول أن يثبت نزاهته وكأنه متهم”.
إذن ما المطلوب؟.. أن ننتظر (التحلل)؟