مقالات متنوعة

عادل ابراهيم حمد : البشير لرئاسة الإتحادي


لا أقصد أن يتحول الرئيس عمر البشير إلى أب لكل الأحزاب فيحنو على الاتحاديين برئاسة مؤقتة لحين حل إشكالاتهم , أو أن ينتقل معاراً من حزب المؤتمر الوطني لرئاسة الحزب الاتحادي لحين عقد الحزب مؤتمره العام .. البشير الذي اعنيه هو القطب الاتحادي المعروف طه علي البشير أحد قادة التغيير في الحزب المتأهب لطور جديد في مسيرته بعد انقضاء المرحلة الميرغنية .
كانت رئاسة السيد محمد عثمان الميرغني مخالفة لطبيعة الحركة الاتحادية التي لا تمنح الطائفة الحليفة موقع القيادة , فيتحول حزب الوعى و الاستنارة إلي حزب الطاعة و الإشارة . لكن الفراغ الهائل في الكارزمية التي اعتادها الاتحاديون في أزهري و زروق و الشريف , جعل كثيراً من الاتحاديين يعوضون الفراغ بخصوصية قيادية متوفرة سلفاً في مرشد الطريقة . أقدموا على ذلك و قد حبس بعضهم أنفاسه خشية أن يتحول الحزب إلى مشيخة ؛ إلا أن انقلاب الإنقاذ أجّل هذه المخاوف حين انشغل الجميع بالطامة التي ألمت بالحزب و بالبلد , خاصة و أن السيد قد تصدى بجدارة لمسؤولية قيادة التجمع الوطني الديمقراطي ..
كانت مرحلة التجمع غطاء يستر الطبيعة الحتيمة التي ينشأ عليها عادة شيخ الطريقة و التي لا تصلح لإدارة الحزب .. فلما انقضت , بدأت أجهزة الحزب تعاني من قيادة الحزب , فقد كان حتمياً أن تتعطل تماماً أجهزة صممت لتنظيم لا يشبه المسيد من قريب أو بعيد . و مع ذلك عرف السيد بخبراته و حكمته ضرورة أن يساير سياسيين لا يربطهم به الولاء للطريقة , فلم يعمد لقرارات مستفزة , و حرص على إبداء قدر من الشورى بعيداً عن أجهزة الحزب المعطلة , فأرضى بذلك سياسيين كبار قبلوا هذه الطريقة على علاتها , بل دافعوا عنها متذرعين بأن أي محاولة للتصحيح المتعجل قد تعرض الحزب لانشقاق .. لكن الأقدار خبأت لهم ما لم يتحسب له هؤلاء الاتحاديون الكبار , فقد غاب السيد لسبب أو لآخر , و ملأ فراغه نجله بلا خبرة و لا حكمة تعينانه على (التعايش) مع السياسيين كما كان يفعل والده , ففوجئ قادة الحزب الكبار على غير العادة بقرارات مستفزة و أسلوب خشن , نبههم إلى مصير خطير حين انتبهوا أنهم مساقون إلى الثالوث المذل الذي يأباه الاتحاديون الأحرار .. الخضوع و الخنوع و التوريث .. فكانت الهبة التي و إن كان سببها المباشر الطريقة المستفزة التي اتبعها محمد الحسن الميرغني في اتخاذ قرار المشاركة , إلا أنها تعبير عن رفض متراكم للطريقة الطائفية في إدارة الحزب ..
لا تكتمل ثورة التغيير إلا بالإتفاق على شخصية محددة لقيادة الحزب في طوره التاريخي الجديد .. و ألا يكون الحديث عن المؤسسية و الجماعية ذريعة لترك موقع القيادة بلا تحديد واضح . فالمؤسسية لا تعني عدم وجود رئيس محدد و الجماعية لا تعني إلغاء أو تحجيم دور القائد .. من بين الأقطاب المؤهلين لهذا الدور السيد طه على البشير الذي عرفته ميادين العمل العام , يعينه أنه شخصية غير خلافية و قريبة من المزاج الاتحادي المعتدل .