عبد الجليل سليمان

اعتكاف الشيخ ينظر ويُفاد


ومن العباراتِ الديوانية التي لا تزال راسخة في ذهني، لا تغادره، عبارة (يُنظر ويُفاد)، وهي بجانبِ التباسِها تختزن (تسويفية) عالية، وتأجيل اتخاذ قرار ما بخصوص أمر ما إلى وقتٍ غير مُسمى.
ولعل خبراً منشوراً بالأحمر القاني أعلى عدد يومية أمس من التيار، عنوانه (الترابي يعتكف خارج العاصمة) أنعش في ذاكرتي تلك العبارة حتى (هبّ هبوبها) على هذه الزاوية، فكتبناها.
الخبر يقول إن الترابي قال وهو يخاطب سرادق عزاء بضاحية المعمورة إنه كان معتكفاً خارج الخرطوم من أجل الكتابة والكتابة المفيدة، ثم انطلق الرجل متحدثاً عن فلسفة الموت والحياة، وأن السلطة والجاه والمال أمور لا تجدي وأنهم يعملون لآخرتهم، ودعا الله أن يعطيهم كتابهم بيمينهم وليس من وراء ظهورهم، وهكذا مضى الخبر مستغرقاً في التفاصيل.
والتفاصيل هذه هي التي جعلتني أحتفي بـ (يُنظر ويُفاد) تلك، خاصة عندما تكون صادرة عن رجل مثير للجدل مثل الترابي، نذر الاعتكاف من أجل كتابة، وبالتالي وبالضرورة (قول) ما يفيد الناس. وطالما أن الرجل نذر الاعتكاف من أجل هدف محدد، فهو بالتالي ورط نفسه في عهد وميثاق غليظ مع الله سبحانه وتعالي. فنذر الاعتكاف هو‏ إيجاب فعله وإلزام النفس به تقربا إلى الله، وهو أيضاً هو أخذ عهد على النفس بالقول على فعل شيء ما.
لكن الترابي لن يفعل، لأنه لم يفعل من قبل، ولن يوفي لأنه لم يوف من قبل، فماذا يريد الرجل أن يكتب، وماذا يريد أن يقول؟ لماذا لا ينتقد تجربته في الحكم وفي الفكر وفي ممارسة السياسة بطريقة غير رشيدة وضعت البلاد كلها في مزالق خطيرة.
ولأن الاعتكاف ليس إلا خلوة مع النفس ومحاسبتها ونقدها وتصويب مسارها، كان من الأجدى والأنفع للرجل وللبلد كله وللفضاءين السياسي والديني أن يعلن اعتزاله وتفرغه لإسداء النصح والإرشاد والوعظ، هذا إن تبقى من جمهوره من يثقون بحكمته وتأثيره وصدقه.
من حق أي مؤمن أن يسأل خالقه وبارئه أن يعطيه كتابه بيمينه، فقط عليه أن يعلم أن الأمر ليس بهذه السهولة، وإلا لكانت (الدنيا خربت)، يفعل الناس ما يشاءون ثم يجأرون بالدعاء لله، بأن يجنبهم إعطاءهم كتبهم (وراء ظهورهم). ثم تنظر إليهم فتجدهم فعلوا كل شيء من وراء ظهر هذا الشعب العظيم.
دعونا نغادر كل هذا الركام إلى الحقيقة الساطعة، وهي أن إدارة الدول بنجاح والممارسة النظيفة للأنشطة السياسية والدعوية والفكرية والثقافية لا تحتاج إلى اعتكاف، وإنما تحتاج إلى برامج وخطط واستراتيجيات وضمائر يقظة وعمل دؤوب وإعمالاً لمبادئ الشفافية والمحاسبية ومن (أين لكم هذ؟).. وهلم جرا.. لذلك كله، فإننا مضطرون للتعليق على نتائج اعتكاف الشيخ بعبارة (يُنظر ويُفاد). ‏


تعليق واحد

  1. اولا من قال لك الشعب عظيم فالعظيم الله يا الشاعر بالعظمة انت شعب كسول ويجيد الكي مثلك بلا عمل انت خليك بنفسك وبنفس اسلوب كتابك هذا وانت تعطي لنفسك حرية اختيار الكلمات والعبارات التي تجرح العلما والمفكرين بالناس ايضا لها ان تكتب وتقول ماتره صحيح فله ولك ماتريدون