محمود الدنعو

الشق العسكري منها فقط


سقوط مدينة الرمادي العراقية بيد تنظيم الدولة الإسلامية شكلت ضربة قوية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وعدّه المراقبون دليلا على فشل استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما في محاربة داعش، وجاء سقوط الرمادي سانحة لخصوم الرئيس باراك أوباما السياسيين الذي طفقوا مجددا يصفونه بالمتردد والساعي إلى تفادي تدخل عسكري آخر في الشرق الأوسط، وأن التردد في تغيير مسار سياسته هو الذي مكّن داعش من التقدم على الأرض. ومع أن الجميع كان يرى في سقوط الرمادي هزيمة للتحالف، فإن الرئيس باراك أوباما وفي مقابلة مع مجلة (ذي اتلانتيك)، يصر بقوله : “لا أعتقد أننا نخسر”، وأن كل ما حصل ليس سوى (تراجع تكتيكي).
تصريحات الرئيس باراك أوباما التي ترى سقوط الرمادي بغير عيون المراقبين جلبت إليه الكثير من الانتقادات خصوصا السيناتور الأمريكي جون ماكين الذي يشغل منصب رئيس لجنة الشؤون العسكرية التابعة للكونغرس وفي مقابلة مع شبكة (سي ان ان) الأمريكية يقول: “من الغريب أن الرئيس الأمريكي يكرر مرارا هذا الكلام في حين يقتل الآلاف من الأشخاص وتنتشر الجثث المحترقة في الشوارع إلى جانب الإعدامات وقطع الرؤوس”. وحول إن كان الوقت مناسبا لإرسال قوات برية أمريكية إلى العراق، قال ماكين: “كان لدينا جلسة استماع (في لجنة الشؤون العسكرية التابعة للكونغرس) واعتقد أن الموعد حان لإرسال قوات عسكرية برية ينبغي أن يكون عددها نحو عشرة آلاف، ولابد أن تكون قوات برية.
إذن، ماكين يتحدث عن قوات البرية، وهذا الأمر غير وارد في استراتيجية أوباما التي حكم عليها البعض بالفشل في محاربة التنظيم في العراق، ولكن السؤال ما هي الملامح الرئيسة لهذه الاستراتيجية، يشير السيد ناثان تك نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، الناطق باللغة العربية في حوار مع صحيفة (إيلاف) الإلكترونية إلى أن الاستراتيجية الأميركية ضد تنظيم داعش تعالج المعطيات الجذرية وراء وجود التنظيم. وتابع قائلا: “هناك بالطبع جبهة عسكرية أو ميدانية لمواجهة التنظيم المتطرف، ولكن الاستراتيجية الأميركية لا تواجه فقط ذلك، فنحن نحاول مع شركائنا الدوليين منع طرق التمويل لتنظيم داعش وسد إيراداته المالية، ونحن نعمل مع شركائنا في المنطقة لوقف تدفق المقاتلين الأجانب الذين يلتحقون بالتنظيمات المتطرفة، وذلك دون تغييب الشرائح الفكرية، إذ لا بد من تعبئة كافة شرائح المجتمع من أكاديميين ومثقفين وفنانين من أجل محاربة أفكار تنظيم داعش ومنع انتشارها.
إذن الفشل ليس في تنفيذ الاستراتيجية، وإنما الفشل في عدم تنفيذ أجزاء واسعة منها، بينما الحديث عن الفشل وعدمه ينحصر فقط على الشق العسكري منها.